نعت نقابة الصحفيين فى مصر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، واصفة إياه بأنه رمز وقامة كبيرة من أعضائها، الذى أعطى للإنسانية وللأمة العربية ولمصر جهده وفكره وصلابة موقفه وريادته الفذة فى مهنة الصحافة وفى الكتابة الصحفية والمراجع السياسية والتاريخية.
وقال بيان النقابة، إن بصمة هيكل فى كل تلك المجالات كانت وستبقى فريدة فى تميزها سواء من حيث القدرة على الوصول للمعلومات من أدق وأرقى وأوثق مصادرها، أو من حيث السبق وسبك المادة الصحفية بحرفية فذة وصوغها بلغة متفردة، حيث كان له الفضل فى كتابة العديد من المصطلحات التى لم تكن موجودة وصارت شائعة مشهورة.
وتابع البيان: "لم ينفصل هيكل المواطن عن وطنه وأمته لحظة واحدة ولم يفصل بين المرونة فى إدارة العملية الصحفية وبين الصلابة فى التمسك بقواعد المهنة والإصرار على اتخاذ المواقف المبدئية فى الحياة العامة، وكان أن دفع ثمن ذلك بالسجن والمنع من النشر فى وطنه وبحملات التشهير، ولم ينل كل ذلك من عزيمته ولم ينجر لحظة إلى معارك جانبية".
واستطرت: "كان العمل مع هيكل والانتماء لمدرسته فخرا لمن شاء حظهم أن يعملوا معه وأن ينتموا لمدرسته، بل إن إحدى سماته المتميزة كانت عمق علاقاته الإنسانية مع أطياف وأجيال من الصحفيين والمفكرين والباحثين والسياسيين، وظل لآخر أيامه حريصا على التواصل مع الناس متواضعا بغير تكلف ومترفعا بغير صلف، وكانت ذخيرته المعرفية الشاملة الممتدة من حافظة شعرية جبارة إلى ذاكرة تاريخية لا تعرف الوهن إلى الاطلاع على كل ما هو حديث ومعاصر من المصادر والمراجع ورحلاته ومقابلاته مع مفكرى العالم وسياسييه وكبار صحفييه، ذخيرة تتجلى فى كتاباته وكتبه وجلساته".
وقالت النقابة إنها تحتفظ للراحل الكبير بالعديد من المواقف دفاعا عن حرية الصحافة باعتبارها إحدى الحريات العامة ولا تنسى له موقفه الشهير عندما وجه رسالة لأعمال الجمعية العمومية الطارئة فى العاشر من يونيو 1995 لرفض التعديلات التى أقرها مجلس الشعب فى حينها، وكانت تمثل عدوانا على حرية الصحافة وقال فيها "إنها ليست أزمة قانون ولكنها أزمة سلطة شاخت على مقاعدها" وكان لكلمته أثر كبير فى أعمال الجمعية العمومية التى ظلت فى حالة انعقاد مستمر على مدى عام، كما لا تنسى له اختياره للنقابة لتحضن مشروعه الذى ترك به وصية لأولاده فى قيام مؤسسة هيكل.
ولا تنسى أيضا عندما تم اختياره بالإجماع عام 2000 ليكون أول من يحصل على الجائزة التقديرية "الهرم الذهبى"، وقال فى الاحتفال الذى حضره آلاف من شباب الصحفيين إنه "يعف عن قبول الجوائز والتكريم ولكنه لا يستطيع أن يرد جائزة تأتى إليه من نقابته"، وكأنه أراد أن يعلى من قيمة الكيان النقابى وأن يصل بهذه الرسالة وهذا النموذج لأجيال عديدة، كما لا ننسى له رغبته التى أخطرنا بها منذ شهور قليلة بتخصيصه جائزتين بقيمة مالية كبيرة تخصص لشباب الصحفيين.
وأوضحت أنها تواصلت فى الأيام الأخيرة مع الراحل العظيم وهى بصدد الإعداد للاحتفال باليوبيل الماسى على إنشاء النقابة الذى يوافق 31 مارس المقبل، وكان شديد الحماس للحدث والمناسبة، لكن قدر الله وما شاء فعل، لكننا نعد الأستاذ أن تكون هذه الاحتفالية مناسبة حضور لكل ما تركه وسيظل باقيا لنا جميعا.