قضت المحكمة الدستورية العليا، اليوم السبت، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، برفض الدعوى التى أقيمت طعنًا بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955، والمادتين الثامنة والتاسعة من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008.
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا على أن الأصل أن يتوخى المشرع بالضريبة التى يفرضها، أمرين يكون أحدهما أصلًا مقصودًا منها ابتداءً، ويتمثل فى الحصول على غلتها، لتعود إلى الدولة وحدها لتعينها على مواجهة نفقاتها، ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفــــــة عرضية أو جانبية أو غير مباشرة، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التى تتناولها، أو حمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلى عن نشاطهم، وعلى الأخص إن كان مؤثمًا جنائيًا. وينبغى أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتوى النظام الضريبى وغاية يتوخاها، ويتعين تبعًا لذلك – بالنظر إلى وطأة وخطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمنًا عليها بمختلف صورها؛ محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها.
وأشارت المحكمة إلى إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العدالة فى غاياتها لا تنفصل علاقتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلاً لأهدافها، فإذا ما زاغ ببصره عنها أو أهدر القيم الأصيلة التى تحتضنها، كان منهيًا للتوافـــــــــق فى مجال تنفيذه، ومسقطًا كــــــــــل قيمة لوجـــــوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاؤه، وحيث إن التنظيم التشريعى للضريبة العقارية فى القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955 يقوم على فرض ضريبة مباشرة سنوية على العقارات المبنية، تقدر على أساس القيمة الإيجارية للعقار، ويلتزم بها المستفيد من العقار. وقد أعفى المشرع بعض العقارات من هذه الضريبة على النحو الوارد فى المادة (21) منه، ومنها العقارات المملوكة للدولة، وكذا العقارات المملوكة لمجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية والمحلية المخصصة لمكاتب إدارتها أو للخدمات العامة، سواء كانت هذه الخدمات تؤدى بالمجان أو بمقابل كمبانى عمليات الكهرباء والغاز والمياه والمجارى والاسعاف وإطفاء الحرائق والمذابح والمغاسل العامة وما شابهها، أى أن مناط الاعفاء فيها هو تخصيص تلك العقارات للمنفعة العامة مباشرة، أما إذا تم الترخيص للغير بامتياز استغلالها انتفى مناط الإعفاء.
وقالت: متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد تغيا بالنص المطعون فيه فرض الضريبة العقارية على العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التى تدار بطريق الالتزام، المقامة على أرض مملوكة للدولة، والتى ينص فى عقد الالتزام على أيلولة ملكيتها إلى الدولة فى نهاية مدة الالتزام، وذلك طوال مدة استغلال وانتفاع الملتزم بها، وصولاً إلى شمول فرض هذه الضريبة لمختلف الأموال التى تمثل وعاءً حقيقيًا لها، بما يكفــل تحقيق العدالة الاجتماعية التى جعلها الدستور أساسًا لبناء النظــــــــام الضريبى، وهو ما التزمه النص المطعون فيه، فليس ثمة ما يبرر إعفاء هذه العقارات تمييزًا لها عن غيرها، فهى تُدار وتُستغل بواسطة أشخاص القانون الخاص، للاستثمار وتحقيق ربح لهؤلاء الأشخاص، وتُدر دخلاً سنويًا يقتضى فرض الضريبة عليها أسوة بكافة العقارات التى يسرى عليها القانون، وبذات الأسس التى تُطبق بشأنها، ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يندرج فى نطاق سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق والحريات، دون افتئات عليها أو مساس بجوهرها وأصلها، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقع يرتبط بالإغراض المشروعة التى توخاها، برابطة منطقية وعقلية، دون تناقض بين فرض الضريبة فى هذه الحالة ومفهوم العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى، ولا يخالف الدستور .