بخطوات متثاقلة وعيون شاردة فى الماضى، تستعيد ذكرى كل نفس قتلها بدم بارد؛ من أجل أن تحقيق حلمه فى الثراء السريع، اتجه سعد إسكندر عبد المسيح نحو غرفة الإعدام، بسجن الحضرة بالإسكندرية، ليلاقى القصاص العادل، الذى قضت به المحكمة، عقاباً له على ما اقترفه من جرائم بشعة، اقشعرت لها أبدان الأهالى بمحافظة الإسكندرية، فى ذلك الوقت من منتصف القرن العشرين؛ حتى عُرف حينها بـ"سفاح كرموز".
بعد أن قتل عشيقته بمحافظة أسيوط وسرق أموالها، هرب "سفاح كرموز" إلى محافظة الإسكندرية، وهناك بدأ سلسلة جرائم متتالية، كان أولها قتله سيدة فى التسعين من عمرها تدعى "بمبة" وسرقته أموالها، وشروعه فى قتل فتاة تدعى "قطقوطة" شاهدته أثناء خروجه مهرولاً من منزل ضحيته؛ إلا أن العناية الإلهية انقذتها، وكادت أن تؤدى به إلى السجن، لولا فطنة محاميه الذى وضع يده على خيط هام فى القضية، أدى بجهات التحقيقات للإفراج عنه.
تتابعت جرائم "سفاح كرموز" وأحدة تلو الأخرى، ففى عام 1951 استدرج تاجر اقمشة متجول إلى شونة لتخزين الغلال كان قد استأجرها على ترعة المحمودية، وما أن اطمئن إليه التاجر حتى هوى على رقبته بـ"ساطور"، فسقط قتيلاً فى الحالة، وفى شهر نوفمبر من نفس العام كان السيناريو الذى رسمه القدر لسقوط "إسكندر" قد أعد بإحكام، فبعد أن سدد طعنة نافذة لتاجر أقمشة فى محاولة لسرقته، نجح التاجر فى الافلات منه، وهو مصاب، يركض فى الطريق محاولاً الهرب.
خرج "إسكندر" مسرعاً خلف ضحيته للإجهاز عليه، وفى اثناء ذلك شاهد أحد العمال المستقلين سيارة نقل على الطريق تلك المطاردة، فأسرع على الفور وابلغ رجال البوليس بما شاهده، ومن هنا بدأ رجال الأمن فى تتبع الخيوط، وعثروا خلال بحثهم على جثة تاجر الاقمشة داخل الشونة التى استأجرها "سفاح كرموز"، والذى اختفى عن الأنظار، وبدأ رحلة هروبه مرة أخرى إلى بلدته؛ ليختبئ عن عيون الشرطة، ولكن القدر كان قد أحكم قبضته عليه، فلم يدع له مجالاً للهروب.
على مشارف محافظة أسيوط سقط السفاح، بعد ان استوقف ملازم شاباً أتوبيس ركاب كان يستقله فى كمين أمنى، وأثناء تفحصه فى وجوه الركاب، اثارت ملامح "سعد" الضابط، فسأله عن أسمه فرد فى ارتباك شديد "جورج عبد السلام"، وهو ما زاد شكوك الضابط، فكيف يكون "جورج" ووالده "عبد السلام"، فأعاد عليه السؤال مجدداً، فأجابه "جورج عبد الملك"، فتنبه الضابط لاختلاف الإجابة، والقى القبض عليه، بعدما تبين له أنه لا "جورج عبد السلام" ولا"عبد الملك"، ولكنه سعد إسكندر عبد المسيح "سفاح كرموز".
أُدين "سفاح كرموز" بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فضلاً عن الشروع فيه، وصدر حكماً بإعدامه شنقاً، وفى 25 فبراير عام 1953 اقتيد إلى غرفة الإعدام، وقبل إعدامه بدقائق قليلة سألها مأمور السجن السؤال المعتاد، عما إذا كان يريد شيئاً قبل تنفيذ حكم إعدامه، فأجاب بهدوء شديد وابتسامة غير مباليةً قائلاً:"أريد كوب ماء وسيجارة".