لم تكن عصابة "ريا وسكينة"-رغم الإثارة التى أحاطت بقصتهما والاهتمام الكبير الذى حظيت به- الأولى من نوعها، الذى اتخذت من أسلوب خطف السيدات وقتلهن لسرقة مشغولاتهن الذهبية منهجاً لها، ولكن سبقها فى مدينة طنطا عاصمة محافظ الغربية عصابة أخرى، تزعمها رجل يدعى "محمود علام"، والذى سقط فى قبضة الأجهزة الأمنية قبل أشهر قليلة من سقوط "ريا وسكينة" فيما بين عامى 1919 و 1920 ميلادياً.
بعد تداول قضيته أمام ساحات القضاء، صدر حكم محكمة جنايات طنطا، بإعدام السفاح "محمود علام" شنقاً؛ بعدما وجهت له اتهامات بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فى تلك اللحظة التى لم يعد للصمت فيها مكاناً، قرر "علام" أن يفصح عن كل ما فى جعبته، حتى لا يكون كبش الفداء الوحيد، الذى ضحى به من أجل الأخرين، وقرر الاعتراف بكل تفاصيل القضية،كاشفاً الستار عن 11 متهم أخرين ساعدوه فى ارتكاب جرائمه.
تفاصيل قضية سفاح النساء محمود علام، لم تختلف كثيراً عن تفاصيل قضية "ريا وسكينة"، فقد اعترف "علام" أمام جهات التحقيق، انه وباقى أفراد عصابته تولوا غواية النساء واقتيادهن إلى ثلاثة منازل بمدينة طنطا، من أجل ممارسة الرزيلة معهن، وهناك تولوا قتلهن وسرقة ما بحوزتهن من نقود أومصوغات ذهبية وملابس، وكانت تقسم الغنائم على أفراد التشكيل العصابى بالكامل، مع تخصيص حصة للمنزل، إلا أنه نفى قيامه بالاشتراك فى القتل وأن دوره اقتصر على غواية النساء.
الخطة التى وضعها "علام" لغواية النساء وإيقاعهم فى غرامه، وفقاً لصلاح عيسى فى كتابه "رجال ريا وسكينة"، هى تظاهره أنه من أعيان الأرياف والأثرياء، ثم استدراجهن إلى حيث يقوم غيره بقتلهن، واعترف بأنه كان يقلد السفاح الفرنسى الشهير "لاندرو" فيقوم بحرق جثث بعضهن فى فرن بمنزله فيما عدا الرأس، فكان يتخلص منه بدفنه وإلقائه فى ترعة الجعفرية؛ حيث كان يلقى أحياناً بجثث بعض الضحايا، ممن يصعب عليه حرقها.
السفاح "لاندرو" الفرنسى بدأت قصته أبان الحرب العالمية الأولى، بوضعه إعلانات في أقسام القلوب الوحيدة بصحف باريس، يرغب بلقاء أرملة بهدف الزواج، وبتلك الحيلة أغوى "لاندرو" النساء اللائي جئن إلى فيلته الباريسية، وبعد أن يتمكن منهن يقتلهن ويحرق جثثهن المقطعة الأوصال في فرنه، إلى أن سقط فى قبضة الأمن وحوكم بـ11 تهمة قتل، وحكم عليه بالإعدام، وأعدم بالمقصلة بعد ثلاثة أشهر في مدينة فرساى.