فى إطار علاج مشكلة الزيادة المضطردة فى عدد القضايا، ولتبسيط سير الإجراءات القانونية على القراء ولإثراء معلوماتهم القانونية، يستعرض "انفراد" معلومات قانونية عن كيفية تحقيق جريمة الزنا، والعقوبات التى نص عليها القانون فى حالة الثبوت.
تعريف الزنا:
يمكن تعريف إثبات جريمة الزنا بصفة خاصة على أنه إقامة الدليل لدى السلطات المختصة بالإجراءات الجنائية على تحقيق واقعة ارتكاب الزنا، وذلك بالطرق التى حددها القانون، وتنص المادة 276 من قانون العقوبات على أن "الأدلة التى تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هى القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى بخطه أو وجوده فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم".
أدلة الإثبات ضد شريك الزوجة الزانية:
أولا: التلبس.
ثانيا: الاعتراف.
ثالثا: الأوراق المكتوبة.
رابعا: وجوده فى المحل المخصص للحريم فى منزل مسلم.
التلبس:
نصت المادة 276 عقوبات على أن التلبس يعد دليلا ضد شريك الزوجة الزانية، بيد أنه يجب التفرقة بين التلبس الوارد فى المادة 276 عقوبات وبيت التلبس الوارد فى المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وتنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة".
الاعتراف:
يختلف الاعتراف فى قانون الإجراءات الجنائية عن الاعتراف فى القانون المدنى، فالاعتراف فى هذا القانون الأخير هو اعتراف الخصم بواقعة قانونية مدعى عليه بها، وذلك اثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة (1)، أما الاعتراف فى قانون الإجراءات الجنائية فهو كما يعرفه بعض الفقه بأنه إقرار المتهم على نفسه بصدور الواقعة الإجرامية عنه، على هذا فانه يجب أن يصدر الاعتراف عن ذات شخص المتهم، أما ما يصدر عن غيره فانه يعد شهادة، ويجب أن يقرر المتهم انه اقترف الواقعة الإجرامية.
الأوراق المكتوبة الصادرة من الشريك:
الدليل الثالث الذى يؤخذ به فى مواجهة الشريك فى زنا الزوجة هو صدور أوراق مكتوبة منه، ويعنى بهذا تلك الأوراق والمحررات التى يكتبها الشريك بخط يده، وقد تطلب المشرع أن تكون هذه الأوراق مكتوبة بخط يد الشريك ذاته، يستوى أن يكون التوقيع كتابة أو بصمة أو ختما، ولكن يشترط أن يكون عالما بما يحتويه هذا المحرر، وأن يكون المحرر مكتوبا أو موقعا باللغة العربية أو أى لغة أخرى.
إملاء الشريك المحرر على شخص اخر:
الفرض هنا أن الشريك لم يوقع المحرر ولم يبصمه أو يختمه بخاتمه، والمشرع تشدد فى الدليل الذى يجب أن يقام ضد الشريك فى زنا الزوجة حفاظا على السمعة، والشريعة الإسلامية الغراء هى أيضا قبل المشرع الوضعى قد ضيقت إلى أبعد الحدود الأدلة التى تقام على الزانى أو الزانية.
التسجيلات الصوتية الصادرة عن الشريك:
قد يقوم الشريك فى الزنا بتسجيل ما يريده تسجيلا صوتيا، بحيث يفهم منه أنه ارتكب الفعل المجرم قانونا، أو أن يكون ثمة جهاز تسجيل موجودا ويسجل كل صوت صادر من الشريك أو الزوجة أثناء قيامهما بالفعل المكون للجريمة، فهل يعتبر هذا التسجيل الصوتى دليلا ضد الشريك فى زنا الزوجة؟ وإذا أضفنا إلى ذلك أن التسجيل قد يكون غير نقى، وأيضا فبعض الناس يكون لديهم إلى درجة كبيرة جدا صوتا متشابها مع بعض الناس الآخرين بحيث لا يمكن التمييز بينهما إلا بصعوبة.
الصور الفوتوغرافية:
يجب أن نميز بين ما إذا كانت هذه الصور الفوتوغرافية هى صور لتلك المكاتيب والأوراق الأخرى الصادرة من الشريك أو هى صور تجمع بين كل من الشريك والزوجة والتى يتبين منها أنهما فى وضع مريب، فإذا كانت هذه الصور من قبيل النوع الأول فإنها تعتبر حجة طالما ثبت للقاضى أنها صور طبق الأصل للمحرر الصادر عن الشريك، وبالتالى فإنه يمكن إدانة الشريك بناء على هذه الصور الفوتوغرافية لهذه الأوراق والمحررات الصادرة عن هذا الشريك.
أما إذا كانت الصور تجمع بين كل من الشريك والزوجة فى وضع مريب، فقد ذهب البعض إلى أنها تعتبر فى الواقع دليلا على التلبس بالزنا، إذ أن الصورة التى يظهر فيها المتهمان وهما يرتكبان ذات الفعل المجرم تنبئ بذاتها عن سبق حالة التلبس، ولكن يجب على المحكمة أن تتأكد من سلامة الصورة عن طريق الاستعانة بأهل الخبرة.
رابعا: وجود الشريك فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم
فيجب أولا تواجد الشريك فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم، ونرى أنه لا يشترط ولا ضرورة فى مشاهدة الشريك موجودا فعلا فى هذا المكان، فكل ما يشترطه المشرع هو تواجد الشريك فى المحل المخصص للحريم، ولذلك نرى أنه لو استطاع صاحب الشأن أن يثبت أن الشريك كان موجودا فعلا فى المنزل فإنه يمكن مساءلة الشريك عما اقترفه من فعل بالرغم من أن أحدا لم يره عندما كان موجودا فى المنزل.
إثبات زنا الزوجة وزنا الزوج وشريكة الزوج الزانى
الأدلة الواردة فى المادة 238 عقوبات هى التى يقتضيها القانون فى حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا، وأما الزوجة أو الزوج أو الشريكة فلم يشترط القانون بشأنهم أدلة خاصة، وبذلك يمكن القول أن الأدلة العامة فى الإثبات هى التى تسرى ضد الزوج والزوجة وشريكة الزوج فى الزنا، ويمكن القول فى هذا الصدد أن أهم دليل إثبات يكون القرائن، فهى الدليل العملى الذى يتبع إثباته، وذلك لأن الزنا يقتضى ارتكاب فعل الوطء وهو أمر يكاد لا يمكن مشاهدته.
أولا القرائن:
تعتبر القرائن من أدلة الإثبات غير المباشرة، بمعنى أنها ليست تلك التى تنصب على واقعة الزنا نفسها ولكن تقع على واقعة أخرى تكون ذات صلة وثيقة بفعل الزنا، والقرائن اما قانونية أو قضائية، فالقرائن القانونية وضعها المشرع بنصوص قانونية، فإذا ما وجدت هذه القرائن أعفى صاحب الشأن من تقديم الإثبات بصحة ما يدعى، فإذا توافرت قرينة من القرائن على أن فعل الزنا قد حدث فإنها تصلح أن تكون دليلا قويا كاملا، ويجوز الاعتماد عليها وحدها فى الإدانة، ولذلك ذهبت محكمة النقض إلى أن القرائن من طرق الإثبات الأصلية فى المواد الجنائية، فللقاضى أن يعتمد عليها دون غيرها، ولا يصح الاعتراض على الرأى الصادر منها مادام سائغا مقبولا.
ثانيا الاعتراف:
الاعتراف إقرار شخص بارتكاب واقعة مجرمة قانونا، وبالتالى يجب فى الاعتراف هنا لكى يكون دليلا ضد الزوجة الزانية والزوج الزانى وشريكة الزوج فى الزنا أن يقر المتهم بأنه اقتراف واقعة الوطء فعلا مع غير زوجه، ويجب أن يصدر الاعتراف من ذات شخص المتهم بأنه هو الذى ارتكب الفعل المؤثم قانونا فلا عبرة باعتراف صدر من شريكة الزوج فى الزنا وقررت أن رجلا غير زوجها هو الذى باشر معها الوطء، ويجب أن يكون هذا الاعتراف صريحا وصحيحا، فلا عبرة باعتراف ضمنى أو صادر عن إرادة معيبة، ويستوى أن يكون الاعتراف شفويا أو كتابة أو أمام شخص عادى أو أمام الشرطة أو النيابة، ومن باب أولى أمام القاضي، كما يستوى أن الاعتراف يكون محررا فى ورقة رسمية أو عرفية.
ثالثا الشهادة:
يمكن تعريف الشهادة بأنها تقرير يصدر عن شخص فى شان واقعة عاينها بحاسة مـن حواسه (5)، فيجب على الشاهد الذى يشهد على واقعة الزنا أن يقرر أنه عاين بحاسة من حواسه واقعة بحيث يستنتج منها القاضى أن فعل الزنا قد وقع فعلا.
أدلة إثبات أخرى:
نرى أن من الأدلة التى يجب الاعتماد عليها ما نصت عليه المادة 276 عقوبات، فهى وان كانت حصرت الأدلة ضد شريك الزوجة الزانية، إلا أنه لا مانع فى رأينا للأخذ بها كدليل ضد الزوج والزوجة وكذلك شريكة الزوج فى الزنا، فيمكن أن يدان الزوج إذا شوهد فى حالة لا تدع مجالا للشك أن فعل الوقائع قد حدث فعلا، ويجوز أن تعاقب الزوجة الزانية إذا وجد معها أوراق أو مكاتيب مكتوبة بخط يدها أو عليها إمضاؤها أو توقيعها.