التاريخ لا ينسى العظماء والحوادث المرتبطة بهم تحفر على جدرانه، ففى مثل هذا اليوم من عام 1881 كان حديث الشارع المصرى هو القبض على أحمد عرابى وعلى فهمى وعبد العال حلمى، وكان الثلاثة على درجة أميرلاى بالجيش المصرى.
الكواليس والأسباب
بدأت الكواليس ليلة 16 يناير عام 1881 عندما اجتمع أحمد عرابى فى منزله مع مجموعة من كبار قادة الجيش من المصريين لمناقشة قرارات ناظر الجهادية عثمان باشا رفقى التى تقضى بعدم ترقية الضباط المصريين إلى الرتب العالية والتى عرفت باسم "مؤامرة الشراكسة"، وسبل التصدى لاضطهاد الضباط المصريين من قبل ناظر الجهادية، واتفق الجميع على اختيار عرابى نائبا عنهم وكتابة عريضة يطالبون فيها بإقالة ناظر الجهادية، ووقع على العريضة الأميرالاى على فهمى وعبد العال حلمى، وتوجهوا فى صباح اليوم التالى إلى مقر نظارة الداخلية لتقديمها.
وفى 31 يناير اجتمع مجلس الوزراء برئاسة الخديوي وقرر تكليف وزير الحربية بإلقاء القبض على الضباط الثلاثة وتقديمهم للمحاكمة العسكرية.
وفى 1 فبراير 1881 دعا وزير الحربية الضباط الثلاثة إلى قصر النيل وهناك تم تجريدهم من أسلحتهم وإلقاء القبض عليهم وإيداعهم فى السجن تمهيدا لتقديمهم للمحاكمة العسكرية، فلما علم الآلاى الأول بقشلاق عابدين بالقبض على الضباط الثلاثة أمر البكباشى محمد عبيد بسرعة التوجه إلى قصر النيل لتحرير زملائهم، وهجم جنود الآلاي على القصر، وهرب عثمان رفقى من أحد النوافذ، وتم تحرير الضباط الثلاثة، وخرجوا جميعا إلى ميدان عابدين ووجد الخديوى نفسه مجبرا على قبول طلباتهم.
تأثير القبض على عرابى فى الحياة السياسية بمصر
من بداية الكواليس بدا واضحا دور تجمع الضباط حول عرابى واختياره نائبا عنهم ليتحدث باسمهم، وبدعم من الآلاى الأول بقشلاق عابدين لعرابى وعدم تركه وزملائه لتقديمهم للمحاكمة وكان للحادث بالغ الأثر على الحياة السياسية فى مصر، حيث بدأت تقوى شوكة عرابى كمناهض للنفوذ الأجنبى فى مصر، كما أرغم الخديوى على أن يوافق مجبرا على طلبات الضباط وعزل عثمان رفقى وعين محله محمود سامى البارودى، كما علم المصريون أنه من الممكن أن تقف فى وجه الظلم وأن تنتزع العدالة بالقوة، وأن طلباتهم لا تنفذ بالعرائض والاستجداء.