ما بين البراءة والعقوبة والإعفاء وإيقاف التنفيذ..متى تطبق هذه الأحكام؟

المكان: محكمة جنايات القاهرة الزمان: بداية الأسبوع الحالى الحدث: "حاجب المحكمة يخرج من غرفة المداولة بصوته الجهورى ليردد كلمته الشهير (محكمة)، وذلك بعد الإنتهاء من كتابة هيئة المحكمة للأحكام، فى ظل زحام الأهالى داخل القاعة وهم يتنفسون الصعداء ويتصببون عرقاَ فى جو شديد الحرارة ويئنون ويعتصرون ألما فى قاعة يلؤها الدخان". تخرج هيئة المحكمة من غرفة المداولة ويجلس أفرادها على المنصة ويصدرون الأحكام على المتهمين فى ظل صمت المتواجدين لتكون الأحكام ما بين مؤبد و15 سنة وبراءة والسجن مع إيقاف التنفيذ والإعفاء، بينما تعلو الأصوات بالصراخ والعويل حيناَ حزنا على أحكام العقوبة لأبنائهم، وبالزغاريط أحيانا أخرى فرحاَ وتهليلاَ على أحكام البراءة أو الإعفاءات..وهنا تخرج التساؤلات من أفواه الأهالى، مرددين.. ليه دول أحكام ودول براءة ودول إعفاء ودول وقف تنفيذ العقوبة؟ أو بمعنى أدق لماذا المحكمة استعملت الرأفة مع متهمين، بينما صعدت العقوبات مع آخرين، فضلاَ عن الإعفاء منها لمتهم وإيقاف تنفيذها لآخر، وما هى الفروق الجوهرية بين مسألة الإيقاف والإعفاء؟ وفى الحقيقة العقاب فى القانون الجنائى على مستوى العالم يهدف بشكل مباشر إلى حماية المجتمعات وقيمها وثوابتها، وكذلك حماية الانسان وممتلكاته وأمواله، وفكرة العقاب تهدف فلسفتها فى تنفيذ العقوبة الصادرة بالمواد الجنائية سواء الاعدام أوالسجن أوالحبس أوالغرامة، لتحقيق مسألة الردع ما بين الخاص والعام حيث أن الردع العام من الناحية القانونية يكون بمثابة تنبيه وتحذير للآخرين من مخالفة الشارع أو القانون، بينما الردع الخاص يزجر وينهى الجانى وإيلامه لما اقترفت يداه من إثم وجرم فى حق غيره. فى هذا الشأن، يقول الدكتور أحمد الجنزورى، استاذ القانون الجنائى والخبير القانونى، أن العقوبات فى حقيقة الأمر تنقسم إلى عقوبة أصلية وعقوبة تكميلية كالتالى: العقوبة جزاء جنائي : العقوبة جزاء يقابل الجريمة، وكون الجزاء يأتي لاحقاً لفعل ومترتباً عليه، فلا يجوز توقيع عقوبة ما لم ترتكب جريمة وتثبت ثبوتاً يقيناً بموجب حكم الإدانة في حق المتهم المراد عقابه عن تلك الجريمة . واعتبار العقوبة جزاء لجريمة يخلع عليها طابعاً جنائياً ، فيميزها عن جزاءات أخرى ليس لها هذا الطابع كالتعويض المدني والجزاء التأديبي .وكون العقوبة جزاء جنائي يخلع عليها طابعاً اجتماعياً ،إذ أنها مقررة لصالح المجتمع وليست مقررة لمصلحة المجني عليه أو المضرور من الجريمة . وبناءً على ذلك فالمجتمع هو صاحب الحق في العقاب ، وهو وحده دون سواه الذي يملك التنازل عنه . العقوبة إيلام مقصود : صورها : إيلام معنوي – إيلام جنائي، إيلام مادي . جوهر العقوبة هو الإيلام، وتتعدد صور الإيلام بتعدد وتنوع الحقوق التي يمس بها، فقد يتخذ صورة الإيلام البدني، كعقوبة الإعدام التي تمس حق الحياة، وقد يتخذ صورة الإيلام المعنوي كالعقوبات النفسية، وهي نشر الحكم وإلصاقه، التي تمس المحكوم عليه في سمعته واعتباره، وقد يكون الإيلام مادياً كالعقوبات المالية مثل الغرامة التي تمس حق الملكية . ويكفي في العقوبة أن يكون من شأنها الإيلام، والضابط في ذلك هو الشخص المعتاد، فلا تفقد العقوبة صفتها، ولو ثبت أن بعض المحكوم عليهم لم يشعر بألمها، لأن العبرة بما أريد لها وهو أن تكون ألماً، وبهذا الأثر النفسي يتولد شعور بالخوف لدى عامة الناس من توقيع العقاب المترتب على مخالفة قواعد قانون العقوبات مما يضمن احترامها. -على سبيل المثال عقوبة أصلية تعود على مال المتهم وممتلكاته مثل الغرامة، أو ترجع على حريته مثل السجن والحبس أو ترد على جسده كعقوبة الاعدام. -العقوبة التبعية التى على حقوق المتهم أو الجانى نفسه، وذلك بفقده أو بحرمانه من المزايا وعدم التحلى بالرتب والشهادة أمام المحاكم، وكذا العزل من الوظائف الاميرية، والوضع تحت مراقبة الشرطة، فضلا عن مصادرة الأموال والممتلكات الخاصة. مسألة استعمال الرأفة وعن مسألة استعمال الرأفة – وفقا لـ«الجنزورى» - فقد تكون هناك من ظروف شخصية وملابسات متعلقة بالجانى، الأمر الذى يبرر معه للقاضى جواز أستعمال الرأفة مع الجانى، وذلك بغرض تحقيق المصلحة الإجتماعية أفضل كإلشد من أزر المحكوم عليه وإصلاح حاله، تمهيدا لتهذيب سلوكه وعدم عودته مستقبلا لارتكاب الجرائم، فعندئذ يجوز تخفيف العقوبة، وتبديلها والنزول بها عن الحد المنصوص عليه قانونا الى درجة أو درجتين أدنى وأخف اعمالا لنص المادة -17- عقوبات. أما فى حال إذا ارتأت المحكمة من سن الجانى أو اخلاقه أو ماضيه أو ظروف وملابسات ارتكاب الجريمة، ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون، وسوف يقلع عن أفعال الجريمة، جاز لها فى الجنايات والجنح عند الحكم بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر بايقاف تنفيذ العقوبة؛ المقيدة للحرية، كما يجوز لها أن تجعل الإيقاف شاملا لأي عقوبة تبعية، ولجميع الآثار المترتبة على الحكم عملا بنص المادة -55- من ذات القانون، ويكون وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذى يصبح فيه الحكم نهائيا، وإذا صدر ضد المحكوم عليه خلال تلك الفترة حكم بالحبس أو تبين سبق صدور حكم ضده بالحبس، جاز الغاء وقف تنفيذ العقوبة التزاما بنص المادة – 56- من القانون الاخير. وقف تنفيذ العقوبة أما عن وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها، إنما المقصود به العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقى، دون غيرها من الجزاءات الأخرى التى لا تعتبر عقوبات بحتة فى عرف القانون حتى لو كان فيها معنى العقوبة، مثل الغرامات والرسوم وغيرها من العقوبات، فلا يوقف تنفيذها، كما يجوز طلب إيقاف التنفيذ مؤقتا بطريق الاشكال فى التنفيذ متى كان هناك خطأ فى شخصية المحكوم عليه. الإعفاء ووقف تنفيذ العقوبة يختلف بشكل كبير وقف تنفيذ العقوبة عن الاعفاء منها الذى قد يكون عند الحكم أو بعد صدوره، فالاعتبارات تتعلق بمكافحة الفساد والحث على الابلاغ عنه، ففى جرائم الاعتداء على المال العام مثل الرشوة والإختلاس وغيرها، إذا ما اعترف المتهم بالجريمة وابلغ عن مرتكبيها وأرشد عنهم يتم اعفاء الجانى من العقاب عند النطق بالحكم. وتحقيقا لمصالح اجتماعية أو لمبررات واعتبارات انسانية أوامنية وغيرها، فإنه لولى الأمر أن يصدر أمرا أو قرارا باعفاء الجانى من العقوبة والافراج عنه، أو اسقاط بعض العقوبة المحكوم عليه بها أو إبدالها بعقوبة أخف منها عملا بنص المادة «74» عقوبات، كما أنه حرصا من المشرع على إذكاء قيم التسامح والتصالح بين عناصر المجتمع فقد نص فى قانون العقوبات وبعض القوانين الخاصة على انقضاء الدعوى العمومية إذا حدث تصالح بين الخصوم فى قضايا الضرب والنصب وخيانة الامانة والضرائب والشيكات وغيرها، وعندئذ يكون حكم القاضى بانقضاء الدعوى بالتصالح دون القضاء بالعقوبات المقررة قانونا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;