أحداث "مذبحة كرداسة" من الوقائع التى تعتبر بمثابة خير شاهد ودليل على جرائم جماعة الإخوان الإرهابية بعد فض اعتصامى "رابعة العدوية" و"النهضة" المسلحين، تلك الواقعة الآثمة التي تعود أحداثها إلى صبيحة يوم 14 أغسطس 2013، بالتزامن مع تحرك الجهات الأمنية لفض اعتصام أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسى، بميداني رابعة والنهضة.
وقائع مذبحة كرداسة
وثائق ومعلومات القضية 12749 لسنة 2013 جنايات مركز كرداسة، المقيدة برقم 4804 لسنة 2013 كلى شمال الجيزة، كشفت عن الوجه القبيح الإرهابى لاقتحام عناصر جماعة الإخوان المسلحة مركز شرطة كرداسة، والقيام بقتل مأمور المركز، ونائبه، و12 ضابطا، وفرد شرطة، اعتراضاَ واحتجاجاَ على فض الاعتصام الإخوانى المسلح، حيث اُتهم فى تلك الواقعة 188 من العناصر التكفيرية المتشددة، وستظل تلك الواقعة الشاهد الرئيسى على جرائم الإخوان، المُرتكبة ردا على تحرك الأجهزة الأمنية لفض اعتصامهم المسلح.
أوراق القضية
أوراق القضية ذكرت أن الأجهزة المعنية رصدت خلال شهر أغسطس 2013 عقد المتهم الثانى فى القضية، القيادى بتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، عبد السلام محمد بشندى وشهرته "عبد السلام بشندى" 56 عاما عضو بمجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسى للجماعة حينها، اجتماع سرى داخل محل إقامته بمنطقة درب عمار التابعة لمركز كرداسة محافظة الجيزة، مع قيادات وعناصر تكفيرية من منطقتى كرداسة وناهيا.
تحريات الأجهزة الأمنية حينها، كشفت أن ذلك الاجتماع السري بأنصار الجماعة وقياداتها بالمنطقة الذي عقده القيادي الإخواني مع القيادات التكفيرية، وعلى رأسها المتهم الأول في ارتكاب مجزرة مركز شرطة كرداسة محمد نصر الدين فرج الغزلاني، وشهرته "محمد نصر الغزلاني" الحاصل على ليسانس حقوق 45 عاما، ناقشوا من خلاله كافة وسائل التصدي للدولة حال اتخاذها إجراءات فض اعتصامي جماعة الإخوان بميدانى النهضة و رابعة العدوية.
تحرك عناصر الإخوان
أعضاء التنظيم توصلوا خلال الاجتماع على مخطط مواجهة الدولة حال فض الاعتصامين، حيث اتفقوا خلاله على الإجراءات التصعيدية والهجومية ضد قوات الشرطة والمنشآت العامة، ونشر الفوضى واستخدام عناصر مسلحة ومدربة على مهاجمة المنشآت للحيلولة دون تنفيذ مسألة قرار فض الاعتصام، ونقل المتهم "عبد السلام بشندى" إلى القيادى التكفيرى تعليمات قيادات الإخوان بتوفير الأسلحة اللازمة والأموال لتنفيذ المخطط المتفق عليه.
التحقيقات كشفت أنه صبيحة يوم الرابع عشر من أغسطس 2013 عقب اتخاذ الدولة وعلى رأسها النيابة العامة إجراءات فض الاعتصامين، وبالتزامن مع اشتباكات رابعة العدوية وميدان النهضة، تحركت قيادات جماعة الإخوان وأنصارهم من العناصر التكفيرية بالتجمع والاحتشاد فى ببلدتى ناهيا وكرداسة، من خلال استخدام أجهزة مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد فى تحريض العناصر والأهالي على الاحتشاد للتصدي إلى أجهزة الدولة المعنية بتنفيذ قرار فض الاعتصامات.
محاصرة مركز شرطة كرداسة
وعبر أجهزة مكبرات الصوت دعت القيادات من جماعة الإخوان العناصر الإرهابية لمحاصرة مركز شرطة كرداسة وأعدوا درجات بخارية وسيارات، وجميع الوسائل اللازمة لنقل المشاركين فى التجمهر، وفي تلك الأثناء كانت العناصر الإجرامية المسلحة تنتشر في أرجاء كرداسة لتقويضها، حيث تمكنوا من إغلاق مداخل ومخارج البلدة استعداداً لمواجهة الأجهزة الأمنية حتى الانتهاء من تدمير وتخريب مركز شرطة كرداسة وقتل من فيه من الضباط والأفراد.
المتهم محمد نصر الغزلانى، زعيم التكفيريين، قاد مجموعة كبيرة من المسلحين كانت فى ذلك التوقيت تستقل عدد من الدراجات البخارية حاملين أسلحتهم الآلية، والمفرقعات، وقذائف "R B G" متوجهين نحو مركز الشرطة، وبحوزتهم "لودر" لاستخدامه فى عمليات هدم المنشآت والأسوار والحواجز الأمنية التى ربما يواجهونها، وفور وصولهم مقر مركز شرطة كرداسة أطلقوا القذائف الصاروخية تجاه المدرعة الخاصة بتأمين المركز والسور الخارجي، حتى دمروها وقتل خلال هذا الهجوم فردا شرطة.
قتل قيادات مركز كرداسة
التحقيقات أثبتت أن المتهمين استطاعوا تدمير مركز وسرقة الأسلحة الموجودة داخله بعد التعدى على الخدمات الأمنية، واقتادوا مأمور المركز ونائبه وعددا من الضباط والجنود خارجه، واحتجزوهم داخل ورشة لإصلاح الدراجات بجوار المركز، وقاموا بتعذيبهم وإذلالهم وتصويرهم عبر الهواتف المحمولة لنشر الرعب بين الناس، ثم قام المتهم الأول «محمد نصر الغزلاني» بإطلاق النيران على الرهائن من ضباط وأفراد الشرطة، وحاول بعضهم الهروب فاعترضهم المسلحون، وقتلوا ثلاثة عشر ضابطا وفرد شرطة منهم.
كما قاموا بالتعدى على نائب مأمور المركز بالضرب المبرح، وقطعوا شرايين يده اليسرى وعذبوه حتى قتلوه، ثم حملوا جثمانه بسيارة أحدهم وجابوا بها شوارع البلدة مبتهجين بفعلتهم، حتى ألقوها أمام بيت شخص سبق وأن وافته المنية في أحداث العنف السابقة على الواقعة، وقاموا بالتمثيل بجثث جميع الضحايا وتصويرها لبث الرعب في نفوس رجال الشرطة للحيلولة دون تنفيذ قرار فض الاعتصام.
إجمالى الأحكام
وفى غضون 2 يوليه 2017، عاقبت الدائرة 11 ارهاب بمحكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة 20 متهما بالاعدام شنقا بعد تصديق المفتى على أوراق إعدامهم فى قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة، وقتل مأمور المركز ونائبه و12 ضابطا وفرد شرطة، فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة، والمعروفة إعلاميا بـ"مذبحة كرداسة"، كما قضت المحكمة ذاتها بمعاقبة 80 متهما بينهم سامية شنن بالسجن المؤبد، و35 آخرين بالسجن المشدد 15 سنه، فيما حكم على حدث بالسجن المشدد 10 سنوات، وبرأت 21 آخرين من التهم المنسوبة إليهم.
محكمة النقض
وفى غضون 24 سبتمبر 2018، أى بعد مرور 5 سنوات على "مذبحة كرداسة"، حسمت محكمة النقض، القضية وفصلت في مصير 135 متهمًا، بالإعدام لـ20 شنقًا و80 بالسجن المؤبد، و34 بالسجن المشدد 15 سنة، والسجن 10 سنوات لطفل، ويعد الحكم من محكمة النقض نهائيًا وباتًا وواجب النفاذ، ما يشير إلى أن المدانين استنفذوا كل درجات التقاضي.