قضت المحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، ببطلان قرار السلطات المصرية باتخاذ إجراءات تسليم 6 من رجال معمر القذافي، الرئيس الليبي السابق، للسلطات الليبية.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد حسام الدين، رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين مصطفى أبو حسين، ومحمد محمد السعيد، وسامح جمال وهبة، وأحمد السيد محمد، نواب رئيس مجلس الدولة.
وضمت قائمة المسؤولين السابقين: نصر المبروك عبد الله وزير الداخلية الأسبق، ومحمد أبو عجيلة المبروك وزير المواصلات والنقل الأسبق، وخليفة مصباح سلامة مدير الاستخبارات الأسبق، ومفتاح محمد السنوسي الذي تولى مناصب عدة إبان حكم القذافي منها وزير العدل ووزير الأمن العام ووزير الثروة البحرية ووزير الشباب والرياضة، بالإضافة إلى كلاً من علي محمد جار الله، وفؤاد محمد عبد الله.
وأوردت المحكمة أنه لما كان البين من الأوراق أن الأشخاص المشار إليهم والمراد تسليمهم
للسلطات الليبية، يحملون الجنسية الليبية، ونظراً للظروف والأوضاع التي تمر بها ليبيا، فقد غادوراْ بلادهم إلى مصر، ووفقاً للدستور المصري واتفاقية الأمم المتحدة المشار إليها، فإنهم يتمتعون بالحماية القانونية المقررة للمقيمين على الأراضي المصرية، والتي كفلت للمقيم حق الإقامة بمأمن عن الملاحقة كما حظرت ترحيله أو تسليمه إلى أية دولة على غير رغبة منه أو إرداة، خاصة إذا كانت حياته أو حريته فيها معرضة للخطر لأياً من الأسباب المذكورة سابقاً، الأمر الذي يضحى معه قرار اتخاذ إجراءات تسليم هؤلاء اأشخاص للسلطات الليبية مخالفاً للدستور والاتفاقية الدولية المشار إليها، لما يترتب على القرار من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في تعريض حياتهم وحريتهم للخطر.
ورفضت المحكمة الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، وكيلة عن رئيس الجمهورية ووزير العدل والنائب العام ووزير الداخلية بصفتهم.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الحماية التشريعية في مصر لم تقتصر على اللاجئين السياسيين وإنما تمتد إلى اللاجئين لأسباب إنسانية ممن اضطرتهم ظروف دولهم من حرب أو نزاعات داخلية إلى النزوح من أوطانهم واللجوء إلى مصر، لافتة إلى انضمام مصر إلى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة في جينيف في يوليو 1951، والتي أصبح لها قوة القانون بعد التصديق عليها وصدور قرار بسريانها من رئيس الجمهورية، تلك الاتفاقية التي أوجبت على الدولة العضو عدم توقيع جزاءات على اللاجئين بسبب دخولهم أراضيها أو وجودهم فيها بشكل غير قانوني، إذا كانوا قد قدموا من إقليم كانت حياتهم أو حرياتهم مهددة فيه، كما أوجبت عدم طرد اللاجئين الموجودين على أرض الدولة العضو بصورة غير شرعية، إلا إذا وجدت أسباب تتعلق بالأمن الوطني أو التزام العام.
وأوضحت المحكمة أن تلك الاتفاقية اشترطت لطرد اللاجئ أن يتم بموجب قرار يصدر وفقاً للأصول القانونية، وأن يسمح للاجئ بتقديم الأدلة على براءته مما نسب إليه، وأن يكون له حق مراجعة قرار الطرد أو الإبعاد أمام جهة مختصة أو أمام أحد الأشخاص المختصين مع تمكينه من توكيل وكيل للدفاع عنه، كما حظرت طرد اللاجئ أو رده إلى الحدود أو الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددة فيها بسبب عرقه أو دينه او جنسيته أو انتمائه أو آرائه السياسية، إلا إذا وجدت أسباب وجيهة تؤدي إلى اعتباره خطراً على أمن الدولة الموجود فيها، أو إذا كان قد سبق إدانته بحكم نهائي في جُرم هام يشكل خطراً على مجتمع الدولة الموجود بها، وبالتالي فإن اللاجئ في مصر يتمتع بالضمانات المشار إليها قبل إبعاده أو ترحيله، وهي ضمانات تزيد عن تلك المقررة للأجنبي العادي الذي يقيم فيها إقامة عادية إو إقامة مؤقتة، حيث يرجه ذلك لمراعاة الظروف الإنسانية التي يمر بها اللاجئ والتي تبرر منحه مزيداً من الرعاية والحماية إعمالاً لمبدأ التضامن الإنساني.