قضت محكمة جنايات الإسكندرية، الدائرة 32، برئاسة المستشار مجدى محمد نوارة، بمعاقبة المتهم ياسر مصباح، رئيس قسم إدارة خدمة كبار العملاء بأحد البنوك، بالسجن المؤبد وإلزامه برد مبلغ 199مليون و 22 ألف جنيه، ومعاقبة باقى المتهمين وهم كلاً من " سالم سالم، أحمد الششتاوى، أحمد معتز"، بالسجن 10 سنوات، حيث استولى المتهم الرئيسى على مبلغ 199 مليون و22 ألف جنيه من حسابات صاحب شركة توكيل سيارات أحد عملاء البنك الذى يعمل فيه.
وحضر المستشار طاهر الخولى دفاعاً عن المجنى عليه "نور الدين الشريف"، وقدم مرافعته وحوافط مستندات أثبتت أحقية موكله، فى استرداد الأموال المستولى عليها، وإدانة المتهمين فى اتهامهم بالاستيلاء على أموال المجنى عليه بغير حق.
صدر الحكم برئاسة المستشار مجدى محمد نوارة، وعضوية المستشارين رفعت محمد على عامر، و عمر محمد أحمد سويدان.
تضمنت قائمة أدلة الثبوت فى تلك الجنائية والمرفقة بامر احالة، التى حصل عليها "انفراد"، اقوال المجنى عليه وشهادة مجرى التحريات وملاحظات جهاز الكسب غير المشروع.
وتضمنت الشهادة الأولى بقائمة أدلة الثبوت أقوال المجنى عليه محمد نور الدين الشريف 70 سنة مدير وشريك بشركة نور الدين الشريف لتجارة السيارات، والذى شهد أنه ووالده نور الدين محمد 98 عام يعملان فى تجارى السيارات ووكلاء لعديد من الماركات العالمية فى نطاق محافظة الاسكندرية منذ 1943، وأن شركتهما لها معاملات بنكية كبيرة مع أحد البنوك والتى بدات منذ عام 2016 حيث عرض المتهم الرئيسي ياسر مصباح، مدير إدارة خدمة العملاء بالبنك، عليه وعلى والده نقل جميع حساباتهم البنكية من البنوك الأخرى إلى فرع البنك الذى يعمل به بشارع فؤاد بالإسكندرية، نظرا لوجود العديد من الأنظمة المصروفية المختلفة الموجودة طرف الفرع وأنه كان يطلب استثمار مدخراتهما فى عدة صور لمعاملات بنكية هو على دراية كاملة بها.
وأوضح الشاهد أن "مصباح" كان يتردد على والده أثناء تواجده بمعرض السيارات بشكل يومى نظرا لكون المعرض وفرع البنك فى ذات المنطقة واستغل كبر سن والده وكان يبلغه أن نظام البنك يتطلب تحديث بعض البيانات والتوقيعات وأنهما أعتقدا بحسن نية انه احد شروط البنك، وأنهما قاما بناء على ذلك بالتوقيع على بعض الأوراق البنكية لضمان صحة وسلامة المعاملات المصرفية الخاصة بهما.
واستطرد أنه بتاريخ 9 مايو 2018، قرر والده أن يوزع على أبنائه مبلغ 50 مليون جنيه وهم محمد نور الدين وشقيقاته الثلاثة هالة ونادية ووجدان ، واصدر والده 4 شيكات بقيمة الـ50 مليون جنيه من حسابه بواقع شيك له بقيمة 20 مليون جنبه، وثلاثة شيكات لشقيقاته كل شيك بقيمة 10 ملايين جنيه.
وفى 10 يوليو 2018، اكتشف وقائع التلاعب فى حساباتهما أثر قيامه بمراجعة البنك للتأكد من تمام صرف الشيك الخاص به، حيث فوجئ بأن قيمة الشيك لم تحول لحسابه واستعلم من المتهم عن مصير قيمة الشيك الذى ماطله دون أى مبرر فقام بالضغط عليه وبالفعل تم التحويل على حسابه بقيمة 20 مليون بتاريخ 24 مايو 2018،بينما لم تحول أموال شقيقاته، كما تبين له أن مبلغ الـ20 مليون الذى دخل حسابه ليس بموجب الشيك المحرر من والده إليه وإنما من شيك تم تظهيره بتوقيع مزور عليه وعلى والده وتم صرفه بمعرفة المتهم لشخص مجهول بالنسبة لهم ويدعى عبد المحسن الجابرى.
واستطرد الشاهد قائلا: بالبحث فى جميع حساباتهم فى هذا البنك تبين تلاعب ياسر مصباح فى جميع حسابات الأسرة بالكامل اعتبارا من عام 2016 حتى اكتشاف الواقعة فى 10 يولبو 2018، وان التلاعب أخذ عدة صور منها أنه تحصل منهما على بعض التوقيعات بزعم انه يقوم بتحديث البيانات، وتارة أخرى يقنعهم بوجود أوعية إدخارية تدر عائدا أفضل وما يتطلبه ذلك من التوقيع على بعض الأوراق البنكية اللازمة لعمل هذه الأوعية.
وتابع: الأكثر من ذلك هو أنه كان يطلب من والدي إعادة التوقيع على بعض الشيكات بدعوى أن توقيعه مهزوز لكبر سنه، ليحصل بها على توقيع بشيكات على بياض.
وحتى تنطلى عليهما حججه وحيله كان يحضر كشوف حساب على أوراق البنك تفيد بالقيمة الحقيقة للأرصدة الخاصة لكل منهما فأعطاهم الأمان والثقة فى التعامل معه إلا أنه اكتشف بعد ذلك أن الكشوف مزورة على الرغم من كونها صادرة من البنك.
وقال: "اكتشفت الواقعة وكلفت أحد مكاتب الخبرة الاستشارية المحاسبية لمراجعة الحسابات التى تخص أسرته وتبين أن إجمالى ما تم نهبه من حسابتهم 176 مليون و471 ألف جنيه منها 52 مليون و133 ألف جنيه ومبلغ مليون و296 ألف دولار استولى عليها من حسابه، و74 مليون و550 ألف جنيه، ومليون و470 ألف دولار من حساب والده".
وقرر المجنى عليه أن تقرير الخبير الاستشاري كشف عن عدة أمور وهى ان معظم الشيكات التى تم سحب المبالغ من حساب والده كانت بتوقيعات مزورة، بالإضافة إلى أن صرف الشيكات كان يتم بأسماء أشخاص لا تربطه بهم صلة وان جميع إجراءات الصرف تتم بمعرفة المتهم الرئيسي ورغم تشكك موظف شباك البنك فى صحة التوقيعات الا أنه كان يتدخل ويوقع على الشيك ويختم الشيك ويحصل هؤلاء الأشخاص على الصرف بمساعدته.
وتبين أنه لا توجد صلة بين المجنى عليه وهؤلاء الأشخاص الذين صرفوا الشيكات من حسابه وهم اكرم احمد واحمد الششتاوي واحمد معتز ومصطفى السيد وشركة هيلين لإدارة المطاعم باسم نجل "مصباح"، ولا توجد علاقة بين والده ومن صرفوا المبالغ من حسابه وهم شريف ويصا ومحمود محمد واحمد الششتاوي وعبد المحسن محمد وبطريريك الأرمن الكاثوليك التى تم تحويلها لشراء قطعة أرض من الكنيسة كما هناك تحويلات على حسابات والده بأسماء ممدوح احمد واحمد عبد العاطي وشركته .
وكشف التقرير عن وجود توكيل صادر من المجنى عليه لوالده بالبنك لم يستعملاه من قبل، وأن المتهم استخدمه فى وضع توقيع مزور منسوب لوالد المجنى عليه على أوراق تسييل الشهادات الاستثمارية وذات الفائدة التى استولى عليها والتحويلات التى تمت من حساباتهم بأسماء أشخاص آخرين وبجوار التوقيع المزور رقم التوكيل الذى بموجبه تم سحب المبالغ من حسابه.
وفى نهاية أقواله اتهم المجنى عليه كلا من ياسر مصباح وسالم سالم محمود يعمل لديهم محاسب 76 سنة مخلى سبيله نظرا لمرضه بالسرطان- كان يحصل على 200 ألف جنيه في كل عملية مقابل عدم فضحه وإمداده بالأوراق من شركة أسرته.
واتهم المجنى عليه فى البلاغ إدارة البنك، والمسؤلين عن الإشراف والرقابة على فروع البنك بالاسكندرية بالتسبب فى الاستيلاء على حساباتهم.
وانتهت أقوال المجنى ثم جاء بأدلة الثبوت أقوال مجرى التحريات الذي شرح كيف تضخمت ثروة المتهم وذويه نتيجة استيلائه على أموال أسرة المجنى عليه.
وكشف مجرى التحريات عن أن المتهم تحول إلى واحد من كبار رجال أعمال بالإسكندرية وأصبح يمتلك 7 عقارات عبارة عن شقق وفيلات وشركة استيراد وتصدير مقرها دور كامل أعلى فرع البنك وشركة بيكرز للتصدير والتوريدات بالعطارين بالاسكندرية وقد أسسها فى 2018، وشركة بيكرز للتصدير والتوريدات العمومية وتجارة الجملة بالتجمع الخامس وأسسها عام 2017، وشركة أشرف عبد الفتاح وشريكه للدعاية والتسوق وإدارة المطاعم بالرمل في الإسكندرية أسسها عام 2017، وشركة ديلز للاستثمارات وإدارة المشروعات بمصر الجديدة بالقاهرة عام 2017، ومطعم أيادينا وبليز بالساحل الشمالى وأسسه 2017.
بالإضافة إلى سيارة سكودا اوكتافيا موديل 2018، وسكودا رابيدا 2018، بى ام دبليو 2017، بى ام دبليو 318 موديل 2016، وبيجو موديل 2014، بى ام دبليو 2018 باسم زوجته، وفولكس واجن 2006 بأسم زوجته، و3دراجة نارية منها 2 ماركة Benelli موديل 2016، وواحدة ماركة Benelli موديل 2015، بجانب حسابات مصرفية واوعية إدخارية واسهم فى بعض الشركات المقيدة بالبورصة.
وكشف رئيس قطاع الشئون القانونية بالبنك أن مصباح تقدم باقرار ذمته المالية بداية تعينه فى عام 2015 وكان مثبتا عدم امتلاك المتهم أو زوجته لاى ممتلكات سوى سيارة بيجو 301 بقيمة 105 ألف جنيه فقط.
واوضح الشاهد أن المتهم عمل فى 6 بنوك ولم يثبت فى أي منها إلا مدد زمنية قليلة انتهت جميعها بالاستقالة.
وأوضحت شهادة مدير عام قطاع الرقابة بالبنك المركزى والذى تم ندبه لفحص الواقعة أن المتهم مصباح فى بداية عمله كمدير للثروات تعرف على العديد من العملاء واقنعهم بدفع له مبالغ قدرت ب83 مليون و200 الف جنيه بحجة توظيفها واستثمارها لكنه فشل فى تقديم الأرباح المتفق عليها وبمطالبتهم له برد الأموال والضغط عليه لجأ إلى حيلة الاستيلاء على أموال المجنى عليه وأسرته.