هام للملايين.. ما مصير الإرث لمن اكتشفوا ديونا على والدهم بعد وفاته؟

"توفى والدي منذ عدة أيام عن عمر يناهز 77 سنة، وعقب مرور أسبوع من الوفاة واتخاذ إجراءات تقسيم التركة ظهر لنا فجأة أحد الأقارب ليؤكد لنا أن الوالد – رحمة الله عليه – قد استدان منه مبلغ 400 ألف جنية، ولم يقم بسداد شيء منها حتى مماته، الأمر الذي جعلنا نشكك في هذا الأمر، فليس كل من هب ودب مصدق القول بالنسبة لنا خاصة في مثل هذه الواقعة".. بهذه الكلمات بدأت "ليلى.ع"، 47 سنة، محافظة القاهرة، سرد مأساتها وأخواتها بخصوص عملية تقسيم التركة بعد وفاة والدها. مأساة أسرة في تقسيم التركة وتابعت "ليلى": "نحن في حقيقة الأمر 3 أخوة وحينما رفض جميعنا رواية دين الوالد لابن خالته، قدم لنا ما يفيد أن الوالد بالفعل استدان منه هذه المبلغ خاصة أن والدتي هي الأخرى أقرت بهذه المديونيات، بينما وافقت أنا وأخي الأكبر على سداد المديونيات بينما رفض الأخ الأوسط عملية سداد الديون من التركة، متزرعاَ بمقولة (اللي عايز حاجة من أبويا الله يرحمه يروح ياخدها منه)، فما هو الحل والسبيل للخروج من هذا المأزق وهل توزع التركة في وجود الديون؟". القاعدة.. ديون المتوفى تقضى من تركته بعد وفاته وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض محمود البدوي، أنه من المعروف من الناحية القانونية والعملية أن ديون المتوفى تقضى من تركته، بعد وفاته، فإن بقي بعد سداد الديون شيء في التركة، آلت إلى ورثته، وإن استغرقت الديون كل التركة، لم ينتقل شيء منها إلى ورثته، وإن لم تكف التركة لسداد جميع ديون المورث، فلا يُسأل الورثة في أموالهم الخاصة عن سدادها، ولا يلزمون قانونًا بذلك. 3 عناصر يؤدى منها التركة وتنص المادة الرابعة – وفقا لـ"البدوى" في تصريح لـ"انفراد" - من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على أنه: "يؤدى من التركة بحسب الترتيب الآتي: "1-ما يكفي لتجهيز الميت، ومن تلزمه نفقته من الموت إلى الدفن، 2-ديون الميت، 3- ما أوصى به في الحد الذي تنفذ فيه الوصية"، ويوزع ما بقي بعد ذلك على الورثة، فإذا لم يوجد ورثة قضى من التركة بالترتيب الآتي: أولاً- استحقاق من أقر له الميت بنسب على غيره. ثانياً- ما أوصى به فيما زاد على الحد الذي تنفذ فيه الوصية، فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء آلت التركة أو ما بقي منها إلى الخزانة العامة.

ما السبيل إذا تبقى من التركة أموال بعد سداد الديون؟ وتنص المادة 899 من القانون المدني على أنه: "بعد تنفيذ التزامات التركة، يؤول ما بقى من أموالها إلى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي"، ومن المقرر – شرعاً وقانوناً – أن: شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، وأن أموال وأعيان التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، لذا فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة، ويكون للدائنين عليها حق عيني، فيتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة، ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة، تطبيقاً للقاعدة الشرعية التي تقضي بأنه "لا تركة إلا بعد سداد الديون"، ويندرج في تلك الديون "المتعة" أو "مؤخر الصداق" – الكلام لـ"البدوى". وأن أوان ووقت الميراث – على ما يُؤخذ من قوله تعالى "من بعد وصية يوصى بها أو دين" – لا يتحقق إلا بعد قضاء ديون المورث، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943. تطبيقات محكمة النقض وقد سبق لمحكمة النقض المصرية وأن تصدت لهذه الإشكالية في الطعن المقيد برقم 154 لسنة 67 قضائية "أحوال شخصية" – جلسة 30/3/1998 – حيث قالت إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه لما كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، والتركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، فإن ديون المورث تتعلق بتركته ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة، ومن المقرر شرعاً أنه "لا تركة إلا بعد سداد الديون" التي تندرج فيها المتعة المحكوم بها، فأوان الميراث – على ما يُؤخذ من قوله تعالى "من بعد وصية يوصى بها أو دين" – لا يتحقق إلا بعد قضاء ديون المورث، وهذا هو الراجح في مذهب أبي حنيفة. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد أقامت الدعوى ابتداءاً على مورث الطاعنين، وبعد وفاته اختصمت الطاعنين ابتغاء الحكم لها بالمتعة في تركة مورثهم، وإذ أجابها الحكم المطعون فيه إلى طلبها، دون مساس بذمة الطاعنين الخاصة، الذين لم يجادلوا في أصل استحقاقها للمتعة، فإنه أياً كان الشأن في مقدار تلك التركة فإن المتعة لا تخرج عنها، ولا تتعداها إلى أموال الطاعنين الخاصة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه، وما دون ذلك من قبيل المرسل من القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه. الخلاصة: أن ديون المورث، إنما تقضى من تركته، بعد وفاته، فإن بقي – بعد سداد الديون – شيء في التركة، آلت إلى ورثته، وإن استغرقت الديون كل التركة، لم ينتقل شيء منها إلى ورثته، وإن لم تكف التركة لسداد جميع ديون المورث، فلا يُسأل الورثة – في أموالهم الخاصة – عن سدادها، ولا يلزمون قانوناً بذلك، ولكن يحبذ "شرعاً" أن يفوا بديون مورثهم، ولو من أموالهم الخاصة، حتى يرحموه من عذاب القبر واليوم الآخر، فتكون لهم بذلك صدقة وقربى وصلة رحم يثابون عليها في الدنيا والآخرة، إن كانوا – بالطبع – يستطيعون الوفاء بديون مورثهم، وإلا طلبوا التجاوز عنها والمسامحة فيها من الدائنين حتى تبرأ ذمة مورثهم.










الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;