شائعة تسببت في قتل فتاة على يد والدها في الصعيد، بعدما ترددت أنباء داخل قرية بسوهاج عن وجود علاقة غير شرعية بين الفتاة وشاب ـ قبل عدة سنوات من الآن ـ وما أن وصلت الشائعة لمسامع الأب، فلم يمهل نفسه برهة من الوقت للتفكير، وإنما قرر الانتقام من ابنته بقتلها.
كانت الأمور هادئة داخل إحدى القرى الريفية، التي يعيش فيها الأهالي في تناغم وترابط، فالجميع أقارب وجيران، يعرفون بعضهم البعض جيداً، حتى استيقظت القرية على تداول أخبار تشير لوجود علاقة غير شرعية بين شاب وفتاة، وانطلقت الشائعات مثل اندلاع النيران في الهشيم، حتى وصلت لوالد الفتاة.
وبالرغم من تأكيد الفتاة لوالدها كذب وإفك هذه الشائعات، إلا أن الأب المتهور قرر الانتقام من ابنته، زاعماً بأنها لطخت سمعته، بعدما لاكت ألسنة الناس سيرتها، وفي مشهد صادم، أوثق الأب ابنته بسلاسل حديدية وتوجه بها للنيل ليتخلص منها في قاع المياه بعدما أثقل قيودها بحجر.
ظن الأب أنه غسل عاره، وارتاح ضميره، وبات في مأمن بعد تخلصه من ابنته، حتى طفت الجثة على سطح النيل، وجرفتها المياه لنحو 50 كيلو متر، ليعثر عليها الأهالي في أحد المناطق بسوهاج.
"جثة لفتاة مقتولة"، لا أحد يعرف هويتها، لا سيما بعدما شوهت المياه معالمها، الأمر الذي أصاب رجال المباحث بالحيرة، لكن لا شيء مستحيل في وجود "اللواء خالد الشاذلي" الذي كان يعمل وقتها مفتشاً للمباحث بسوهاج، والمعروف عنه دهائه في التعامل مع الجرائم الجنائية، وقدرته الفائقة في تفكيكها.
"الشاذلي" لجأ لأفكار خارج الصندوق، حيث استعان بموظفي الري، لإجراءات حسابات هندسية، لتحديد مكان إلقاء الجثة بعد رحلتها في المياه، حيث توقعوا إلقائها من 4 قرى، ليكون خيط البداية من هنا، حيث نشر "الشاذلي" عناصره السرية بهذه القرى، ونجح في التوصل لهوية الفتاة بعد فحص حالات الغياب، واستدعاء الأب لاستجوابه.
لم ينكر الأب جريمته، وإنما انهار أمام "الشاذلي" معترفاً بجريمته تفصيلاً، وقدم لرجال المباحث مفاتيح أقفال السلاسل الحديدية التي أوثق ابنته بها، ليكتشف الأب الصدمة بأن ابنته مازالت بكراً وفقاً لتقرير الطب الشرعي عن الجثة، ليدخل السجن ويموت بداخله حزنا على فلذة كبده، جراء ما اقترفت يده في حقها، وفقاً لراوية "اللواء خالد الشاذلي" لـ"انفراد".
وتنشر "انفراد" سلسلة حلقات "شاهد على الجريمة" طوال شهر رمضان، حيث ترصد شهادات الضباط والمحامين والمعاصرين للجرائم التي شغلت الرأي العام، والتي كان من الصعوبة كشفها، إلا أن دهاء رجال المباحث والكفاءات الأمنية ساهمت بشكل كبير في كشف غموض هذه الجرائم القديمة، التي وقعت على مدار السنوات الماضية.
ونهدف من نشر هذه الجرائم، للتأكيد على أنه لا توجد جريمة كاملة، وأن المجرمين حتماً يقعون في قبضة الأمن مهما طال الوقت، وللوقف على الظروف التي صنعت من أشخاص عاديين مجرمين، ولتنجب الأخطاء وتفاديها، حتى لا يقع أحد فيها ويجد نفسه خلف الأسوار مثلهم.