لقبوه بشيخ المعتزلة، وصفه الذهبى أنه " صاحب التصنيف "، اتبع المذهب الشافى، ثم بعد ذلك أصبح أحد أئمة ومفكرى المعتزلة فبما بعد .
بعد مجيء الإسلام، وبعد أن مكن الله لهذا الدين، كان لازما وحتما أن يكون لهذا الدين نظام اجتماعى عادل يحتكم إليه المجتمع، ويحتمى به من بطش الظالمين والمعتدين، فكان ثمرة الإسلام غلغل العدل فى نفوسهم فأظهروه فى أحكامهم، وفقهوا واقع الناس وملابسات الحوادث فأسهموا فى إعادة الحقوق إلى أصحابها فى أقرب وقت، فهم نماذج مضيئة لقضاة اليوم من أبناء الإسلام فى أى مكان، وعليهم الأخذ بسننهم والاقتداء بأحكامهم، ليتحقق العدل على أيديهم، ويسود الأمن والأمان للناس فى وجودهم، وتسعد الدنيا بهم.
من بين هؤلاء القاضي الإمام العلامة ، شيخ المعتزلة القاضى عبد الجبار أحمد بن خليل بن عبد الله الهمذاني من أئمة المعتزلة، الكل شهد له بمكانته العلمية العظيمة لما يتمتع به من معرفة وفقه فى اصول الدين، عاش القاضى عبد الجبار في القرن الرابع الهجري ، حيث أنه وورث تراثا عمل من خلاله على إعادة وتخليد ذلك العام من بعده لعدة قرون.
وغادر القاضي عبد الجبار في سنة 346 هـ/ 957 م أصفهان إلى البصرة، وكانت مركز الفكر المعتزلي، فتتلمذ على شيخ فيها على يد أبي إسحاق إبراهيم بن عياش شيخ المعتزلة فى وقتها، وتحول إلى مذهب المعتزلة، ومن البصرة سافر إلى بغداد، فواصل دراسة الاعتزال على الشيخ أبي عبد الله بن الحسين بن علي البصري حتى أصبح من علماء المعتزلة وأعلامها.
وفى أوائل عام 369 هجريا غادر بغداد إلى مدينة ",رامهرمز" بنواحي خوزستان وكانت من معاقل المعتزلة وفيها شرع يلقي دروسه بأحد مساجدها وهناك أملى كتابه الجامع " المغنى في أبواب التوحيد والعدل "، الذي يعد أكبر موسوعات الفكر الاعتزالي على الإطلاق، وأيضا في العقائد الإسلامية.
من أبرز كتبه أجزاء " المغنى " التى تصل على مدى وعيه للطبيعة المركبة للفعل ، ومدى انطلاق العقل فى التفكير اعتماد على الثقة المطلقة منه فى تفكيره .
وكان للقاضي عبد الجبار النصيب الأوفى في فكر الاعتزال ، وبالرغم من ذلك فإنه لم يكتف بالتعمق في دراسة هذا الجانب وحده، حيث تناول في جميع دراساته كافة أنواع العلوم الإسلامية ، بدء من الفقه والحديث وعلم التفسير وغيرها.