"ولعت فى نفسى عشان ما حدش بيحبنى وأنا مش عايزه أعيش".. هذه الكلمات لم يقلها رجلا بلغ من العمر عتيا، ولا سيدة قهرها المرض والحرمان أو قسوة الأبناء وجحودهم، وإنما جاءت على لسان طفلة عمرها لا يتجاوز الـ 12 عاما، أثناء احتجازها فى قسم الحروق بمستشفى قصر العينى، الذى استقبلها بعدما أشعلت النار فى نفسها، رغبة منها فى إنهاء حياتها، واعتقادا منها بأن أمها لن تكترث برحيلها عن عالم الأحياء.
التفاصيل تقول أن الطفلة البريئة، دفعتها والدتها للعمل كخادمة، فى المنازل منذ كان عمرها 7 سنوات، لتشبه قصة "سيدة"، التى جسدت شخصيتها فى مرحلة متقدمة من عمرها، الفنانة الكبيرة شادية فى فيلم "نحن لا نزرع الشوك"، والفنانة آثار الحكيم فى المسلسل الذى يحمل الاسم ذاته.
قالت رحمة إنها عملت خلال رحلتها المريرة خادمة فى منزل أسرة ثرية بحى المعادى الراقى فى العاصمة المصرية، وظلت فيه حتى وقت قريب جدا، وكانت لا ترى أمها أو باقى أسرتها المكونة من 13 فردا، ولا تعلم عن حياتهم أى شىء، فالأم التى تجردت من كل المشاعر، جعلتها مصدرا للربح بدلا من أن تكون هى مصدرا للحنان والأمان، اللذين تحتاجهما طفلة فى مثل سن رحمة.
وعندما بلغ اكتئاب الطفلة أقصى درجاته الفتاكة، اشترت "رحمة" مادة قابلة للاشتعال "كيروسين"، وسكبته على جسدها وأشعلت فيه النار فأصيبت بحروق نسبتها 80%، وتغلبت إنسانية أفراد الأسرة الثرية التى تعمل لديهم الصغيرة وفاق حنانهم وعطفهم ما فى قلب أمها.. انهارت صاحبة المنزل حزنا على الخادمة، كأنها ابنتها التى أنجبتها، بينما لم تسأل الأم الحقيقية "مجازا" عن صغيرتها، ورفضت الاستجابة لهاتف الأسرة الثرية، عندما أرادت إبلاغها بما أصاب ابنتها لكنها بلا شك ستزورها بداية الشهر القادم لتحصل على راتبها وتنصرف.
تلقى قسم شرطة المعادى، إشارة باستقبال قسم الحروق فى مستشفى قصر العينى "ر.ح"، 12 عاما، – مصابة بحروق نسبتها 80%.
انتقل رجال المباحث إلى المستشفى، وتوصلوا من التحريات إلى أن المصابة تعمل خادمة فى منزل بالمعادى، أكد أصحابة بسؤالهم أنها سكبت السولار على نفسها، وأشعلت النار فى جسدها، نتيجة إهمال وتجاهل أسرتها فحرروا بالواقعة المحضر اللازم وباشر عمرو قنديل وكيل نيابة المعادى التحقيق.