مع حلول يوم 28 يناير 2011، قامت مجموعة من المخربين والجماعات الإرهابية بالصعود أعلى كوبري 6 أكتوبر، وقذف مبنى مجمع محاكم الجلاء بالأزبكية، بزجاجات المولوتوف، وتسللت مجموعة أخرى إلى داخل المبنى التي تولت نهب جميع محتوياته من خزائن وأجهزة حاسب آلى والتكييف والمراوح حتى صنابير المياه قاموا بسرقتها.
مجمع محاكم الجلاء، أسس بأمر ملكي في عام 1947 بمنطقة الأزبكية، ليخدم القضايا التي تقع بنطاق منطقة وسط البلد، وشيد رسميا في الخمسينيات، عبارة عن مبنى رئيسي من 7 طوابق يطل على كوبري 6 أكتوبر مباشرة بشارع الجلاء، ومبنى ملحق مكون من 9 طوابق ليظل أقدم وأعرق المباني القضائية في مصر وأحد شواهد العصر على التاريخ المصري الذي شهد العديد من الأحداث السياسية والقضائية منذ نشأته.
ظل محراب العدالة بالجلاء صامدا لسنوات عديدة تجاوزت الـ 60 عاما، حتى جاء عام 2011، حيث قام المخربون بالتدبير لحرقه، فأشعلوا النيران في النوافذ الخشبية للمبنى الرئيسي المكون من سبعة طوابق وأجهزة التكييف الخاصة به، وما أن خرجت اللسنة اللهب من داخل الغرف انقضوا إلى داخل المبنى ليفرغه من محتوياته، ويشعلون النار في باقي أوراق ومستندات القضايا التي يضمها المبنى بين أروقته فيما لم يتمكنوا من الوصول إلى المبنى الملحق المكون من الطوابق التسعة.
أول معاينة للمبنى بعد احتراقه كانت في فبراير 2011، حيث تم تشكيل لجنة من المهندسين بجامعة القاهرة ووزارة العدل، وتم حصر التليفيات والخسائر، وثبت منها تعرض بعض الخرسانات بالمبنى إلى التلف واحتراق جدران الطابق السادس، وصدر قرار بنقل 12 دائرة كانت تعقد جلساتها فيه وهي السيدة زينب، مصر القديمة، الجمالية، باب الشعرية، الشرابية، الموسكي، شبرا مصر، روض الفرح، الأزبكية، بولاق أبو العلا، الدرب الأحمر، الساحل إلى المبنى الأخر، لكن رغم ذلك لم يتم البت في مصير المبنى.
وتعاقب وزراء العدل على المبنى دون تحريك ساكن، ومع مرور السنين تحولت أسوار المبنى إلى مقلب للقمامة وملاذ للمسجلين والخارجين على القانون، وبعد أكثر من 9 سنوات على ما تعرض له المبنى من حريق واهمال صدرت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في 30 أبريل 2020 لوزارة العدل والهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، بالبدء الفوري في عملية ترميم ورفع كفاءة مبنى مجمع محاكم الجلاء بالقاهرة على أحدث مستوى وإعادته إلى رونقه بما يواكب تطورات العصر ورقمنته.
بعد صدور توجيهات الرئيس السيسي بأيام بدأ العمل على قدم وساق حيث توجهت لجنة مشتركة من الأشغال العسكرية والهيئة العامة لأبنية المحاكم إلى المبنى المحترق لمعاينته، وطلب الرسوم الهندسية للبدء في أعمال الترميم.
وبعد 3 أشهر من المعاينات والدراسات تم عرض الموقف النهائي للمبنى وحالته وكيفية ترميمه، ووجه الرئيس السيسي بتجديد المبنى بالكامل وإعادة ترميمه ورفع كفاءته وفق أعلى المعايير والتصميمات الانشائية، على النحو الذي يتناسب مع أهميته وحجم المترددين عليه.