حصلت مواطنة من ذوي الاحتياجات الخاصة على شهادة رسمية من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد بأن وزارة التضامن الاجتماعي لم تطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بإلغاء قرار وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالبحيرة باشتراط زواجها أو بلوغها سن الخمسين لاستحقاقها المعاش الضمانى وألزمت المحكمة في هذا الحكم وزارة التضامن بصرف 19 ألف جنيه متجمد المعاش الضمانى الموقوف وبطلان قرار وكيل الوزارة بالحجز على أموالها بمقدار أربعة آلاف جنيه، وبالتالى أصبح حكم القضاء الإدارى نهائيا وباتا.
وأكدت محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي مبدأ قانونيا جديدا لصالح المعاقين ذهنيا بصرف معاش ضمانى لهم بصفة مستقلة عن معاش أسرهم، وبطلان شرط زواج المعاق ذهنياً أو بلوغه سن الخمسين لاستحقاقه المعاش وحظر الحجز على أموالهم، وقالت المحكمة إن الرحمة هي الوجه الآخر للعدل، مؤكدة أن المساعدة الشهرية الضمانية للمعاقين ذهنيا ليست منحة من التضامن الاجتماعي تقبضها أو تبسطها وفق إرادتها بل هي حق وشرف لمن يلتمس الطريق إليه.
وقالت المحكمة إن المعاقين ذهنيا لهم الحق في الضمان الاجتماعي بما يضمن لهم حياة كريمة، لتعيد إليهم توازنا اختل من خلال عوارضهم، ومن ثم فإن قيام المجتمع على أساس التضامن الاجتماعي يعني وحدة المجتمع في بنيانه، وتداخل مصالحه لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها عند تزاحمها واتصال أفرادها وترابطهم ليكون بعضهم لبعض ظهيرا، فلا يتفرقون بدداً أو يتناحرون طمعاً، أو يتنابذون بغياً، وهم بذلك شركاء في مسؤوليتهم قبلها، لا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها، وليس لفريق منهم بالتالي أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال من الحقوق قدراً منها يكون بها- عدوانا- أكثر علواً، بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها، التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق.
وأضافت المحكمة أنه يجب ألا تخل الحقوق الدستورية المشتركة بين الأسوياء وغيرهم بتلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار، وبهذه المثابة فإن تدابير اقتصادية واجتماعية يتعين ضمانها في شأن المعاقين ذهنيا، تأخذ واقعهم في اعتبارها، ولا تنحي مشكلاتهم عن دائرة اهتمامها، بل توليها ما تستحق من الرعاية، لتقدم لهم عوناً يلتئم وأوضاعهم، وليس ذلك تمييزاً منهيا عنه دستوريا، بل هو نزول على حكم الضرورة وبقدرها، فلا يغمطون حقاً ولا يحرمون أملاً، ولما كان المعاقون ذهنياً هم على القمة إنسانيا من الحاجة لمعاش ضمانى يكفيهم لمواجهة عجزهم التام، يعوضهم عن انعدام إرادتهم الذي يحرمهم من فرص يعملون من خلالها، فإن المجتمع مسؤول تجاه المعاقين ذهنياً وفقا للقيم الخلقية الأصيلة، التي ينافيها أن يظل المعاقون ذهنيا مؤاخذين بعاهاتهم لا يملكون لها دفعاً أو تقويماً، فالمساعدة الضمانية بديل عن عجزهم التام والكامل.