ما زالت واقعة الفعل الفاضح داخل قطار الصعيد رقم 1008 القادم من القاهرة إلى أسوان تثير الرأى العام خاصة بعد القبض على المتهم الذي استقطب أحد الأطفال من الباعة الجائلين داخل عربة القطار وقام بهتك عرضه، وكشفت التحقيقات أنه متزوج من اثنتين بالإضافة إلى كونه مليونيرا وصاحب عقارات ويتاجر في الملابس الجاهزة.
كل هذه المعلومات والبيانات عن المتهم لم ترحمه بل زادت الأمر غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بعد أن تم الكشف عن هويته وأنه يبلغ من العمر 58 سنة، لديه 8 أبناء، منهم 5 ذكور و3 إناث، اثنين من أبنائه يعملان في الخليج، ولديه شقيقان الأول يعمل موظفا بمستشفى، والآخر مسافر في دولة عربية، ولكن يبقى السؤال من الناحية القانونية.. ماذا لو لم يتم الوصول لطفل القطار الذي تم هتك عرضه فى قطار الصعيد؟ وما هى السيناريوهات القانونية حال كانت الواقعة برضا المجنى عليه أو غصبا عنه؟
ماذا لو لم يتم الوصول لطفل القطار الذي تم هتك عرضه فى قطار الصعيد؟
وللإجابة على تلك الإشكالية – يقول محمود البدوي المحامي بالنقض والخبير الحقوقي،إأن ما تم توثيقه بشأن واقعة فيديو القطار هو يمثل جريمة هتك عرض طفل بدون قوة، وهي الجريمة المعاقب عليها وفقاً للمادتين 268 و 269 من قانون العقوبات، إذ أن جريمة هتك العرض تمثل اعتداء على حرمة جسد المجني عليه، وهو ما يتحقق بالمساس بأحد عورات المجني عليه، وقد نص المشرع على صورتين لجريمة هتك العرض في المادتين 268 و269 من قانون العقوبات، منها جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد، وهتك العرض دون قوة أو تهديد، وللجريمة ركن مادي، وركن معنوي، يتحقق بوقوع أي فعل من الجاني من شأنه المساس بحياء المجني عليه.
ووفقا لـ"البدوى" في تصريح لـ"انفراد" - فيما يخص ظهور المجني عليه والاستماع إلى أقواله حول الواقعة من عدمه، فإن الأمر مرهون بمدى ثبوت الواقعة بشكل كامل في حق المتهم من عدمه، وإقامة أدلة سائغة تجاه المتهم مثال الفيديو المعروض ومدى الاستيثاق من أنه حقيقى وغير مفبرك، وكذا شهادة شاهد الواقعة الرئيسي وهو الشخص القائم بالتصوير، وكذا تحريات المباحث حول الواقعة، وكذا ما عساه يقدم من إفادات أو اقوال تثبت الواقعة قبل المتهم، وأن تخلص التحقيقات إلى قيام دليل جدى حول صحة الواقعة وهو أمر تنفرد به النيابة العامة الموقرة بوصفها المباشرة للتحقيقات، واستناداً إلى صحيح نصوص المادتين 63 و 214 من قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص قواعد الإحالة للمحاكمة عقب إقامة الدليل الجدي قبل المتهم المحال للمحاكمة، ومن ثم فإنه لا يستلزم ظهور الضحية، لأنه اقامة الدليل في هذه الجريمة على وجه التحديد فإنه لا يشترط أن يترك الفعل أثرا ظاهراً ويمكن معاينته على جسم المجني عليه، فيكفي في جريمة هتك العرض أن يكشف الجاني عن جزء من جسم المجني عليه مما يعد من العورات، ولو لم يصاحب هذا الفعل أية ملامسة مخلة بالحياء.
شروط إيقاع العقوبة
وأضاف خبير حقوق وتشريعات الطفل، أنه يلزم لإيقاع العقوبة أن يعلم الجاني بأن فعله خادش لعرض المجني عليه، واتجاه إرادته إلى ارتكاب هذا الفعل وإلى تحقيق النتيجة، فلا يتوافر القصد إذا حصل الفعل الخادش لحياء المجني عليه عرضاً، كما إذا لامس شخص عورة آخر في زحام دون قصد الملامسة، أو في حالة قيام شخص بتمزيق ملابس شخص آخر خلال مشاجرة مما تسبب دون قصد في الكشف عن جزء من جسمه.
السند القانوني: تنص المادة 268 من قانون العقوبات، على أن كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من 3 إلى 7 سنوات، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ 16 سنة أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقررة للأشغال الشاقة المؤقتة، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة .
هل هناك عقوبة على الشروع في الجريمة؟
وأجاب البدوي: العقوبة فى الشروع فى الجريمة هى نفسها ذات العقوبة فى قيام جريمة هتك العرض، ولابد من البحث عن القصد الجنائى للجاني لبيان ما إذا كان فعله كان بقصد أن يتوغل به إلى الفحش بغرض الإخلال بحياء المجني عليه من عدمه، فإن أمكن ذلك تحولت الواقعة من جناية هتك عرض إلى جنحة فعل فاضح.
واختتم البدوي قائلاً: أما في حالة ظهور أن الطفل المعتدى عليه بالفيديو أقل من 16 عاما فإنه لا يعتد برضائه عن هذه الممارسة الشاذة، إذ أن الفيديو يظهر أن الفعل تم برضاء تام من الطفل وفقاً للفيديو المتداول وأنه لم يحاول الهروب من الجاني أو الااستغاثة بباقي الركاب بعربة القطار، وهو ما نقدره بأن الفعل تم بالتراضي بين الجاني والمجني عليه، وهنا تظهر أهمية الكشف عن سن المجني عليه، لأنه في حالة ثبوت أن سنه أقل من 16 عاما فإن هذا الرضاء لا يعتد به، وهو ما سيجعلنا بصدد ظرف مشدد لجريمة هتك العرض، إذا لم يبلغ المجني عليه سن 16 سنة، أو أن يكون المجنى عليه ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267، وهم أن يكون الجاني من أصول المجني عليه كالجد والأب، أو أن يكون الجانى من المتولين تربية المجنى عليها، سواء بحكم القانون مثل الوصى والقيم أو بحكم الواقع مثل زوج الأم، أو أن يكون الجانى ممن لهم سلطة على المجنى عليها سواء كانت سلطة قانونية أو غير قانونية مثل سلطة رب العمل، أو أن يكون الجانى خادم بأجر سواء عند المجنى عليها أو عند أصولها أو المتولين بتربيتها.