رفضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، الطعنين المقامين من عضو بالجهاز المركزي للمحاسبات، يطالب فيهما بتأدية تعويض مادي عن الإضرار المادية والنفسية والأدبية التي أصابته جراء وقفه عن العمل لمدة شهر، وإحالته للمحكمة بتهمة الإساءة والتشهير، أو التعرض لسمعة رئيس الجهاز أو زملائه بالعمل في خلال حوار له مع أحد البرامج الحوارية، وبرأته المحكمة في وقت سابق من هذه التهمة، وصدر حكم آخر بإلغاء قرار الوقف عن العمل لذلك كان يطالب بتعويض مادي بعد اثبات براءته، صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم دَاوُدَ نائب رئيس مجلس الدولة .
وثبت للمحكمة أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى التأديبية ضد الطاعن لخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي، وصدر حكم عام 2013 حكمت المحكمة ببراءة الطاعن من الإتهام المنسوب إليه. ثم صدر قرار رئيس الجهاز رقم (522) لسنة 2015 بإيقافه عن العمل لمدة شهر، وقد أقام الطاعن الطعن صدر حكم المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها عام 2016 بإلغاء القرار بإيقافه عن العمل .
وأسست المحكمة حكمها السابق المتضمن إلغاء قرار وقفه شهر عن العمل وبرأته ، على أن ما قدمه الجهاز من تفريغ لحوار الطاعن مع أحد البرامج الحوارية لم يتجاوز التعبير عن مظلمته وتفريق المعاملة بينه وبين زملائه، مما يثبت معه عدم خروج الطاعن عن حدود اللياقة والإحترام لرؤسائه بالجهاز .
ورأت المحكمة أن ركن الخطأ متوافر ضد الجهاز المركزي بصدور الحكم ، بإلغاء قرار مجازاة الطاعن، وكذا صدور الحكم ببرائته من الإتهام المنسوب إليه، غير أنه فيما يتعلق بركن الضرر فإن الطاعن لم يثبت الأضرار التى اصابته من جراء صدور هذا القرار سواء المادية منها أو الأدبية، ولم يقدم الطاعن أى دليل على اصابته بأى أضرار مباشرة وحقيقية وفعلية وواقعية وليست مجرد أضرار ظنية أو افتراضية أو احتمالية .
كما عجز عن تقديم ثمة أوراق أو مستندات تفيد وقوع وتحققّ مثل تلك الأضرار بالفعل وبحكم الحقيقة والواقع، وجاءت ادعاءاته فى شأن الأضرار التى أصيب بها فى صورة أقوال مرسلة تفتقد إلى أى دليل يدعمها ويثبت صحتها، وبذلك ينتفى ركن الضرر ولا تتكامل أركان المسئولية الموجبة للتعويض، بما يتعين معه والحالة كذلك القضاء برفض الدعوى.
ورأت المحكمة أن إلغاء قرار الجزاء الموقع على الطاعن ، وبرائته من الإتهام يُعد خير تعويض عن الأضرار التي قد تكون قد أصابته، وإن مقتضى تنفيذ الحكم الصادر بإلغاء الجزاء الموقع على الطاعن ، أو الحكم الصادر ببرائته هو إزالة لكل ضرر ، وهو ما يُجبر كل ما لحق الطاعن من ضرر، ومن ثم يعتبر إلغاء قرار الجزاء خير تعويض للطاعن عن تلك الأضرار، وبحسبان أنه يترتب على ذلك إعلاءً لكرامته وسُمعته ورداً لاعتباره سواء في محيط العمل بين زملائه وأقرانه ومرءوسيه ، أو في نطاق أسرته وذويه وأقاربه ومعارفه والمحيطين به ، وبالتالي فإن ذلك يُعد خير تعويض للطاعن عما أصابه من أضرارّ جراء صدور القرار المطعون فيه.