الجريمة وجدت من فجر التاريخ، منذ أن قتل قابيل هابيل، وإلى أن تقوم الساعة، ولكل جريمة تفاصيلها وملابستها وإن أحكم الجانى تدبير وطريقة تنفيذه للجريمة، إلا أنه لابد وأن يترك خيط رفيع أو أي شيء بسيط يكشف به ويقع في قبضة رجال الأمن.
خلال حلقة جديدة من حلقات شاهد على الجريمة، قدم "انفراد"، بثا مباشرا حول واقعة مقتل عامل في إحدى قرى الصعيد بمحافظة أسيوط، في ظروف غامضة، ليتصدر مشهد القتل ويمنح نفسه لقب القاتل أحد الأشخاص من نفس قرية المجنى عليه من أبناء عائلة آخرى بينهما خصومة ثأرية، وينسب لنفسه تهمة وجريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام، وكل هذا ما لشيء إلا لكى يتظاهر أمام أهل القرية أن عائلته أخذت بالثأر من أحد أفراد العائلة الآخرى التي بينهما خصومة ثأرية، لكن سرعان ما تمكنت الأجهزة الأمنية من فك ملابسات غموض تلك الواقعة، ليتضح بعد ذلك أن القاتل " مقتلش حد "، وأنه يوجد متهم آخر حقيقى قام بارتكاب الواقعة هارب، ليتم القبض عليه بعد ذلك.
في البداية يقول المستشار أنور الرفاعى المحامى بالنقض، ورئيس المركز الوطني للدفاع عن حرية الصحافة والإعلام، إن هذه الواقعة وقعت تفاصيلها خلال عام 2019 في إحدى القرى في صعيد مصر، وبالتحديد محافظة سوهاج، حيث عثر على جثة أحد الأشخاص ملقاه خلف مخلفات أحد الأسواق، فتم ابلاغ رجال الشرطة الذين حضروا على الفور إلى مكان الواقعة، وأثناء قيام رجال المباحث بعمل التحريات حول الواقعة، فوجئوا بأحد الأشخاص يعترف على نفسه بانه هو القاتل، وخلال مواجهته أدلى باعترافات وهمية قادته إلى محكمة الجنايات .
ويضيف المستشار أنور الرفاعى، أنه خلال جلسات محاكمة المتهم، فجر تقرير الطب الشرعى مفاجأة من العيار الثقيل، وهى أنه يوجد في جثة المجنى عليه ما يسمى بــ"الرسوب الرمى"، حيث أن الفترة الزمنية ما بين ضبط المتهم وواقعة العثور على الجثة ساعتين، وأن الحادثة وقعت في فصل الصيف، وعليه كشف تقرير الطب الشرعى أن ظاهرة "الرسوب الرمى" التي تظهر على جثة المجنى عليه لا تحدث في فصل الصيف إلا بعد 8 ساعات، وهو الأمر الذى ينفى بشكل قاطع قيام المتهم بإرتكاب الجريمة، وأن هناك لغز ما زال يحيط بالواقعة.
ويستكمل المستشار أنور الرفاعى، أن المحكمة أعادت القضية إلى النيابة العامة لإعادة التحقيقات فيها مرة آخرى، ليتبين بعد 7 شهور أن المتهم "ما قتلش حد"، وأن شقيق المجنى عليه هو الجانى الحقيقى، حيث أتضح أن الضحية تم قتله منذ الساعة الواحدة ليلة الواقعة، بعد أن نشب خلاف بينه وبين شقيقه، الذى أستل سلاحا أبيض وأعتدى به على المدنى عليه وسدد له عدة طاعنات نافذة أودت بحياته في الحال.
ويوضح المستشار أنور الرفاعى، أن المتهم الأول أعترف على نفسه كى يتباهى وسط بلدته أن عائلته أخذت بالثأر الأمر الذى كاد أن يوصله إلى طبلية عشماوى أمام حبل المشنقة، لكن العدالة الإلهية كشفت الحقيقة في المناسب وأنقذت رقبة المتهم الوهمى من الموت، وقدمت المتهم الحقيقى لينال عقابه بما اقترفت يداه بقتل شقيقه.