كشفت المحكمة الإدارية العليا فى حيثيات حكمها الصادر اليوم الاثنين، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة برفض الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، ممثلة عن رئاسة الجمهورية والحكومة، وتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة "القضاء الإدارى" ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، عن السبب من قيام مصر بإخطار المملكة العربية السعودية بنشر قوات عسكرية بالجزيرتين عام 1950.
قالت المحكمة فى حيثيات حكمها: إن صدور خطاب من حكومة مصر للسعودية تشير فيه إلى إنها سوف "تحتل" الجزيرتين، فالأمر فى عقيدة المحكمة لا يخرج عن كونه تصرفاً نبيلاً من مصر يتمثل فى إخطار أقرب دولة عربية جارة لها بإجراء عسكرى ستقدم عليه لبث الطمأنينة لديها فى ظل أن سواحل تلك الدولة مهددة من أى هجوم محتمل من قبل اللنشات والقطع البحرية الإسرائيلية.
وأضافت المحكمة أن ما يدعم ذلك أن الوزير السعودى المفوض بالقاهرة أرسل فى 30 يناير 1950 برقية إلى الملك السعودى تعكس التخوف السعودى من التهديداتالإسرائيلية والاطمئنان من كونها وقعت تحت السيطرة المصرية، وكان رد الملك السعودى عليها فى ذات اليوم ببرقية للمفوضية السعودية بالقاهرة تضمنت مباركة السعودية للإجراءات التى اتخذتها مصر فى إطار البعد العربى والقومى والتهديدات التى يتعرض لها البلدان، وهو أمر متعارف عليه بين جيوش الدول حال إجراء مناورتها أو القيام بأعمال مشابهة.
ذكرت كذلك أن هذا الخطاب لم يتضمن من قريب أو بعيد ما يشير إلى تعلق أى حق للمملكة السعودية على الجزيرتين، كما أشارت المحكمة إلى أن مصلحة الموانئ المصرية أصدرت منشوراً برقم 39 لسنة 1950 بناءً على موافقة وزارة الحربية بتاريخ 21 ديسمبر عام 1950 وتضمن ما يلى:
(أ)- إذا حاولت سفينة حربية إسرائيلية أو سفينة حربية مساعدة تابعة لإسرائيل أن تمر فى المياه الإقليمية بما فى ذلك مدخل خليج العقبة أمكن إطلاق النيران فى مواجهتها لإنذارها ولمنعها من المرور على ألا توجه القذيفة إليها مباشرة بغرض إصابتها إلا إذا أمعنت فى مخالفتها.
(ب)- إذا حاولت سفينة تجارية إسرائيلية تابعة لإسرائيل أن تمر فى المياه الإقليمية المصرية بما فى ذلك مدخل خليج العقبة الواقع بين جزيرة تيران وساحل سيناء فيكتفى بضبط هذه السفينة وحجزها دون مصادرتها وإحالة أمرها إلى مجلس الغنائم.
(ج)- قبل مرور السفن الحربية والتجارية الأجنبية المحايدة بمدخل خليج العقبة فمن حق السفن الحربية المصرية وكذلك محطات الإشارات بالبر سؤالها عن اسمها وجنسيتها ووجهتها وكما هو متبع دوليا، على أن يكون استعمال هذا الحق بحيث لا يعوق حرية المرور البرىء عبر مدخل خليج العقبة شمالاً أو جنوباً." وقد تم توزيع هذا المنشور أيضاً على كافة القنصليات الأجنبية فى العالم وكذا شركات الملاحة العاملة، وتحقق للمجتمع الدولى العلم به، ومصر لم تكتف فحسب بإصدار المراسيم والقوانين واللوائح بسيادتها على جزيرتى تيران وصنافير باعتبارها مصرية خالصة.
كما أن أوراق الطعن قد خلت من ثمة وثيقة أو معاهدة تشير إلى أن دولة أخرى غير جمهورية مصر العربية، قد مارست سيادتها المشروعة على جزيرتى تيران وصنافير فى أى وقت من الأوقات بحسبانهما ضمن الإقليم المصرى المحظور التنازل عن أى جزء منه، كما لم يثبت على الإطلاق ممارسة المملكة العربية السعودية لأدنى مظهر من مظاهر السيادة على الجزيرتين سواء قبل إعلان المملكة عام 1932 أو بعدها، كما خلت الأوراق من ثمة نص فى معاهدة أو اتفاق مكتوب بين مصر والسعودية يفيد فى أى حقبة من حقب الزمان أن الأخيرة تنازلت أو سمحت لمصر بالوجودالعسكرى عليهما، خاصة إبان استيلاء إسرائيل على ميناء أم الرشراش - إيلات حالياً - عام 1949.