حصل "انفراد" على حيثيات الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف القاهرة الجديدة، بتأييد حبس هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات السابق، سنة بتهمة إشاعة أخبار كاذبة مع اإةيقاف لمدة ثلاث سنوات وغرامة 20 ألف جنيه.
صدر القرار برئاسة المستشار محمد بدة، وعضوية كل من المستشارين أحمد عوض، وطارق شيخ العرب، وبحضور عضو النيابة العامة المستشار محمد سمير، وأمانة سر محمد المصرى.
وبدأت المحكمة حيثيات حكمها فى القضية رقم 17921 لسنة 2016 جنح مستأنف شرق القاهرة، والمقيدة برقم 5855 لسنة 2016 جنح قسم التجمع الأول، أنها اطمأنت لأقوال شهود الواقعة من الموظفين القائمين بإعداد التقرير الخاص بالدراسة الذين أقروا جميعًا أن التقارير الصادرة غير منقحة ومدققة، وأن النتيجة لم تصدر برقم إجمالى قيمة المخالفات فضلاً عن اطمئنان المحكمة لأقوال صحفية الْيَوْمَ السابع ورئيسة قسم الحوادث بذات الجريدة من أن هشام جنينة أخبرها بأن قيمة المخالفات لعام 2015 تخطت 600 مليار جنيه والذى ثبت للمحكمة من خلال خطاب صادر من رئيس المكتب الفنى بالجهاز من أن التقارير اللجنة غير مدققة ولم تنته إلى نتائج أو توصيات.
وقالت المحكمة فى حيثياتها إنها اطمأنت لما انتهى إليه تحريات الرقابة الإدارية والأمن الوطنى من أن رئيس الجهاز قصد عمدًا بسوء نية الإدلاء بالتصريحات وهو على علم بعدم صحتها وتعمد التأثير على الرأى العام بإعلانه وجود فساد فى كل قطاعات الدولة، حيث انتهت إلى أن رئيس الجهاز أدلى بعدة بيانات لم تذكر فى التقرير وعدم قيام أعضاء اللجنة بالتوقيع على تلك التقارير.
وردت المحكمة على دفع جنينة ببطلان اللجنة المشكلة من رئيس الجمهورية بأن المحكمة رفضت ذلك ولم تعول عليه فى حكمها، وإنها طالعت أوراق الدعوى ومستنداتها عن بصر وبصيرة فإن الجريمة استقام الدليل على صحتها وثبوتها فى حق المتهم وتوافرت الأدلة جميعها قبله وجاء الحكم المستأنَف صحيح ما قضى به الإدانة بالأسباب التى بنى عليها والتى تأخذ بها المحكمة مكملاً لتلك الأسباب وتضيف إليه وفقًا لما أطمأنت إليه من شهادة كل من أمين محمد على مسعود ومحمد عمرو بتحقيقات النيابة العامة من قيام المتهم بإذاعة أخبار كاذبة داخل البلاد وخارجها بسوء قصد بعدد جريدة الْيَوْمَ السابع الصادر بتاريخ ٢٤ ديسمبر ٢٠١٥ تحت عنوان "الرئيس المركزى للمحاسبات فى أخطر تصريحات للجريدة: ٦٠٠ مليار جنيه تكلفة الفساد فى ٢٠١٥" وتضمن ذلك التصريح بيانات حول تكلفة الفساد فى مؤسسات الدولة المصرية على خلاف الحقيقة وهو من شأنه تكدير الأمن والسلم العام وإضعاف الثقة المالية فى الدولية وهيبتها.
وما شهدت به الصحفية بـ"انفراد" رانيا عامر التى قررت أن المتهم عقب أن قامت بسؤاله عن حجم الفساد فى مصر قرر لها أنه رقم مرعب لها وللرأى العام وأورد لها أن قيمته تتجاوز ٦٠٠ مليار جنيه عن عام ٢٠١٥ فقط، واستندت المحكمة إلى أقوال ١٥ شاهد إثبات من بينهم موظفون فى الجهاز المركزى رئاسة المتهم آنذاك أدانت شهادتهم هشام جنينة.
كما أن المحكمة اطمأنت إلى تحريات هيئة الرقابة الإدارية التى توصلت لصحة صدور تصريح من المتهم حول تكلفة الفساد بـ٦٠٠ مليار جنيه فى مصر، وأن ذلك التصريح على خلاف الحقيقة وأن المتهم على علم بعدم صحة ذلك الخبر، لكنه تعمد نشره بقصد الإضرار بالدولة وإضعاف الثقة فيها وذلك لمناهضته نظام الحكم القائم والسعى للإضراب به ومؤسساته وقد استعان بعضوية داخل الجهاز لتضخيم حجم وقيمة المخالفات فى التقرير لكونهم أحد المختصين بإعدادها.
وأضافت الحيثيات أنه بخطب التحريات فإنه فى أعقاب اتضاح عدم دقة ذلك الجزء من الدراسة وعدم استناد الأرقام الواردة فيه قامت على أثر ذلك وزارة التخطيط التى يتبعها مركز إدارة الحوكمة لإعادة الدراسة مرة أخرى إلى الجهاز المركزى للمحاسبات لتدقيقها وتدعيمها بالتقارير وهو ما استغله المتهم وقام بالاتفاق مع كل الموظفين بالجهاز محمود عامر ومحمد صلاح الدين عضوى المكتب الفنى للجهاز على استغلال طلب وزارة التخطيط لعمل دراسة جديدة حول تكاليف الفساد فى حين يتم إدراج جميع ملاحظات الجهاز، واتفقوا على إنهاء الدراسة وإعداد مؤتمر لإعلان نتيجة الدراسة والأرقام الواردة فيها باعتبارها أرقاما صحيحة للإيحاء بتقاعس الدولة عن مكافحة الفساد وضياع مبالغ طائلة من المال العام بسبب ذلك التقاعس، والأضرار بالاقتصاد القومى.
وتوصلت التحريات أيضًا إلى تغيير المدى الزمنى للدراسة وقصرها على ٢٠١٥ ليتمكنوا من إثارة الرأى العام ضد النظام الحالى، وأوضحت أنه بتحليل تكلفة الفساد داخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تجاوز مئات المليارات وذلك بإدراج وقائع أحيلت إلى جهات التحقيق وصدرت بشأنها أحكام وقرارات وتكرار إدراج مخالفات أكثر من مرة بمسميات مختلفة لمضاعفة قيمة الضرر المالى وتجميع المبالغ باعتبارها ناتجة عن فساد على الرغم من إزالة المخالفات المتعلقة بتلك المبالغ.
كما أطمأنت المحكمة لتحريات الأمن الوطنى التى أكدت صحة قيام المتهم خلال فترة رئاسته للجهاز بالإدلاء بتصريحات غير صحيحة لوسائل الإعلام حول حجم الفساد على خلاف الحقيقة بالرغم من علمه بعدم انتهاء الجهاز من إعداد التقارير الخاصة بهذا العام وافتقارها الدقة والتوثيق للمستند الرسمى بالرغم من أنه كان فى مقدرته التأكد من صحة تلك الوقائع بحكم منصبه الوظيفى إلا أنه لم يقيم بذلك متعمدًا الإضرار بالمصالح العليا للدولة.
وثبت للمحكمة بناء على ما تقدم توافر أركان جريمة فى حق المتهم المتمثل فى الركن المادى وهو نشر خبر كاذب حول حجم الفساد بالرغم من علمه عدم صحته، كما أمدت الأوراق بما حملته من أدلة تقطع بتوافر القصد الجنائى فى حق المتهم المتمثل فى سوء القصد أيضًا أن المتهم أخبر صحفية الْيَوْمَ السابع أن الرقم مرعب لها وللرأى العام وبالرغم من ذلك أدلى به وأرسل خطابا إلى رئيس ديوان رئيس الجمهورية مفاده إرسال الدراسة التى تم إعدادها بناء على طلب وزارة التخطيط فى إطار التنسيق مع الجهاز برغم عدم تدقيقها ولذلك وبالرغم من أنه وجه أعضاء اللجنة إلى إعداد دراسة جديدة بإطار زمنى آخر يخالف الإطار الزمنى المتفق عليه مع وزارة التخطيط وذلك وفقًا لما أورده بأقواله بتحقيقات النيابة العامة ولم يخاطب الجهة طالبة التحقيق بذلك وعلله بأنه يعمل وفق مفهومه العلمى مقررًا أن إجراء الدراسة عن وقائع حدثت فى فترات سابقة لا يعبر عن حقيقة الواقع ما يدل على سوء القصد حال كونه رئيس الجهاز آنذاك، وعلى علم بمدى سرية التقارير والدراسات التى تصدر من الجهاز، حيث إن اللائحة الخاصة بالعاملين بالجهاز نصت على أن الخطط القومية وتقييم الأداء الاقتصادى والاجتماعى وكذلك الدراسات الميدانية والتقارير وقعت تحت بندين سرى جدا وسري.
وترى المحكمة أن المتهم بحكم توليه ذلك المنصب على علم تام مما يسببه ذلك التصريح من أضرار بالمصلحة العامة للبلاد فالمحكمة لا تعول على إنكار المتهم وإقراره بأن التصريح كان يشمل من عام ٢٠١٢ حتى ٢٠١٥ إزاء ما اطمأنت اليه من أدلة الثبوت سالفة البيان الأمر الذى يستقر فى وجدان المحكمة توافر أركان تلك الجريمة فى حقه ما يستوجب إدانته.
وأشارت المحكمة فى حيثيات الحكم إلى أنه وفقًا لما أناط به المشرع من سلطة تقديرية بنص المادتين ٥٥ و٥٦ من أنه عند إصدارها حكم فى جنحة بغرامة أو حبس لا تزيد مدته على عام إلى أن تأمر فى نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة وقد منحها سبيلاً إلى ذلك بإعطائها سلطة تقديرية فى إبداء أسباب وقف التنفيذ إذ ما رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التى التى ارتكب فيها ما يبعث عن الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون لاحقًا وكان الغاية من ذلك هو التهذيب والإصلاح والتهديد بعدم العودة طوال مدة إيقاف تنفيذ العقوبة ويجعله حريصًا على التزام القانون حيث إنها تتمثل فى فترة اختبار المحكوم عليه أن يكون سلوكه حسنا خلالها.
واختتمت الحيثيات أنه نظرًا لظروف حدوث الواقعة وسن المتهم فإنها ترى أنه الأنسب القضاء بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها فقط لمدة ٣ سنوات تبدأ من تاريخ صدوره الحكم نهائيًا باتًا والتأييد فيما عدا ذلك.