صباح يوم الخامس من شهر مايو عام 2011، توجه سائق توك توك إلى قسم شرطة الوارق، وحرر محضرا بغياب زوجته "ه. م"، وأدلى بأوصافها فى بلاغ التغيب الذى حرره، واصفا إياها بأنها ربة منزل تبلغ من العمر 27 عاما، متوسطة الطول، نحيفة الجسد، وترك رقم هاتفه للتواصل معه حال ظهور أى معلومات تفيد مكان إاختفائها.
عاد الزوج "م.م" البالغ من العمر 41 سنة إلى مسكنه، محتفظا بسر غياب زوجته فى عقله، خافيا الجريمة البشعة التى ارتكبها، وراحت ضحيتها أم أبنائه الاثنين "ي" و"ح" البالغان من العمر حينها 10 و7 سنوات، خاصة بعد ما روى لهما سيناريو مغاير للحقيقة، بهروب والدتهما من المنزل بسبب كثرة الخلافات الأسرية بينهما، وعجزها عن تحمل متاعب الحياة.
بعد مرور فترة قصيرة من الزمن، جهز ابنيه للسفر إلى محافظة المنيا، للإقامة الدائمة بصحبة أشقائه بإحدى قرى المحافظة، حيث سيحظيان بالرعاية الأسرية اللازمة لصغر سنهما، واحتياجهما للمتابعة الدائمة، وبالفعل نفذ السيناريو الذى خطط له، وغادر الطفلين المنزل فى حالة حزن على فراق والدتهما ووالدهما، وعقلهما يتذكر الأحداث التى شهدتها ليلة سابقة لاختفاء والدتهما، حيث سمعا صوت تشاجر والدهما معها، وصوت استغاثة صادرة من غرفة نوم والديهما، ثم انقطاع الصوت فجأة، وحضور والدهما للنوم بغرفتهما فى تلك الليلة المشئومة.
6 سنوات مرت على الاختفاء الغامض للمجنى عليها، وكبر الطفلين ليقررا السفر إلى مدينة كرداسة بمحافظة الجيزة، لزيارة خالهما "أ.م" سباك، بعد أن انقطعا عن زيارته طوال السنوات الماضية، وفور وصولهما تبادلا الأحاديث، حتى تذكرا سويا الاختفاء الغامض للمجنى عليها، وطلب منهما خالهما أن يتذكرا أى خلافات بينها وبين والدهما قبل الحادث، دفعها للغضب وترك المنزل، فقص الطفلين الذى وصل عمرهما 16 و13 عاما، الأحداث التى سبقت ليلة اختفاء والدتهما، وتشاجر والدهما معها وصوت الاستغاثة الصادر من غرفة نومها.
تأكد خال الطفلين حينها أن اختفاء شقيقته ليس طبيعيا، وأن زوجها وراء التسبب فى اختفائها، فأقوال الطفلين تؤكد تعرضها للأذى، الذى قد يصل إلى القتل، ولم ينتظر الخال طويلا، حيث توجه إلى قسم شرطة الوراق، محل إقامة شقيقته، والذى شهد محضر تغيبها منذ سنوات، وتقابل مع رئيس المباحث الرائد هانى مندور، قص له الأحداث السابقة، واستمع رئيس المباحث لأقوال الطفلين.
تحريات رجال المباحث، توصلت لمكان تواجد الزوج المشتبه به، ليتم القبض عليه، واقتياده على قسم الشرطة، حيث كان فى حالة من التخبط والذعر، لاعتقاده أن الجريمة التى ارتكبها منذ 6 سنوات، تاهت وسط الأحداث، وأن سر قتله لزوجته دُفن دون عودة.
ضيق رجال المباحث الخناق عليه، وواجهوه بأقوال طفليه، والاتهام الموجه إليه بقتل زوجته، حتى اعترف بارتكابه الجريمة، وروى تفاصيل الحادث قائلا "يوم الحادث عدت إلى المنزل وبحوزتى هاتف محمول اشتريته، إلا أنى فوجئت بزوجتى تعاتبنى على شراء هاتف جديد، فى ظل الحالة المادية الضيقة التى نعانى منها، لتنشب بيننا مشادة كلامية، تطورت سريعا إلى مشاجرة، فلم أشعر بنفسى إلا ويدى ملفوفة حول رقبتها، لحظات وسقط جسدها أرضا وقد فارقت الحياة، حاولت تحريك جسدها، إلا أن جسدها تحول إلى ما يشبه الجماد دون أنفاس".
وأضاف فى اعترافاته قائلا: "أغلقت الغرفة عليها، وتوجهت للنوم بصحبة أبنائى بغرفتهما، وخلال تلك الساعات هدانى تفكيرى إلى التخلص من جثتها بتقطيعها لأجزاء وإلقائها بمصرف مائى، لإخفاء الجريمة، حتى لا يزج بى خلف أسوار السجن، وانتظرت مع أول ضوء للنهار، وانتهزت فرصة خروج أبنائى من المنزل، وبدأت فى تقطيع جثتها بواسطة منشار لعدة أجزاء، ثم وضعتها فى كيسين للقمامة".
وتابع المتهم: "وضعت الكيسين بالتوك توك، وتوجهت إلى مصرف مائى بطريق بشتيل بأوسيم، وألقيت به أجزاء الجثة، وتأكدت من اختفائها وسط المياه، ثم عدت إلى منزلى وبدأت فى ممارسة حياتى الطبيعة".
وفور الانتهاء من اعترافات المتهم، اصطحبه رجال المباحث إلى مكان تخلصه من الجثة، إلا أنه تعثر العثور عليها، بسبب مرور 6 سنوات، بالإضافة إلى إنشاء محور الضبعة على جزء من المصرف، فتم تحرير محضر بالواقعة، وأخطر اللواء هشام العراقى مدير أمن الجيزة، واللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، وأمرت النيابة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق.