أعلن الدكتور أحمد عماد الدين راضى، وزير الصحة والسكان، موافقة مجلس النواب بالإجماع على أول قانون لتنظيم إجراء البحوث الطبية الإكلينيكية "التجارب السريرية" فى مصر، والمقدم من قبل الحكومة .
وأوضح وزير الصحة والسكان بعد مناقشتة مساء أمس باللجنة العامة بالبرلمان، أن خروج هذا القانون إلى النور يُعد إنجازاً حقيقياً جديداً على أرض الواقع، ونقلة نوعية كبيرة في منظومة البحث الطبي الإكلينيكي، بعد أن كان مشتتاً وعشوائياً لسنوات عديدة لافتاً الى أن هذا القانون سينظم اجراء البحوث الطبية الاكلينيكية والدراسات التي تسبقها والتي تسمى "البحوث ماقبل الإكلينيكية" مشيراً إلى أن هذا القانون يضمن حماية جميع المشاركين في العملية البحثية، مشيداً بدور أعضاء لجنة الصحة بالبرلمان وعلى رأسهم الدكتور محمد العماري.
وأشار وزير الصحة والسكان إلى أنه تمت الموافقة على البحوث ما قبل الاكلينيكية، التى تجرى فى المعامل وعلى الحيوانات ثم البحوث الاكلينيكية التى تجرى على الإنسان بدرجة أمان شديدة على المبحوثين "من ستجرى معهم الأبحاث".
ونص القانون لأول مرة على إنشاء "مجلس أعلى للبحوث الطبية الاكلينيكية" به ممثلين من وزارات الصحة والدفاع والداخلية ومن الجامعات والشخصيات العامة، لافتاً إلى أن هذا المجلس يضع معايير وضوابط خاصة بأخلاقيات البحوث الطبية لحماية الإنسان المبحوث والعينات التى تأخذ منه بالإضافة إلى مراجعة كل بروتكولات الأبحاث.
يقوم هذا المجلس بالتفتيش الدورى على كل الجهات البحثية التى تجرى بها البحوث الطبية فى مصر، كما يقوم بفحص أى شكوى ترد من المبحوثين أو الجهات ذات الصلة بالأبحاث الطبية الاكلينيكية، والبت فيها.
ولفت وزير الصحة والسكان أن هذا القانون حدد مراحل الأبحاث الطبية الاكلينيكية، حيث تجرى المرحلة الأولى على عدد من 20 الى 80 مبحوث، والثانية تجرى على عدد من 200 الى 300 مبحوث، مشيراً الى أن تلك المرحلتين تهدفين الى التأكد الكامل من أمان التدخل الطبي، فاذا تم التأكد من هذا الأمان يمكن للباحث أن يمر الى المرحلة الثالثة من البحث على مجموعة من المبوحثين يتراوح عددهم بين المئات والالاف لمعرفة مدى فاعلية التدخل.
أما المرحلة الرابعة وتعرف بمرحلة ما بعد التسويق لتراقب وتضمن الأمان المستمر للدواء بعد حصولة على ترخيص التداول.
وضمن هذ القانون لأول مرة حقوق المبحوثين بعدم إجراء أى بحث عليهم الا بعد الحصول على موافقة موقعة من المبحوثين تسمى بـ "الموافقة المستنيرة" مع عدم إجراء أى بحث على الفئات التى لاتستطيع أن تعطى هذة الموافقة مثل الأطفال والمعاقين.
وكشف وزير الصحة والسكان أن هذا القانون ألزم الباحثين بالتزامات من ضمنها أن يكون مستوفي لكافة المؤهلات العلمية ومحمود السيرة والسمعة وألا يتعارض البحث مع مصالحة الشخصية والا يجرى بحثة الا بعد الموافقة المستنيرة من المبحوث، والا يكون هناك عائد مادي يعطية الباحث للمبحوثين بأي صورة من الصور، واذا حدث أي مضاعفات او أثار جانبية على المبحوثين يتم انهاء البحث مباشرة ويمنع هذا الباحث من إجراء أية أبحاث أخرى لمدة عامين.
كما تضمن القانون الحفاظ على الملكية للعينات المصرية التى يتم تجميعها أثناء فترة البحث الطبي وبعدها بموجب مقتضيات الحفاظ على الأمن القومي المصري، حيث تنص المادة 25 من هذا القانون بعدم تخزين أو خروج أية عينات أو المواد الفائضة منها خارج البلاد، لغرض استخدامها فى بحوث مستقبلية أو اجراء أى تعديلات عليها دون الرجوع الى الدولة، و بموافقة من المجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الطبية.
ووضع القانون عقوبات رادعة لكل من يخالف هذا القانون تصل إلى السجن وغرامة تصل إلى 500 ألف جنية، والسجن المشدد وغرامة تصل إلى 500 ألف جنيه إذا حدث عاهة مستديمة على المبحوث، والسجن المشدد الذي لا تقل مدته عن 10 سنين وغرامة تصل إلى مليون جنية عند التسبب في موت شخص، والسجن المشدد وغرامة تصل إلى مليون جنيه عند تهريب أى عينات بشرية أثناء إجراء البحث او بعد الانتهاء منها إلى خارج البلاد.
يذكر أنه قد تقدم بعض أساتذة الجامعات ببعض التعديلات على القانون لجعلة مختصاً بالبحوث الطبية الدوائية الإكلينيكية فقط، وهو ما رفضة وزير الصحة والسكان تماماً وقال " يحتم علينا أن نحمي مواطنينا من جميع البحوث الطبية التي تجرى معهم وليست الدوائية فقط"، كما تقدموا ببعض التعديلات مثل ادخال عدد محدود من المتطوعين البشر في التجارب ماقبل الاكلينيكية، وهو ما رفضة وزير الصحة والسكان تماماً موضحاً أن تلك المرحلة هي مرحلة مبكرة تسبق التجربة على الانسان وتهدف الى تحديد درجة أمان وفاعلية التدخل الطبي، وتشمل الاختبارات المعملية و استخدام حيوانات كتجارب، مشيراً الى أنه لن نوافق على استخدام المصريين فى اختبار أمان وفاعلية الأدوية الجديدة ومؤكداً أن المصري ليس حقل للتجارب.
كما تم اقتراح فى المادة 4 أن يتم اضافة التعاون مع جهات أجنبية قبل البدء فى أية بحوث، وهو مارفضه وزير الصحة والسكان جملةً وتفصيلة، للحفاظ على الأمن القومى المصرى.
جدير بالذكر أن هذا القانون سينظم العلاقة بين الباحث والمؤسسة التي سيتم اجراء البحث معهم والمبحوثين (الذي سيتم اجراء البحث عليهم)، بالإضافة الى حماية كل تلك الأطراف، كما سيتم جذب استثمارات كبيرة للدولة مع فتح أفاق جديدة للعلم والأبحاث الطبية، كما سيضمن القانون اجراء البحوث الطبية الإكلينيكية على المبحوثين في مصر بداية من المرحلة الثالثة بعد التأكد من سلامة إجراء المرحلتين الأولى والثانية في بلد المنشأ وذلك حفاظاً على سلامة المبحوثين المصريين، كما نص القانون على الالتزام الكامل بالحفاظ على حقوق المبحوثين وبياناتهم الطبية وعدم اجراء أية دراسات أو أبحاث عليهم الا بعد الحصول على موافقتهم.
كما تضمن القانون احترام أراء ورغبات المبحوثين، حيث ألزم القانون راعي البحث (الذي سيمول البحث) بالابلاغ الفوري للمبحوثين المشاركين في البحث الطبى بأية تعديلات تجرى عليه، وبأية نتائج يمكن أن تؤثر بالسلب على سلامتهم وبالأثار الجانبية الخطيرة غير المتوقعة للبحث الطبي، مع الالتزام بإبرام عقد تأمين طبي لهم طيلة البحث الطبي مع اضافة عام أخر في هذا القانون كاجراء احترازي، فضلاً عن تقديم العلاج اللازم لهم في حالة الاصابة ذات الصلة بالبحث الطبى بالإضافة الى استكمال العلاج لمن يثبت حاجته لذلك منهم حتى بعد انتهاء البحث.