تظهر عزيمته على ثنيات وجهه، وتلمسها بأطراف حديثه عندما يتكلم، تجدها ثقة راسخة بعينيه المصراويتين، "عمرو فاروق"، الذى حقق بكرسيه المتحرك ما لم يقدر على تحقيقه أصحاب الأرجل العداءة، فحطم رقمين قياسيين فى رياضة رفع الأثقال لذوى الاحتياجات الخاصة فى غضون ثلاثة أشهر، يدرس ويعمل ويتدرب ويشارك بالمعسكرات المغلقة والمفتوحة، وفى المقابل لا تتركه بيروقراطية العمل المصرى.
فبمجرد أن تطأ قدمك الساحة الأمامية للعمارة التى يقطنها عمرو فاروق، تجد خشبتين موضوعتين على السلم ليستطيع أن يصعد عليهما بكرسيه المتحرك، كما أن تداعى هذا المشهد مع كم الشهادات التى تفاجئك به والدته فور دخولك المنزل يحرك فى القلب حبا وخوفا، حبا يشعرك بخير بلدنا وخوفا من تعمق البيروقراطية فى مواجهة الكوادر الشابة التى تنهض باسم مصر.
إن المتأمل للمعاناة الجسدية التى يتكلفها بطل قصتنا، يجدها لا تختلف كثيرا عن العقد النفسية التى يعانى منها من يحاربونه، ففى الوقت الذى يسعى فيه عمرو فاروق للتفوق الرياضى ورفع اسم مصر عاليا نجد إحدى الأساتذة بكليته تصر على رسوبه بالمادة الأخيرة له قبل التخرج بدعوى أنه كان غير منتظم فى الحضور، غير مبالية بما يتلقاه من مشقة حتى يصل إلى مقر جامعته "مصر للعلوم والتكنولوجيا" بأكتوبر وهو من سكان المهندسين، حيث تصر الأستاذة على إبقائه إلى جانبها تيرم دراسيا كاملا رافضة منحه 3 درجات للرأفة أو اعتبارها من رصيد درجاته خاصة وأن هذه المادة لا يشترط بها الغياب والحضور من الأساس.
قال عمرو فاروق: "أنا فى آخر تيرم، عديت فى 4 مواد من 5 وينقصنى 3 درجات فقط لاجتاز مادة التفاعلات بين الأدوية وأتخرج، المشكلة أن نسبة النجاح فى هذه المادة لا تتعدى 10 % على مستوى كل الطلاب والدكتورة نجلاء عساف تعنتت معنا، وكنت أتغيب لظروفى الخاصة وكذلك لأننى كان لدى بطولة فى شهر نوفمبر الماضى فى المجر وقبلها كان هناك معسكر مغلق وبطولة عالم فى أول فبراير الماضى أيضا وكان فيها معسكر".
استكمل بطل مصر فى رفع الأثقال لذوى الاحتياجات الخاصة: "أنا مش بدلع ودى كانت آخر بطولة ليا إذا لم أشارك فيها لن ألعب أولمبياد وليس بمزاجى عدم الحضور وكان لدى مادة تعارض فى نفس توقيت دراسة هذه المادة، هيقعدونى 4 شهور على مادة واحد لحد شهر 8 وعندى معسكر مغلق من هذا الأسبوع لمشاركتى فى الأولمبياد".
وأكد عمرو فاروق، أنه حصل ببطولة المجر "أوروبا المفتوحة" على ميدالية فضية وحطم الرقم الأفريقى الذى كان ثابتا لم يحطم منذ عام 2013 برفعه 222 كيلو، وفى بطولة فزاع بدبى وهى بطولة دولية أيضا حطم رقمه القياسى السابق الذى حمل اسمى ورفع 226 كيلو وصنع رقما قياسيا جديدا، ثم تم رفع اسمه للأولمبياد بعد هذه البطولة وسيدخل معسكرا مغلقا من هذا الأسبوع.
وأكد عمرو فاروق، أنه انتقل لنادى الشرطة الرياضى عام 2009، وخلال الثانوية العامة تدرب وهو يدرس بالمدرسة وكان يذهب للتدريب فى معسكر المنتخب بالمعادى ثم نقل إلى مدينة نصر، وبعد ذلك دخل الجامعة وكان يدرس 5 أيام فى الأسبوع، إضافة إلى تدريبه فى صيدلية ليتعود على أسماء الأدوية وتدريبه الخاص برفع الأثقال.
واستكمل عمرو فاروق: "ألعب من 2004 فى اللعبة، وكان لى سفرية فى لماليزيا ولم أستطع السفر بسبب الامتحانات بالجامعة "بطولة عالم"، وقبل ذلك لعبت 3 سنين سباحة، وأول بطولة شاركت بها حصلت على المركز الرابع على مستوى الجمهورية ورفعت 100 كيلو".
من جانبها، قالت والدة عمرو فاروق، إنه يعتبر حالة خاصة ولابد أن يكون هناك تعاطف مع حالته، قائلة: "قلت للأساتذة تعاقبى الطلاب غير الحاضرين لجلوسهم على القهوة ولكنه ليس منهم فهو طالب متفوق دراسيا ورياضيا ماذا تنتظرين فالت إذا زودته سأزود كل الطلاب ولكن هنا يختلف الأمر لوجود التميز فهو رفع اسم الجامعة واسم مصر وحالته الخاصة ولم نطلب أى تساهل من الجامعة من قبل".
وأضافت والدة عمرو فاروق، أن الأساتذة أبلغتها أنها متعمدة تفعل ذلك لأن الطلاب لم يكونوا يحضروا المحاضرات وأتت بامتحان تعجيزى من خارج المذكرات والكتاب، مؤكدة أن عمرو فوجئ بعد ذلك بتهديدها لزملائه قبل الامتحان، وأنها وعدتها بحل أزمة عمرو لحالته الخاصة وبعد ذلك رجعت فى كلامها ولم تمنحه درجات الرأفة.
وقال والد عمرو فاروق، إن ابنه اختار كلية الصيدلة بمفرده ورفض الالتحاق بكلية غيرها ويصر على النجاح فى الدراسة والحياة العامة، متسائلا: "هل يستوى المتدرب والمعسكرات مع الطالب العادى وقفتى تخرجه على 3 درجات، قدمنا طلبا للمسئول عن الجامعات الخاصة، وننظر الرد".