قال فضيلة مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام: "إن الشرع الشريف يقوم على مراعاة اليسر وإزالة المشقة ورفع العنت، وهذه المنهجية وتلك المقاصد والموازنات يراعيها الاجتهاد المؤسسى الفقهى الذى تقوم به دار الإفتاء المصرية عبر تاريخها من خلال الفتاوى الصادرة عنها فى كل الأحكام الشرعيَّة".
جاء ذلك فى الحوار اليومى الرمضانى فى برنامج "مع المفتى" المُذاع على "قناة الناس" الذى يقدمه الإعلامى شريف فؤاد.
وأضاف المفتى أن هناك فرقًا بين الشخصية الاعتبارية كالبنوك والدولة، وبين الشخصية الفردية فى المعاملات المالية، حيث إن القرض المُحرَّم هو الذى يقوم على التربح والخروج بعقد القرض عن طبيعته، ولهذا أطلق عليه الفقهاء أنه من عقود الإرفاق، أما البنك فلا؛ لأن عمل البنوك لا يقوم على الاقتراض من الأنانية الاستثمارية، وإنما القصد الوكالة عن المودع فى استثمار ماله، حيث إن العبرة فى العقود للمعانى والمضامين وليس للألفاظ والمسميات فقط، فالعلاقة ليست علاقة قرض بين البنك والمودع، بل هي علاقة استثمار، فما يأخذه العميل في إطار الربح حلال.
وأكد المفتى أن الذى استقرت عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية بعد دراسات مستفيضة أن الإيداع فى البنوك هو من باب عقود التمويل المستحدثة لا القروض التى تجر النفع المحرَّم، ولا علاقة لها بالربا.
ولفت مفتى الجمهورية النظر إلى أن عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك والهيئات العامة وبين الأفراد والمؤسسات، التى يتقرر التمويل فيها بناء على دراسات الجدوى للمشاريع والاستثمارات المختلفة لا تُعد من الربا المحرَّم؛ بل هى عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، مضيفًا أن الذى عليه الفتوى أنه يجوز إحداث عقودٍ جديدةٍ مِن غير المسمَّاة فى الفقه الموروث ما دامت خاليةً من الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها.
وأشار فضيلته إلى أن العلماء قصدوا إلى إظهار الرضا الصحيح من العقد، حيث إن العقود الأصل فيها "الرضا" لقول الله سبحانه وتعالى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} بمعنى لا تدليس ولا نزاع ولا جهالة ولا غش، وغيرها من الضوابط والمعايير التي رسختها المذهبية الفقهية وهي الموافقة للشرع الشريف.
وعن الاقتراض من البنوك أوضح فضيلة المفتى جوازه عند الضرورة بحيث تكون الحياة شاقة بدونه، مشددًا على عدم نسيان مسئولية المجتمع تجاه بعضه البعض.
ونبَّه مفتى الجمهورية على جواز العائد الثابت المحدد سلفًا للمتعاملين فى هذا الشأن الاستثمارى، وأنه مشروع لا شىء فيه؛ وهو أوفق لمقاصد الشرع الكلية، وأرفق بمصالح الخلق المرعيَّة فضلًا عن عدم وجود ما يحرِّمه من النصوص الشرعية.
واختتم فضيلة مفتى الجمهورية حواره بدعوته لجموع المصريين إلى الإقبال على عمليات الادخار والاستثمار فى البنوك لدعم الاقتصاد المصرى، مؤكدا أن دعم الاقتصاد الرسمى واجب دينى ووطنى.