عندما تكون الإرادة هى الركيزة الأساسية فى الحياة، فإنها تصدر لنا شخصا منتجا ومبدعا فى مختلف المجالات، وحينما تؤهل ذوى الإعاقة بشكل سليم وعلمى دقيق، فإنهم يصبحون أشخاصا مبدعين فى مختلف المجالات، ورغم ذلك فالكثير ينظرون لذو الإعاقة على أنه "شخص معاق ولا يستطيع العمل ولا يكون له الحق فى حياة كريمة مثل بقية المواطنين"، ولا ينظروا لمن استطاعوا أن يحققوا نجاحات رغم إعاقتهم، مثل هيلين كيلر التى استطاعت أن تبهر العالم بمؤلفاتها العديدة وبيتهوفن الموسيقار العالمى الذى كان فاقد لحاسة السمع، لكن كانت إرادتهم أقوى من أى صعب وكانت داعم أساسى لتحقيق الحلم.
فى منطقة عزبة النخل شرق محافظة القاهرة، ساهم مجموعة من أبناء كنيستى السيدة العذراء مريم وأبوسيفين، والبابا كيرلس بعمود الدين، قد استطاعوا مساعدة أشخاص من ذوى الإعاقات الذهنية والبصرية، ليكونوا أشخاصا منتجين فى مجالات عدة منها أنواع المعجنات المختلفة، والنسيج والسجاد، وأشياء أخرى مجمدة، ولكن يعانى هذا المكان من ضعف الإمكانيات، لأنه يعمل بالتمويل الذاتى، بمجهود وتبرعات من يشتركون فى هذه الخدمة لمساعدة ذوى الإعاقة.
فور دخولك للمكان، ستجد أشخاصا يتسمون بالتواضع والبساطة والطيبة، يهتمون بعملهم، وكأنه الروح التى تساعدهم على عيش الحياة، وستجد منهم، من له فى إنشاد "الترانيم" أى التراتيل الدينية المسيحية، ومنهم من يعشق محمد صلاح والكرة.
يتواجد أيضا المشرفون الذين يتعاملون مع هؤلاء الأشخاص كأبنائهم وإخواتهم الصغار، وتشعر وأنت معهم بالمحبة المتبادلة بينهم بصدق وصفاء القلب، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فرغم أن منتجاتهم جيدة، لكن ترفض الكنائس أن تبيع هذه المنتجات بمكتباتها ومنافذها، "لأنهم يذهبون دائما للأسماء الكبيرة"، حسب تعبيرهم.
ذهب "انفراد" لمكان هؤلاء الأشخاص وتواصلنا معهم لكى نعلم ما هى قصة النجاح الذى استطاعوا أن يحققوه بأقل الإمكانيات.
وقال رومانى مكرم، المشرف عن ورشة الأبطال الخاصة بذوى الإعاقة الذهنية والبصرية، ن من أهداف الورشة، تشغيل هؤلاء الشباب بعد ما تم تدريبهم داخل الكنائس، وبعد أن رفضت كثير من الأماكن تشغيلهم بسهولة.
وأضاف مكرم لـ "انفراد"، أنه "بعد تشغيلنا لهؤلاء الشباب، من أهدافنا أن يعلم الجميع أنهم قادرين على العمل، وحين يتوفر لهم فرص عمل سيصبحون منتجين، فهذا المشروع منذ شهر ويحصلون على مرتبات رمزية ويوجد غياب وحضور ولائحة يلتزمون بها".
وأوضح أن بعد إتقان الأشخاص ذوى الإعاقة لهذا العمل سيتم إحضار فرص عمل لهم، بعد مرور عام، و"معنا ما يثبت أن هؤلاء الأشخاص عملوا وكانوا ملتزمين ويعلمنو معنا بجد"، مضيفا أن هذه الورشة "من ضمن نماذج نسعى أن نقيمها من ضمن مجموعة نماذج للإعاقات المختلفة فيما بعد".
وقالت مريم ميلاد، من المشرفين على ورشة الأبطال أن من أبرز المنتجات، النول من سجاد ومشايات ومكواه، وإعادة تدوير ملابس، وخياطة، غير أعمال المطبخ وهى أكثر الأشياء التى يكون عليها طلب لأنها تعتمد على التداول بيننا.
وأضافت ميلاد أن من أهم المشكلات التى "نتعرض لها هى مشكلة التسويق للمنتجات لكى نستطيع أن نوفر متطلبات المكان"، وأوضحت أن التسويق فى الوقت الحالى يعتمد على الجهود الذاتية فقط، خاصة أن المكان لا يدعمه أحد ويعتمد على الجهود الذاتية.
وأشارت إلى أن عدم وجود داعم للمكان "يصدر القلق للبعض ولا يعطى لنا الثقة بالقدر الكافي"، وأضافت أن رفض بعض الكنائس تسويق المنتجات يعود إلى أنهم يبحثون عن أسماء بيعنها، ولأن المشروع قائمين عليه "ذوى إعاقة، فإنهم يقلقون رغم أن التجربة أثبتت أن هذا المشروع أفضل من الخارج بكثير لأننا نهتم بالجودة والنظافة فى الشغل لكى نستطيع تسويق منتجاتنا بالخارج".
ولفتت إلى أنهم يأملون فى الفترة المقبلة، أن يحقق المشروع نجاحا، وينتشر وهذه بداية بالمكفوفين والإعاقة الذهنية وفى القريب سيكون فى مشروع آخر للصم والإعاقة الحركية لأن يوجد الكثير من أولياء الأمور بيصيبهم القلق من خروج أبنائهم لأماكن وجدوا أن الكثير بيستغل أبنائهم بشكل غير سليم.
وقال كيرلس أحد الأشخاص العاملين بالمكان أنه يعمل بالمطبخ، وتابع كيرلس: "ينقصنا أن يكون علينا ضغط شغل وأن الناس تطلب مننا كل المنتجات ونعملها لأن فى الفترة الحالية الطلبات لم تكن بالقدر الكافى رغم أن المنتجات جيدة".
وأوضح أنه بجانب العمل بيكمل دراسته منازل ومن أحلامه أن يحقق كل أحلامه ويكون صاحب مصنع أو شركة فى مجال الاجهزة الكهربائية والتكنولوجيا.
وأضاف أنه من متابعى كرة القدم ومن محبى النادى الأهلى وعند سؤاله عن محمد صلاح قال "ربنا يشفيه"، موضحا أنه عمل فى أكثر من مكان من قبل، مصنع ومحلات، و"جيم" و"سايبر".
بينما قالت جاكلين أنها تعلمت أن تعتمد على نفسها وتتمنى فى الفترة المقبلة أن تقدم منتج جيد، موضحة أنها بتعمل بالمطبخ وأن الضغط على المنتجات حسب المطلوب منها تنفذه.
وقالت ماجدة من ضمن الأشخاص ذوى الإعاقة الذهنية، أنها تعلمت الخياطة داخل المكان وفى الوقت الحالى تتقن الخياطة بشكل جيد لأنها تدربت على الماكينات بشكل سليم وأنها تدرس فى فصول محو الأمية، مضيفة أنها تحب الترانيم والموسيقى وكانت تشارك فى فرق الكورال من قبل.
وقال أسامة من ضمن ذوى الإعاقة الذهنية، أنه يعمل بالمطبخ وفى النول وكان يعمل من قبل فى مطبعة للورق ويستكمل دراسته بمحو الأمية بجانب العمل داخل ورشة الأبطال.