واصل منتدى البحوث الاقتصادية فعاليات مؤتمره السنوى الـ24، اليوم الثلاثاء، وعقد جلسة عامة غنية بالتفاصيل حول توصيف الوضع الاقتصادى العالمى الجديد وتحدياته وكيفية التعامل معه سواء على مستوى المنطقة أو العالم .
من جانبها أكدت الدكتورة رانيا المشاط - وزير السياحة، على أن تدفق أموال كثيرة قبل الأزمة العالمية على المنطقة عبر ارتفاع أسعار النفط جعل الدول تتراخى فى عمل الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة وبعدما تغيرت الأوضاع وبدأ يحدث تراجع فى أسعار النفط و المواد الأولية التى تعتمد الدول النامية عليها أصبحت الحاجة ملحة إلى تسريع الإصلاحات لتعويض ما فات.
وأضافت الدكتورة رانيا المشاط، أن على كل دولة أن تسأل نفسها كيف يمكن زيادة الكفاءة فى الأداء والإنتاج؟ وكيف يتم التأكد من أن مخرجات السياسات تتوافق فعلا مع المطلوب تحقيقه؟ وأن تتأكد أيضا من أن السياسة المالية تلعب دورا فى دعم النمو على المدى البعيد، مشيرة إلى إنه يجب أيضا على الحكومات أن تتبنى إطارات قوية للسياسات وعلى البنوك المركزية أن تعمل بتنسيق وانسجام مع السياسات المالية وأن تكسب ثقة الجمهور بإرسال إشارات ورسائل واضحة وغير متناقضة.
أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أنها اشتركت فى كتاب جديد أصدره صندوق النقد الدولى حول السياسات النقدية وتبين للمشاركين بالكتاب أن من المهم أن تعمل البنوك المركزية التى تستهدف التضخم بشكل مرن وأن يكون من بين ما تعمل عليه زيادة النمو والتوظيف وأن يكون ذلك معلنا، وألمحت إلى وجوب الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات فى تحسين التوقعات التى تبنيها وزارات المالية او البنوك المركزية وحسن ادراتها.
بدوره، ذكر الدكتور رايموندو سوتو – الأستاذ بالجامعة الكاثوليكية فى شيلى، على أن كريستين لاجارد – مدير صندوق النقد الدولى، قالت إنها ترى أن الجديد فى الوضع العالمى هو وجود نمو منخفض ومخاطر يصعب التنبوء بها
وأضاف سوتو: "غير أن الجديد الأهم فى أمريكا مثلا هو النمو عبر الابتكار مع تدهور مشاركة القوى العاملة فى الناتج والدخول أما فى الصين فان الجديد هو تراجع النمو فى الناتج والاعتماد المتزايد على الأسواق الداخلية بدلا من التصدير وكل هذا يعنى أن الوضع العالمى الجديد ليس واحدا وأن صورته تختلف فى كل دولة عن الأخرى لكن المشترك العام هو ضعف النمو بالفعل ووجود عدم يقين بالقطاع المالى وتعاظم المديونيات والتغيرات التى حدثت فى أمريكا مثل تغيير قانون الضرائب والحرب التجارية".
وأكد الأستاذ بالجامعة الكاثوليكية فى شيلى، على أن العلاقة بين التعليم والعمل ستتغير تماما مع تطور التكنولوجيا والروبوتات والذكاء الاصطناعى وستتغير تركيبة مزيج الطاقة وتنخفض تكلفة السيارات الكهربائية، داعيا إلى ضرورة التعامل بشكل عادل مع ما يتحمله الجيل الحالى والأجيال المقبلة من تضحيات والعناية بأسعار الصرف والفائدة وبناء الاحتياطيات السليمة، مؤكدًا على أنه بشكل عام فإن النمو أفضل فى الدول التى تقوم بنوكها المركزية باستهداف التضخم والتضحيات عند الأزمات أقل.
ومن جانبه، قال "كاميار محدس – بجامعة كمبردج وزميل باحث بمنتدى البحوث الاقتصادية، إن التقلب والتذبذب فى أسعار المواد الخام وفى أوضاع الاقتصاد الكلى موجودة طوال الوقت لكن الوتيرة زادت وانه أصبح يوجد الآن ما يمكن تسميته بالنظام النفطى العالمى الجديد والتدخل الأمريكى السافر فى التأثير على الأسعار، وتوقع ألا يزيد النفط عن 60 دولارا خلال السنوات المقبلة.
وأوضح كاميار، أن النفط لم يعد مجرد قفل حنفية أو فتح حنفية ولكن أصبح موضوعا معقدا من ناحية الطلب والعرض والاستثمارات والضغوط ومن أهمها تصريحات الرئيس الأمريكى وقراراته والعوامل الجغرافية والتكنولوجية ودعوته إلى إقامة صناديق سيادية تحفظ حق الأجيال وأخرى لتحقيق التوازن فى المالية العامة والتنبه إلى تأثيرات المناخ على الاقتصاد والأسعار والموارد.
فى سياق متصل، قال مصطفى نابلى، الباحث الاقتصادى فى منتدى البحوث الاقتصادية، إن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تستفد بشكل جيد من معدلات النمو القوية عالميًا فى التسعينيات والألفينيات.
وأوضح نابلى، فى كلمته ضمن فعاليات اليوم الأخير من المؤتمر السنوى الـ24 لمنتدى البحوث الاقتصادية، أن دول المنطقة افتقدت الانفتاح اللازم ولم يتمكنوا من الاندماج مع النظام العالمى الذى كان يسجل معدلات نمو قوية، حيث أن الدول لم تمتلك ديناميكيات الاستفادة من الفرص المتاحة.
وأكد الباحث الاقتصادى فى منتدى البحوث الاقتصادية، والذى سبق له أن شغل منصب محافظ البنك المركزى التونسى عقب ثورة الياسمين وحتى منتصف عام 2012، أن مفتاح ضمان الانسجام والاستفادة لآفاق النمو فى المستقبل من "النظام الطبيعى الجديد فى الاقتصاد العالمي"، وهو العنوان الرئيس للمؤتمر السنوى لمنتدى البحوث الاقتصادية هذا العام، هو العمل على القضايا الاقتصادية المحلية وتحفيز معدلات النمو عبر تسوية الأوضاع الداخلية.
واستعرض نموذج لأربعة دول عربية هى مصر وتونس والأردن والمغرب، موضحا أنه عند وجود موجة نمو قوية يأتى ذلك على حساب زيادة معدلات التوظيف فى وظائف ذات طبيعة ضعيفة، كما رأى أنه فى حال زادت الإنتاجية فى الفترة بين عامى 2016 و2035، يتراجع النمو بنحو 1 إلى 2.2%.
فيما جاء ضمن توصيات نابلى للاستفادة من النظام الطبيعى الجديد فى الاقتصاد العالمى، العمل على زيادة أعداد النساء فى سوق العمل وعلى الأقل مضاعفة حجم نمو إنتاجية العمالة، لافتا إلى أهمية زيادة الاستثمار الأجنبى عن طريق دعم ثقة المستثمرين فى مناخ الأعمال ودعم القطاع الخاص وتسهيل اندماجه فى القطاعات المختلفة وكذلك الحد من الاحتكار لزيادة معدلات التنافسية، وخفض معدلات الادخار.
وفى سياق متصل، حث هادى أصفهانى زميل منتدى البحوث الاقتصادية والباحث فى جامعة إيلينوى، واضعى السياسات فى دول المنطقة على دعم المشروعات الصغيرة وزيادة حاضنات الأعمال لتوفير التدريب والانفتاح على العالم، وكذلك الشراكة مع القطاع الخاص لوضع القوانين اللازمة لتسهيل اندماج القطاعين العام والخاص، وتقريب وجهات النظر بين الحكومة وأصحاب الأعمال، وذلك فى ظل استمرار تراجع عائدات أسعار النفط العالمية وأسعار الفائدة المتدنية، ما يؤثر بشكل سلبى على أحجام الاحتياطيات النقدية وعوائد صناديق الثروات، وكذلك تراجع مشاركة قطاعات الصناعات التحويلية والتصنيع فى إجمالى الناتج المحلى لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفى الختام، تحدث رابح أرزيقى كبير اقتصاديى البنك الدولى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن أن النظام الطبيعى الجديد فى الاقتصاد العالمى، يفرض على الجميع التحول لمجتمع متطور تكنولوجيا خاصة وأن المنطقة تعد من المناطق الشابة من حيث الطبيعة السكانية، ما يظهر فى تغير مطالب المجتمع الذى لم يعد فقط يريد توفير الكهرباء وسبل المعيشة بل أصبح يبحث عن بنية تحتية من نوع خاص مثل زيادة سرعة خدمات الإنترنت وتوفير خدمات للدفع النقدى السريع من خلال الإنترنت.