عقد المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة الاجتماع الأول لأمانته العامة على مدار يومين، أمس الأحد واليوم الاثنين، فى العاصمة الإماراتية أبوظبى، جرى خلاله مناقشة النظام الأساسى للمجلس، واعتماد برنامج عمله التنفيذى لعام مقبل يبدأ فى أكتوبر الجارى وينتهى سبتمبر المقبل.
ويتضمن برنامج عمل المجلس على مدى عام، عقد عدد من المؤتمرات الإقليمية واجتماعات للخبراء وندوات دولية وحلقات دراسية تهدف جميعها إلى رصد قضايا المجتمعات المسلمة وتعزيز حقوقها المدنية والسياسية، وتصحيح الصور النمطية عن الإسلام.
وجاءت هذه الخطوة، التى تم الإعلان عنها فى مؤتمر صحفى عُقد اليوم الاثنين؛ بحضور أعضاء الأمانة العامة للمجلس، تجسيداً لمخرجات المؤتمر العالمى للمجتمعات المسلمة الذى عُقد بالعاصمة الإماراتية يومى 8-9 مايو الماضى بعنوان "الفرص والتحديات".
قال الدكتور على راشد النعيمى، رئيس المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة، فى المؤتمر الصحفى، إن "الهدف الأساسى للمجلس هو تمكين المجتمعات المسلمة لتحقيق الاندماج الإيجابى فى دولهم، وتمكينهم من تحقيق المواطنة التامة وتمثيل الإسلام بوجهه السمح، وليكون للمسلمين إسهام فى بناء أوطانهم ودور إيجابى فى صناعة مستقبل مشرق لأبنائهم".
وأضاف الدكتور النعيمى أن "المجلس الآن فى طور التكوين، وهناك عدة مراحل سنمر بها بدءاً من اعتماد النظام الأساسى وتسجيل المجلس رسميا كمنظمة دولية، مرورا بإطلاق عدة مبادرات ومشاريع فى عدة أنحاء بالعالم، بالتنسيق مع الدول لتحقيق المواطنة".
وأكد الدكتور النعيمى أن "هناك توافقا لدينا فى المجلس بأننا بحاجة لمرونة فى التعامل مع المجتمعات المسلمة، ودعم قضايا المجتمعات المسلمة التى تعانى من فجوة فى دولها"، مشيراً إلى أنه "ليس هدفنا التأثير على المجتمعات الحاضنة للمسلمين، بل نحن هنا لندعمهم فى قضية الاندماج وردم الفجوات الموجودة، ومعاملة المسلمين كمواطنين أصليين وتحقيق المواطنة الكاملة".
وشدد رئيس المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة على الحاجة إلى "تجاوز المفاهيم المسبقة الراسخة لدى المجتمعات الحاضنة وتغيير نظرتها إلى المسلمين، فنحن نحتاج الشجاعة والجرأة والثقة بالنفس للتحدث عن المسلمين، ونحن هنا لترسيخ تلك المفاهيم".
كما أشار الدكتور محمد البشارى أمين عام المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة إلى قمة وعى القيادة الرشيدة بضرورة الاهتمام بالمجتمعات المسلمة خارج العالم الإسلامى وقضاياها وأهميتها اليوم وتأثيرها فى المحافل الدولية، أطلقت من أبوظبى المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة كمظلة جامعة ومنسقة للمنظمات والمراكز الإسلامية المعتدلة لترشيد أبنائها وتحصينهم من تيارات العنف والتطرف وتجسير الثقة بينها وبين مختلف المكونات المجتمعية. يقول علماء الأصول: «مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب»، ولن تهزم دول الاعتدال قوى الشر ومشاريع الانتحار الحضارى إلا بتوحيد الجهود وتنسيق المبادرات. لذا فإن العمل العربى المشترك واجب شرعى.
كما أكد البشارى على العمل المستقبلى للمجلس من هلال برامج التواصل الحضارى والحوار بين اتباع الأديان والطوائف الاخرى من اجل تحقيق الامن والعيش المشترك.
كان من بين الحضور فى اجتماع المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة، الشيخ نفيع الله عشوروف مفتى روسيا الآسيوية، الشيخ الدكتور سليم علوان أمين عام دار الفتوى فى أستراليا، الدكتور محمد يوسف هاجر أمين عام المنظمة الإسلامية بأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبى، الدكتور عزيز حسانوفيتش مفتى كرواتيا، يحيى بلافيتشينى نائب رئيس الجمعية الإسلامية فى إيطاليا، الدكتور عبد الحكيم الفيضى رائد تطوير المناهج الإسلامية، الشيخ شعبان رمضان موجابى مفتى أوغندا ورئيس المجلس الإسلامى الأعلى.
كما حضرت السيدة سيما خان مؤسسة جمعية نيبال للنساء المسلمات، الدكتور يوشار شريف داماد أوغلو مساعد بكلية العلوم الإسلامية جامعة آرسطوتاليوس ثسالونيكى اليونان، الدكتور قطب مصطفى سانو عضو مجمع الفقه الإسلامى الدولى بمنظمة المؤتمر الإسلامى، ومدير المعهد العالمى لوحدة المسلمين بماليزيا، الشيخ حسان موسى نائب رئيس مجلس الإفتاء فى السويد، الدكتور الخضر عبد الباقى مدير المركز النيجيرى للبحوث العربية.
وناقش المجتمعون النظام الأساسى للمجلس العالمى للمجتمعات المسلمة الذى شمل الهيكل التنظيمى للمجلس، والذى ضم المؤتمر العام بعضوية 600 ممثل عن المجتمعات المسلمة، وله السلطة العليا ويجتمع كل عامين، إضافة إلى الهيئة الاستشارية وتتكون من 85 عضوا يتم اختيارهم من قبل المؤتمر العام لمدة 4 أعوام.
وضم مشروع النظام الأساسى الأمانة العامة والمكونة من 21 عضوا يجتمعون كل ثلاثة أشهر على الأقل، إضافة إلى اللجنة التنفيذية والتى يتم انتخابها من طرف الأمانة العامة وتتكون من 7 أعضاء.
وأقر الاجتماع الأول للأمانة العامة للمجلس العالمى للمجتمعات المسلمة، برنامج العمل التنفيذى الذى يهدف إلى خدمة أكثر من نصف مليار مسلم يعيشون فى بلدان متعددة الثقافات والأديان والأعراق.
وركزت خطة عمل المجلس لعام مقبل على سبعة مجالات رئيسية تسعى جميعها إلى خدمة أبناء المجتمعات المسلمة فى العالم عبر تنظيم 18 فعالية دولية موزعة فى عدة مناطق بالعالم على النحو التالي: خمسة مؤتمرات إقليمية وخمسة اجتماعات للخبراء والمختصين و5 ندوات دولية وثلاث حلقات نقاشية، وجميعها من المقرر أن يشارك فيها عدد كبير من الشخصيات العالمية والخبراء والمتخصصين.
ومن المقرر أن تعقد هذه الفعاليات فى عدة دول أوروبية وآسيوية وأفريقية ولاتينية، من بينها روسيا وبريطانيا وسويسرا وهولندا والسويد والنمسا، وكرواتيا وبلجيكا واستراليا والهند والمغرب ونيجيريا، وجنوب أفريقيا وأوغندا ونيبال والأرجنتين وغينيا وأثيوبيا، إضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وشملت المجالات التى تستهدفها خطة عمل المجلس العالمى "تعزيز الحقوق المدنية والسياسية للمجتمعات المسلمة فى الدول غير الإسلامية"، و"تعزيز انتمائها الدينى والوطنى”، والسعى أيضا إلى "تحقيق الأمن الفكرى والروحى والثقافى لها لحمايتها من الغلو والتطرّف".
المجالات الأخرى التى يسعى إليها المجلس أيضا هى "تصحيح الصور النمطية عن الإسلام والمجتمعات المسلمة فى الإعلام الغربى”، و"العناية بالأسرة والمرأة والطفولة، والشباب فى الدول غير الإسلامية"، وكذلك "النهوض بالأداء الوظيفى للمؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية وتفعيل دورها فى الحد من ظاهرة الغلو والتطرف والتمييز العنصرى والكراهية".
وتشمل أيضا خطة عمل المجلس خلال الفترة المعلنة إلى تحقيق المحور السابع وهو "الاستفادة من الكفاءات العلمية المسلمة وتوظيفها فى الرفع من المستوى التعليمى والمعرفى لأبناء المجتمعات المسلمة فى الدول غير الإسلامية".
ووضع المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة نصب أعينه عدة أهداف يسعى لتحقيقها خلال المدة الزمنية التى تم تحديدها فى الفترة ما بين سبتمبر 2018 إلى أغسطس 2019، ولعل أبرزها تعزيز الحقوق الثقافية والدينية والمدنية للمواطنين من أصول مسلمة فى المجتمعات غير الإسلامية وبحث السبل الناجعة للحد من كل تجاوزات تهدر حقوقهم، وتأصيل التعددية الثقافية والتنوع المذهبى وتعزيز برامج التبادل المعرفى بين تلك المجتمعات.
ويتعاون مع المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة لتنفيذ خطة العمل عدد من المنظمات والهيئات الإسلامية والعربية والدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والمراكز والجمعيات الثقافية للمجتمعات المسلمة فى الدول غير الإسلامية، والمؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى فى العالم الإسلامى وخارجه.
و"المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة" منظمة دولية غير حكومية تتخذ من أبوظبى مقرا لها وتھدف إلى تنسیق جھود مؤسسات المجتمعات المسلمة فى الدول غیر الاسلامیة، والارتقاء بدورھا الوظیفى لتحقیق الأنموذج الحضارى تشجیعًا لأفراد المجتمعات المسلمة للمساھمة فى نھضة دولھم، وتصحیح الصورة النمطیة عن الإسلام والمسلمین، وردم الھوة الفكریة والثقافیة والاجتماعیة بین مكونات المجتمع الإنسانى والعمل على بناء الجسور بین مواطنیها.