"ما حكم نقل الميت من المقبرة التي دفن بها إلى مقبرة أخرى ؟"، سؤال ورد للجنة الفتوى بمجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف ،وجاء رد اللجنة كالآتى:
المبادئ ( أن يدفن كل ميت في قبر مستقل ، لا يشاركه فيه غيره إلا لضرورة، ولا يجوز دفن الرجال مع النساء إلا لضرورة، حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، لا يجوز نبش قبر الميت إلا لضرورة شرعية، لا يجوز نقل الميت من قبره إلا لضرورة).
وأشارت إلى أنه من سنة النبي صلى الله عليه و سلم أن يدفن كل ميت في قبر مستقل، لا يدفن معه غيره فيه، فقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه و سلم، و فعله أصحابه من بعده، فإن ضاقت المقبرة عن استيعاب الموتى ، أو لا توجد الأراضي الكافية للدفن فيها ، كما هو الحال في غالب مصر، أو لم يوجد من يحفر القبور جاز دفن أكثر من ميت في قبر واحد مراعاة لحالة الضرورة ؛لأن النبي صلى الله عليه و سلم فعل هذا عند دفن شهداء المسلمين يوم غزوة أحد ، فقد قال لأصحابه لما شكوا إليه:« احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَاجْعَلُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ فِى الْقَبْرِ » رواه أبو داود.
وأوضحت اللجنة ، أن دفن الرجل و المرأة في قبر واحد فلا يجوز إلا لضرورة على القول الراجح. قال الإمام الشافعي رحمه الله:" وَلاَ أُحِبُّ أَنْ تُدْفَنَ الْمَرْأَةُ مَعَ الرَّجُلِ عَلَى حَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ , وَلاَ سَبِيلَ إلَى غَيْرِهَا كَانَ الرَّجُلُ أَمَامَهَا , وَهِيَ خَلْفَهُ , وَيُجْعَلُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ".
وتابعت :"قال ابن حجر في فتح الباري:" روى عبد الرزاق بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع ، أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه ، وكأنه كان يجعل بينهما حائلا من تراب ولا سيما إن كانا أجنبيين"، فإذا دفنت المرأة مع الرجال في قبر واحد فيجعل بينهما حاجز من تراب".
وحرمت الشريعة ، أى امتهان لكرامة الميت أو التعامل معه بطريقة غير لائقة، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا». فلا يجوز التعامل مع الميت بأي طريقة غير ملائمة، أو الاعتداء عليه.
.
أما نقل الميت من قبره الذي دفن فيه فقد اختلف فيه الفقهاء، فقد ذهب الحنفية و الشافعية إلى عدم جواز ذلك إلا لضرورة كدفنه في أرض مغصوبة ، أو أن تؤخذ الأرض بالشفعة ، و استدلوا على منع النقل بان فيه انتهاكاً لحرمة الميت، وقالوا: "وَلِذَا لَمْ يُحَوَّلْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ دُفِنُوا بِأَرْضِ الْحَرْبِ إذْ لا عُذْرَ".[ فتح القدير ج2 ص140].
و ذهب المالكية إلى جواز نقل الميت بعد دفنه بشروط ثلاثة: "ألا ينفجر حال نقله، وألا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة ، كأن يخاف عليه أن يغرق البحر قبره أو يأكله السبع، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله".