قررت وزارة الأوقاف أن يكون موضوع الابتلاء بالخير والشر هو موضوع خطبة الجمعة القادمة ٢٦ / ١٠ / ٢٠١٨ م.
وقال وزير الأوقاف د محمد مختار جمعة إن الابتلاء معناه الامتحان والاختبار، ويكون بالخير والشر، ويقول الحق سبحانه: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" (الأنبياء : 35)، ويقول سبحانه : " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" (العنكبوت : 2-3).
وأوضح أن الابتلاء يكون بالسعة فى المال أو ضيق ذات اليد فيه، الأول يبتلى لينظر هل يشكر ويؤدى حق الله فى المال أو لا، ويقول الحق سبحانه: "هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِى وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ" (محمد :38)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلمًا فهو يتقى فيه ربه ويصِلُ فيه رحمه ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول لو أن لى مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علمًا فهو يخبِط فى ماله بغير علم لا يتقى فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا فهو يقول لو أن لى مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء" (سنن الترمذي).
وتابع: "من شكر فله المزيد وحسن الجزاء، ومن كفر فله السخط وزوال النعمة، ولعذاب الآخرة أكبر، حيث يقول الحق سبحانه: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ" (الرعد: 7)، ويقول سبحانه : "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" (النحل : 112).
والآخر يبتلى بقلة المال لاختبار صبره وصلابة إيمانه أو جزعه وسخطه وضعف إيمانه بالله تعالى، وفى هذا يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "طوبى لمن هدى للإسلام وكان عيشه كفافًا وقنع" (رواه الترمذي) .
والابتلاء يكون بالصحة والمرض، بالصحة لينظر هل سيشكر صاحبها نعمة الله عليه ويجعلها فى خدمة الضعيف والشيخ الكبير وذوى الاحتياجات الخاصة أم يفترى بصحته وقوته على خلق الله، وقد يكون بالمرض لينظر هل سيصبر صاحبه على ما أصابه أو لا، فمن صبر ورضى فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
وقد يكون الابتلاء بالولد أو بالحرمان منه، فمن ابتلى بالولد نظر هل سيشكر النعمة، ويؤدى شكرها بحسن تربية أبنائه وتعهدهم، والوفاء بحقهم، فعن كعب بن عجرة: " أن رجلا مر على النبى (صلى الله عليه وسلم)، فرأى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جلده ونشاطه ما أعجبهم، فقالوا : يا رسول الله: "لو كان هذا فى سبيل الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن كان يسعى على ولده صغارا فهو فى سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين ففى سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه ليعفها ففى سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أهله ففى سبيل الله، وإن كان خرج يسعى تفاخرا وتكاثرا ففى سبيل الطاغوت" (المعجم الصغير للطبراني)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "من كن له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بِنتان أو أختان اتقى الله فيهن وأحسن إليهن حتى يبن أو يمتن كن له حجابا من النار" (مسند أحمد)، أو أنه سيضع الأمانة والنبى (صلى الله عليه وسلم) يقول: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" (المستدرك على الحاكم)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "كلكم راع ومسئول عن رعيته، الرجل فى أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة فى بيت زوجها راعية وهى مسئولة عن رعيتها " (صحيح البخاري)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إن الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع؟ حتى يُسأل الرجل عن أهل بيته"(صحيح البخاري).
وقد يكون الابتلاء بعدم الولد لينظر هل سيرضى الإنسان ويقنع ويرضى بقضاء الله وقدره أو سيجزع ويسخط، وهكذا الشأن فى الحال كله ما بين ابتلاء بالخير وابتلاء بالشر، فالمؤمن الحقيقى هو من يشكر فى السراء ويصبر فى البأس والضراء، أى أنه ينجح فى كل الاختبارات، وفى هذا يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" (صحيح مسلم).