نشر موقع "الغرباء" الإلكتروني، التابع لتنظيم داعش الإرهابي مقطعًا مرئيًّا جديدًا بعنوان: (تجديد البيعة)، أعلن فيه أن تنظيم الدولة الإسلامية، ممثلًا في أهل الحل والعقد، قد قرر مبايعة إبراهيم بن عواد بن إبراهيم القرشي الحسيني، المُلقب بأبي بكر البغدادي خليفة للمسلمين وإعلان قيام الخلافة الإسلامية.
وأوضح المقطع الذي أصدرته مؤسسة الصمود للإنتاج الإعلامي، بصوت المدعو أبي محمد العدناني، الدول والمناطق التي تشملها الخلافة الإسلامية المزعومة وهي: جزيرة العرب وسيناء وخراسان واليمن وليبيا والجزائر وغرب أفريقيا والصومال.
كما دعا المقطع المسلمين في كل مكان إلى مبايعة الخليفة المزعوم أبي بكر البغدادي طاعة لله بزعمه، مؤكدًا أنه لا علاج للخلاف بين المسلمين إلا بوجود الخليفة المزعوم.
وأكد المقطع أن عودة الخلافة الإسلامية على يد الخليفة المزعوم يعد هزيمة للكافرين والطواغيت في الشرق الأوسط وفي الغرب، مؤكداً على أن خلافتهم الإسلامية المزعومة سوف تسير على منهاج النبوة، ناقلة صورة للبغدادي وهو يصعد المنبر مرتديا السواد.
وقالت المنظمة العالمية لخريجى الازهر فى ردها على الفيديو أنه يتضح خلال هذا المقطع لكل أن التنظيم قد فقد بريقه الخادع في التأثير على الشباب، ويسعى لاستدعاء الأنصار والمتعاطفين من شتى البقاع، بعد الهزائم المتتالية التي مُنيَ بها على يد جيوش المنطقة، وأنه قد أفلس تمامًا فلم يعد عنده من الوسائل والآليات ما يمكنه من الصمود في معركته الخاسرة، فراح يستعمل مصايد وفخاخ جديدة، بل ويعيد ذات وسائله القديمة مرة أخرى، والتي منها استعمال أيقونة (الخلافة) ليوقع بها عددًا من المتعاطفين الجدد ويقنع مزيدًا من شباب المسلمين حول العالم بالانضمام إليه، على أمل بث الدم من جديد إلى عروق التنظيم بعد أن هزل وضعفت قواه، وأوشك على الذوبان والاندثار.
وتابعت: إن طنطنة التنظيم حول الخلافة، وجعلها هدفا في نفسها، لهي من أكبر الأوهام التي تصدر للشباب المسلم على أنها من أصول الدين وأركانه، وليست كذلك، إذ ليس في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية ولا في أحداث السيرة الشريفة ما يشير إلى نظام محدد للحكم في الإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن طالع الأحاديث المروية في كتاب الإمارة من كتب السنة المطهرة، لن يجد فيها أي تقنين لنظام الحكم، وإنما أكدت على مجموعة من المباديء التي يتعين مراعاتها كالعدل، وتولية القادر على الحكم، ونحو ذلك، مما يعني أن المسلمين لم يجدوا نظاما محددا منصوصا للحكم وإنما كانت ظروفهم هي التي حددت ذلك".
أما ما تبنته بعض التنظيمات والجماعات من التنظير لقيام أحزاب دينية تقاتل للاستيلاء على السلطة معتبرين ذلك هدفا رئيسا من أهداف الشريعة، ومرتكزين على أفكار المودودي وعبد القادر عودة وتقي الدين النبهاني من غير المعتبرين في العلم الشرعي، فيعد انحرافا عن منهج جماهير الأمة الإسلامية من السلف والخلف.
ولنفترض أننا سلمنا جدلا بضرورة وجود خليفة للمسلمين، فهل يكون هو البغدادي المزعوم؟ إننا لا نعرف لهذا البغدادي اسما ولا نسبا ولا دينا ولا سابقة في الإسلام، فهل يقول عاقل بأن خليفة المسلمين مجهول العين والحال لجماهير المسلمين؟
ثم من الذي اختار هذا البغدادي ليفرضه على المسلمين في الشرق والغرب، ومن في تلك البلاد التي ذكرها المقطع راضٍ عن خلافة هذا البغدادي؟ وهل انتهى الخلاف بين المسلمين بوجود هذا البغدادي؟
وأي فرح للمسلمين وأي هزيمة للكافرين في إعلان البيعة لهذا المجهول؟ أليس البغدادي وأمثاله هم من أعطى للغرب مبررا أساسيا أمام العالم كله لتخريب بلاد الإسلام وتهديد أمنها بل واحتلالها، أليس العالم كله يدري من الذي أدخل أمريكا إلى أفغانستان الآمنة، ليتحول أمنها إلى خوف ورعب ودمار.
لقد أضر هؤلاء الإسلام حين قرروا الإقدام على ما لا يرضي الله ورسوله من قتل الغيلة، وترويع الآمنين، وتشويه صورة الإسلام، فخرج الناس من دين الله أفواجا إلى الإلحاد الذي نصب شراكه على نواصي عملياتهم الإرهابية السوداء.
والعجب في هذا المقطع أنه راح يصف البغدادي بالقرشي الحسيني، وكأنه يريد أن يتاجر بالنص الشريف القائل :(الأئمة من قريش)، معتقدا أن ذلك يعطيه حقا فيما يدعيه، ليدل بذلك على جهل فوق جهل، إذ المقصود ليس تحديد قريش وتعيينها، وإنما النص على من يرضى المسلمون بحكمه ويخضعون لسلطانه.
وإنا نحذر شباب المسلمين في سائر بقاع الأرض شرقا وغربا من الانسياق وراء دعوات هذا التنظيم الأسود، مؤكدين على أن رضوان الله ورسوله لا يكونان بالقتل والإرهاب والعنف، وأن مصلحة الأمة في استقرارها، لا في تشرذمها وتفرقها.