طالب الشيخ صالح عباس، القائم بعمل وكيل الأزهر، بضرورة وضع منهج تعليمي أخلاقي موحَّد يأخذ منه الجميع زادا للاتفاق والوحدة والائتلاف، و تعظيم دور الإعلام لتوثيق قيم التعاون والسلام في المجتمعات الإسلامية وغيرها.
كما طالب خلال مشاركته في الملتقي الخامس لمنتدى تعزيز السلم بالمجتمعات المسلمة والذي يعقد تحت عنوان حلف الفضول فرصة للسلم العالمى، بضرورة قيام المنظمات الدولية بدورها في إيجاد تسوية سياسية شاملة وعادلة لكافة الأزمات وأهمها القدس، ووضع أسس لاستراتيجية عالمية لمواجهة الإرهاب في مختلف أنحاء العالم، يلتزم بها قيادات الأديان الإبراهيمية، والقيادات الفكرية، تشمل المشترك بين الأديان من قيم التسامح والعدالة والمعايشة، مع العمل على تجفيف منابع التمويل بالمال والسلاح.، ومواجهة الانحراف الفكرى والاجتماعى عند البعض بتصحيح المفاهيم، وتوجيه الأفكار نحو ما يدعم الوحدة والائتلاف.
وقال الشيخ صالح عباس، إنَّ حلفَ الفضول كان تجمعًا وميثاقا إنسانيًّا تنادت فيه المشاعر الإنسانية لنصرة الإنسان المظلوم، والدفاع عن الحق، وهو من مفاخر العرب قبل الإسلام ، وليس الغرضُ من وراء الحديث عن حلف الفضول مجردَ الوقوف على أحداث تاريخية مَضَتْ، أو استحضارَ أمجادٍ من عروبةٍ انقضت، بل المقصدُ من ذلك الوقوفُ على مبادئ حلف الفضول والاستفادة من دروسه، والسعي إلى بعث روحه فينا من جديد بحيث نضمن للإنسان حقوقه، وسعادته.
يطوف حلفُ الفضول حول تأسيس ِكِيَان يعمل على فض النزاعات والمشكلات القائمة بين العائلات والقبائل، ورفع صور الظلم في المجتمع، ومنع أكل حقوق الناس بالباطل والدفاع عن المظلومين.
وثناءُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الحلف يؤكد أنه حلف ينسجم مع ما جاء به الإسلام، وقد نُقِل عن النبي صلى الله عليه وسلم قولُه: «وأَيُّمَا حِلْفٍ كان في الجاهلية لم يَزِدْه الإسلامُ إلا شِدَّةً». والمقصود هنا أنّ «كل حلف كان على الخير ونصرة المظلوم وصلة الأرحام، فمثل هذه الأحلاف لم تزدها أحكامُ الإسلامِ إلّا شدةً؛ حيث قد تضمنتها، بل زادت عليها ووضعت لها ضوابط وتشريعات أكدتها . مؤكد أن الإسلام يزكي الفضيلة مهما كان مصدَرُها وأيّاً كان مُصَدِّرُها، ويدعو الإنسانية إلى ترسيخ مبدأ التعاون على البر والتقوى والبحث عن الفضيلة بحثًا كونيًا عابرًا للثقافات ومتجاوزًا لحدود الحضارات.
وأشار إلى أن الناظر في مبادئ الإسلام وتشريعاته يجدها تتلاقى مع مبادئ هذا الحلف، وتؤكدها، وتزيد عليها، فإذا كان حِلف الفضول وهو حِلفٌ بشري قد نادى بضرورة نُصرة المظلوم والوقوف بجانبه إلى أن يَأخذَ حقَّه؛ فإن الإسلام قد حرم الظلمَ بشرع إلهي، فقال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا"، وحذر من عاقبة الظالمين فقال عز وجل: "وَنَقُول لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّار الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ" .
وأضاف الشيخ صالح عباس:" يجب علينا أن نتدارس من جديد حلفَ الفضول لنتمكن من إيجاد صيغة خاصة نلتف حولها من جديد، تدفع الظلم، وترفض الإرهاب، وتمقت البغي، وتعيد الحق إلى نصابه ، ويجب الجميع هو العمل متحدين، والتفكير سويًا، للخروج بالعالم من وضع التوتر الذي يعيشه اليوم، بإبراز دور رجال الدين الذين يؤمنون بقيم السماحة ويلتزمون بآداب التعايش، ويؤصلون للمفاهيم بما يخدم الواقع المعاصر، بحيث تقدّم حقائق الدين في انسجام مع متغيرات العصر ، فقد آن الأوان، في ضوء قراءة معاصرة لتلك الأحلاف التي درأت عن العرب الأخطار المحدقة بهم، والتي كانت تهدد وحدة مجتمعهم، أن نفتش عن شكل معاصر من أشكال التحالف التي في وسعها أن تحمل في بواطنها الحلول الحقيقية السليمة القائمة على أشكال معاصرة من التحالفات التي لم يعد منها مناصًا ولا مهربا".
وأوضح أن حلف الفضول يمثل خطوة عملية في تعزيز السلم، واستلهام روحه بما يتيح بناء مقاربة تصالحية تتيح لأتباع الأديان تربية أتباعهم على التلاقي والتكامل، وتحثهم على تجاوز مشاعر الكراهية بكل أنواعها وأصنافها، والتصدى لكل التحديات.