انفراد بأرض «مملكة دادان» و«مقابر الأسود».. حضارة القرن السادس ق.م

تحوطها جبال بلونها الأحمر القاتم، عليها نقوش وكتابات ورسومات ومقابر منحوتة، توثق حضارة مملكة «دادان» و«لحيان»، التي نشأت في القرن السادس قبل الميلاد. قبل سنوات قليلة لم يكن من المسموح به، زيارة تلك الأراضي أو التنقيب فيها، وحاليًا تقوم المملكة العربية السعودية بعمليات التنقيب في المنطقة التي تقع بمحافظة العلا، لتتكشف التفاصيل ويبدأ التأريخ الحضاري لمملكتي «دادان» «لحيان»، وتاريخ ما قبل الميلاد. تمكن «انفراد» من زيارة أرض مملكة «دادان»، وما تحويه من أماكن آثريه تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، و«مقابر الأسود» و«محلب الناقة»، وأطلعت على تفاصيل عمليات التنقيب التي تجرى حديثًا، وتكشف الكثير عن حضارات ما قبل التاريخ التي نشأت في تلك المنطقة. و«مملكة دادان» هي مملكة تابعة لمملكة معين، قامت في مستوطنة دادان وتيماء ومدائن الأسود وجبل عكمة إقليم الحجاز غرب شبه الجزيرة العربية، وتشير كتابات التاريخ إلى أنه في عصر ما قبل الميلاد أقامت جالية معينية قادمة من الجوف باليمن دولة وحضارة في دادان وتيماء شمال الحجاز، كانت تسمى مستوطنتهم ددن أو دادان، وفي فترة من الفترات اتخذ المعينيين من مدينة دادان عاصمة ثانية لهم في الشمال. يعكس ما تم اكتشافه حتى الآن من آثار، قوة هذه الشعوب وحضاراتهم، ويظهر ذلك من الإنتاج المعماري والحضاري الذي تركوه، وتحوي المملكة على «مقابر الأسود»، وهي مقابر أثرية منحوتة في الجبال على شكل أسود، و«محلب الناقة»، وهو حوض دائري الشكل منحوت في الصخر. في محاضرة له بجامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الذييب تحت عنوان «دادان عاصمة مملكتي ديدان ولحيان»، قال إن مملكة دادان أدت دورًا حضاريًا متميزًا وتحديدًا فيما بين القرنين السابع إلى الرابع قبل الميلاد، لكن عمقها التاريخي يعود حسب الدراسات إلى العصر الحجري القديم، فقد بينت الدراسات عن مجموعة من المواقع ذات الاستقرار المؤقت تعود إلى ذلك العصر». أضاف، «لاحقًا دفع موقعها الاستراتيجي وبيئتها وطبيعتها الخلابة الإنسان العربي القديم إلى الاستقرار الدائم فيها منذ العصر الحجري الحديث، وتكونت مع الوقت وبجهد من أهلها سمعة طيبة لمدينة ديدان وسكانها، حتى أنها بدأت تُعرف منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد بمملكة ديدان. ولشهرتها ومكانتها نجدها بحكم علاقاتها الاقتصادية مذكورة في كل المصادر المعاصرة لها آنذاك: المسمارية والآرامية والثمودية والكتب الدينية وغيرها؛ وتوسعت هذه المملكة شمالاً حتى سيطرة على الخليج لحيان، كما اسمته المصادر الكلاسيكية، والمعروف حاليًا بخليج العقبة، وشرقًا إلى تيماء، وجنوبًا إلى مدينة الحِجْر النبطية. أما غربًا فكان البحر الأحمر مفتاحها في علاقاتها التجارية مع أفريقيا وتحديدًا مصر». واستكمل قائلا:«قبل ثلاثة عشر عامًا وتحديدًا في العام الهجري 1425، الموافق للعام 2004 ميلادي، بدأ قسم الآثار بجامعة الملك سعود عمليات التنقيب بالموقع، ونتج عن هذه المواسم الثلاثة عشر الكشف عن المعبد الرئيس للمدينة الذي هيمن عليه المعبود (ذو غيبة)، والغرف الخدمية والمنصات التي كانت توضع على بعضها التماثيل الضخمة». وإضافة إلى هذه المكتشفات المعمارية فقد تمكن الفريق الذي تشرفتُ برئاسته عدة سنوات من الكشف عن نقوش آرامية وديدانية ولحيانية ونبطية وثمودية، ومعثورات معدنية وحجرية وغيرها. وقد عكست هذه المكتشفات عن غنى المجتمع اللحياني ودوره الواضح في الجدار الحضاري ليس في شبه الجزيرة العربية وحسب بل في خارجها، وتوطدت علاقاتها الاقتصادية مع جميع شعوب المنطقة مثل: ممالك جنوب الجزيرة العربية والمدن الحضارية في شرقها، وكذلك الممالك في سورية الكبرى (الآراميين، والفينيقيين)، والمصريين، وشعوب بلاد الرافدين وغيرهم الكثير. وتقع محافظة العلا على بعد 300 كلم إلى الشمال من المدينة المنورة، ويجتمع بين ثنايا دروبها تراث أصيل وعراقة تاريخية وثقافية كبيرة، وتتميز بيئة محافظة العلا بثرائها الطبيعي، حيث تحتضن وادي القرى، وهو وادي خصب يجري في منتصف العلا ويمتد من الشمال إلى الجنوب تحيطه الجبال والسهو، وكان الوادي موطن للعديد من الحضارات المتعاقبة والتي ما زالت تمتلك لها شواهد أثرية على امتداد الوادي، ومن بينها مملكة "دادان" الذي استوطنه اللحيانيين والأنباط. ولعبت العلا دورها عبر التاريخ كملتقى للحضارات والثقافات، وكانت محطة مهمة على طرق التجارة العالمية بداية من القرن الأول قبل الميلاد، حيث على طريق التجارة القديم "طريق البخور" الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية بشمالها وبالحضارات التاريخية المجاورة في كل من مصر وبلاد الشام وبلاد الرافدين، وكانت مدنها وواحاتها بمثابة محطات عالمية للتبادل التجاري لمختلف السلع. وتضم محافظة العلا، العديد من المناطق الآثرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، أبرزها مدائن صالح (منطقة الحجر) والتي كانت موطن الأنباط وقوم عاد المذكورين في القرآن الكريم، وتعتبر "مدائن صالح" أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة التراث العالمي، كما تعتبر صخور "الغراميل" من أبرز معالم الصحراء في محافظة العلا، وهي تكوينات وجبال صخرية، ويعد "جبل الفيل" أحد أبرز التشكيلات الصخرية ومعالم وادي العلا، ويبلغ ارتفاعه 50 متر، و"جبل عكمة" التاريخي والذي يحتوي على الكتابات والنقوش الأثرية للحضارة اللحيانية إلى جانب الحضارات الديدانية والمعينية والنبطية، و"مملكة دادان" حيث تم اكتشاف ما يسمى ب"مقابر الأسود" التي تعد أبرز آثار المملكة.






















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;