قالت الدكتورة ميرفت التلاوى إن التراث الثقافى المصرى والعربى يتعرض كل يوم لعمليات سطو إسرائيلية، إذ تدعى الأخيرة نسب جزء من تراثنا السيناوى ومشغولاتنا اليدوية وغيرها إلى تراثها، وهو ادعاء سافر وغير حقيقى، وذلك خلال ندوة "حماية الملكية الفكرية" بالقاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وشارك فيها الدكتورة ميرفت التلاوى، الدكتور أحمد مرسى، والدكتور شريف شاهين، والدكتور حسام لطفى، والدكتور محمد القدسى، وأدار المناقشة المستشار الدكتور خالد القاضى.
وأكدت "التلاوى" أن حقوق الملكية الفكرية يجب أن تدرّس ويركز عليه الإعلام لأن الكلمة ثقيلة وغير مفهومة بنسبة كبيرة، حتى لا يصبح مفهومًا مقتصرًا على النخبة وإنما لكل الجمهور، فالملكية الفكرية واسعة وتشمل الأفكار والعلامات التجارية والأدبية والفنية وغيرها.
ورأت "التلاوى أن أبناءنا فى مصر والدول العربية لديهم القدرة على الاختراع وإنتاج الأفكار، ومثل هذه الابتكارات إذا أديرت بشكل منظم سوف تدر دخلا قوميًا كبيرًا.
وروى الدكتور أحمد على مرسى، أستاذ الأدب الشعبى والفلكلور بجامعة القاهرة، إحدى صور انتهاكات إسرائيل لحقوق الملكية الفكرية العربية، قائلا: "خلال إحدى زياراتى فى الخارج عثرت على كتاب بالعبرية فى الفلكلور، وقرأت هذا الكتاب وأصابنى الذعر الشديد حين قرأته، إذ يدعى الكتاب أن كل مظاهر الثقافة والحضارة عند العرب لها أصول عبرية، كما يدعى أن هناك بعض الآيات فى القرآن تشير إلى وجود أرض إسرائيل، مستندًا فى ذلك على كتب فى تفسير التراث".
وأضاف مرسى: "هذا الكتاب المزعوم دفعنى إلى أن أكتب كتابًا يسمى (فلكلور الإسرائيليات) كى أفند المزاعم الإسرائيلية، وأنبه العالم إلى أن تراثنا هو ثقافتنا العربية وليس له أى علاقة بإسرائيل، وطبع الكتاب برعاية رئاسة الجمهور، وطبع عام 1976 على نفقة رئيس الجمهورية وأمر بطباعته الرئيس محمد أنور السادات".
واستطرد: "كنت أظن أن هذا الكتاب سيحدث صدمة للعقل العربى لكننى اكتشفت أن العقل العربى لا يؤثر فيه ولا حتى القنبلة الهيدروجينية، وذكر أن أحد الكتاب الإسرائيليين ردًا على كتابه فلكلور الإسرائيليات، وسخر من الكتاب حتى أنه قال ساخرًا: العرب لم ينجحوا سوى فى اختراع القضية الفلسطينية".
وذكر مرسى أن المنظمة العالمية للملكية الفكرية عقدت اجتماع فى جنيف ٢٠٠١ للبحث فى ثلاثة موضوعات غير محمية، وهى: الموارد الوراثية والمعارف التقليدية وتعبيرات الفلكلور، وتصادف أن الفنان فاروق حسنى حين كان وزيرًا للثقافة أسند لى حضور الجلسات، وكانت سفيرتنا وقتها رئيس المكتب فى جنيف الدكتور فايزة أبو النجا، وحتى اليوم لم يصدر قانون ينظم هذه الموضوعات.
وقال: "نحن نعيش فى عالم الملكية الفكرية، ما لم تستطيع أن تثبت ملكيتك لما تملكه فلن يبكى عليك أحد، ول لا يوجد لدينا توثيق لهذه الألحان، مشكلتنا فى الإثبات والدليل والأرشيف، وهو ما يسمى الحماية الدفاعية، إذ لا بد من التوثيق والصون، وقوانين الملكية الفكرية غير كافية".
ورأى مرسى أنه دون احترام الملكية الفكرية لن يكون هناك نمو ثقافى لأن فشل حماية وتبنى الإبداع يقتله، مشيرًا إلى أن استثمار ثقافتنا فى صناعات ثقافية تستطيع يشكل دخلا كبيرًا فى الدخل القومى، وهو ما تقوم به كبرى الدول.
فيما قال الدكتور شريف شاهين، قضية الأرشفة للمحتوى الفكرى أسلوب يتبعه كل العالم، لأن العالم الآن يتحول إلى التحول الرقمى وهذا هو ما يهم العالم الآن، فالملكية الفكرية واحدة من أهم هذه القضايا، فكيف يمكن لنا أن نحافظ على حق المبدع فى كل المجالات؟ هذا هو السؤال الأهم.
وأكد شاهين أن الملكية الفكرية مهمة للصناعات الثقافية والإبداعية بكل أشكالها وهى تصب فى نوع من أنواع الاقتصاد وهو الاقتصاد القائم على المعرفة وهذا الاقتصاد بدأت كثير من الدول العربية فى اتباع هذه المسلك، وأذكر أن مصدر المملكة المتحدة الثانى للدخل القومى هو حاضل مبيعات الصور الرقمية فى الأرشيف البريطانى لسلطنة عمان، وباعت المملكة المتحدة ما يمكن ما يتصل وماضيها من خطابات ووثائق رسمية مقابل مبلغ كبير جدا يضاف إلى دخلها القومى.
وقال شاهين: "وأتذكر فى يناير ٢٠٠٦ حدث هجوم شديد، حين اقترحت وسيلة من أهم الوسائل فى مقاومة السرقات الأدبية والعلمية سواء على مستوى على الأبحاث العلمية أو النشر الأدبى، وهى أن يعرض أى كتاب للنشر على دار الكتب وتدخل محتواه فى قاعدة بيانات لمعرفة ماذا إذا كان ذلك البحث مسروق أم منقول أم أصلى، وتعرضت لهجوم شديد آنذاك".
ورأى أن مستقبل الحماية للمبدع مطلب حيوى وأساسى، وكى نحمى المبدع الأصيل علينا أن نوفر له الإمكانيات والوسائل لذلك.
وقال الدكتور محمد القدسى إن منظمة الأليسكو هى النسخة العربية من اليونسكو، وقد تعرضت المنظمة العربية لبعض السطو على إنتاجها لأنه كان غير مأرشف ومحفوظ فى بدايتها، داعيا إلى احترام حقوق الملكية الفكرية على كل المستويات.
واعتبر الدكتور حسام لطفى أن الملكية فى بدايتها كانت ملكية مادية، وتحول العالم عندما وجد أن الفكر له ثمن إلى الاهتمام بالملكية الفكرية، وروى من التاريخ الأدبى عدة قصص، كان أبرزهم أن الأديب الراحل المازنى اكتشف أن هناك فيلما مصادفة اسمه "خفايا الدنيا"، واختصم مؤلف هذا الفيلم، وأثبت المازنى أنه بالفعل نشرها فى مجلة شهرزاد من قبل وكان مدون تحتها أن هذه القصة نقلها من صديقة بالمدرسة، فحكم القاضى فى هذه القضية بأن قصة المازنى أصلا مأخوذة من أحد أصدقائه، وبالتالى رفضت الدعوى التى قدمها المازنى.