تشهد مدينة كاشكايش البرتغالية، حاليا انعقاد المؤتمر الوزارى الرابع فى الإطار المتوسطى حول التوظيف والعمالة، حيث يناقش وزراء عمل دول المتوسط التحديات الراهنة أمام سوق العمل، وكيفية تعزيز التعاون بين الدول المتوسطية، فى مجال التوظيف لمصلحة دول شمال وجنوب المتوسط، خاصة فيما يتعلق بتنمية المهارات وصقل القدرات، وتعزيز الشركات من أجل مناخ أفضل للجميع.
ويمثل مصر فى المؤتمر وزير القوى العاملة محمد سعفان، وقد افتتح المؤتمر أنطونيو كوستا رئيس وزراء البرتغال، وماريان تايسون المفوضية الأوروبية للتوظيف، والسفير ناصر كامل سكرتير عام الاتحاد من أجل المتوسط.
واستعرض وزير القوى العاملة محمد سعفان، أمام المجتمعين فى كلمة مصر، التحديات التى واجهتها الدولة المصرية خلال السنوات الأربع الماضية لدحر الإرهاب الأسود الذى كان يريد أن يحرق العالم.
وقال إن ما تَمُرُّ به منطقتنا لَيْسَ خافيًا على أحد، من ظروفٍ استثنَائيَّة نتيجة الاضطرابات الاقتصادية والسياسية المُتَلاحِقَة التي شَهدَتْهَا على مدار السنوات الماضية، وما أدَّتْ إليهِ منْ زيادةِ التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تُواجِهُهَا شُعوبنا، وعلى رأسِ هذهِ التحديات، تأتي قضيَّة مُكافَحَةُ الفقرِ والبطَالَة، والتدريب من أجلِ التشغيل، والتي لَمَسْنَا جميعًا على مدارِ الفترةِ الماضيَة كيفَ حاولتْ قُوى التطرفِ والإرهاب استغلالها لاستهدافِ شبابنا ومجتمعاتنا والعمل على إشاعةِ الفوضى والتشرذُم والانقسام داخل دُوَلِنَا، الأمر الذى يجعلُ مِنَ الاهتمامِ بالاستثمارِ فى الإنسان والنُهُوضُ بمستوى الخدمات التعليمية والصحية المُقَدَّمَة له ليس فقط مُهِمًة تَنْمَويَّة، وإنما قضيَّة أمن قومى بامتياز وآليَّة أساسيَّة لمكافحةِ التطرفِ والإرهاب، والحفاظ على الاستقرار فى منطقة المتوسط.
وأشار إلى أن حكومة بلادى أدركت أنَّ خَفْض مُعدَّلات البطالة، وخَلْق فُرص العمل للشباب، وتحقيق التوازن بين العَرضِ والطَلَب في سوق العمل، يأتي على أوْلَويَّة استراتِيجِيَّات تَحقيق التَنْمِيَة المُسْتَدَامة، من خلال إدراج سِيَاسَات سوق العمل ضمن أوْلَوِيَّات السياسَات العَامَّة للدولة، منوها إلي أن قَضايا التشغيل أصبحت أحد أهم محاور استراتِيجِيَّة الحكومة من أجلِ توفير فُرص عمل للشباب عَبْرَ التوجيه والتدريب المهني، وتقديم المشورة المهنيَّة وإصلاح التعليمِ الفنيّ من أجلِ بِنَاء المَهَارَات في جميع قطاعات الاقتصاد المختلفة، وبما يُحَقِّقُ المُوَاءَمَة بَيْنَ مُخْرَجَاتِ التعليم ومُتَطَلَّبَات سوق العمل، من أجلِ إيجاد فرص عمل لائقة تُتِيحُ المشاركة الفِعْلِيَّة فى الاقتصادِ الكُلّى وتحقيق التنمية المُسْتَدَامَة.
وقال : "أحِبُّ هنا أنْ أشيرَ إلى أنَّ مصر قامت بوضعِ استراتيجيَّةٍ واضحةٍ المعالم لتحقيقِ التنميةِ المُستدامة من خلالِ تنفيذ رؤية 2030 والتي شملت جميع المحاور الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وفي إطارِ هذه الاستراتيجيَّة قَامَتْ حكومة بلادي بتنفيذ مشروعاتٍ كُبرى أسْهَمَت في تخفيضِ نسبةِ البطالة بشكلٍ ملحوظ على مدارٍ الأربع سنوات الماضية حتى وصلتْ في الربعِ الأخير من عام 2018 إلى 8.9% مِنْ حَجْمِ قُوة العمل البَالِغَة 28.027 مليون فرد، منهم 22.686 مليون من الذكور، و5.341 ملايين من الإناث، وذلكَ بَعْدَ أنْ كانَت 13.3% فى الربع الثانى من عام 2014.
كَمَا قَامَت الحُكُومةُ المِصريَّة بوضعِ سيَاسَاتٍ اقتصَاديَّةٍ فَعَّالَة أدَّتْ إلى ارتفاع الاحتياطى النَقْدى، وَخَفْض عَجْز الميزان التِجارى، فضلًا عن وضع سياسةٍ تعملُ على تطويرِ المنظومةِ التعليميَّة لرفعِ كفاءَةِ العمَالَةِ المِصريَّة، وتعزيز برامِج التدريب لإكسابِ العمالةِ المِصريَّة المهارات اللازمَة لسوقِ العمل، ولتنميةِ قُدراتِ العاملينَ بما يتواكبُ مع التطورات التكنُولوجِيَّةِ المُتلاحِقَة.
وأكد أن الحكومةَ المِصريَّة تَسْعَى، من خلالِ وزارة القُوى العَامِلَة، إلى تذليلِ كافَّةِ العَقَبَاتِ المتعلقة بالتشغيل، وخاصًةً فيما يَخُصُّ تحقيق التوازن بين العرضِ والطلب، من حيثُ المهارات، والانتقال من التعليم إلى سوق العمل، وذلكَ من خلالِ رؤيةٍ واضحةٍ تعملُ على تقديمِ مناهج دراسيَّةٍ جيّدَة ومواد تدريبيَّة تتناسبُ والاحتياجاتِ الراهِنَة والمتغيّرَة لسوقِ العمل، مع توفيرِ التعليم والتدريب المتواصل والمستمر الأكثرُ ملائمًة لما يَتطلَّبهُ سوقُ العمل.
كما تَقُومُ الوِزارةُ بدِرَاسَةِ وَتَقْدِير حَجْم القُوى العَامِلَة الحالى والمُتَوقَّع خِلال السنوات المُسْتَهْدَفَة وفقًا لمعدلاتِ النمو السُكاني ومُخرجاتِ التعليم والتدريب، بالإضافةِ إلى إعدادِ الدراساتِ الخَاصَّة بالتوزيعاتِ المختلفة للعرضِ والطَلَب، الحالي والمُتَوَقَّع.
وتُولى كَامِل اهتمَامِهَا لتحقيق نَقْلًة نَوْعيَّة فى ملفِّ التدريب من أجلِ التشغيل من خلال 38 مَركزًا ثَابِتًا بمديريات القوى العاملة على مستوى 27 محافظة، و13 وحدة مُتَنَقلَة للتدريبِ بِالقُرى والنُجُوع لإعادةِ تَأهِيلِ الشَبَاب في إطار مبادرة "حَيَاة كَرِيمَة" التى أطْلَقَهَا الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى بدايةِ العام الحالى، للارتقاءِ بالأوضاع الاقتصَادِيَّة والاجْتمَاعيَّة للفئاتِ الأكْثَر احتِيَاجًا فى قُرَى مِصر، والتى دَعَا فِيها لتَضَافُر جُهُود أجْهِزَةِ الدَوْلَة وَمُؤسَّسَات المُجتمع المَدَنِى، لتوفيرِ كَافَّة الخِدْمَات الأسَاسِيَّة لَهُم بِمَا يُسْهِمُ في تَحْقِيق حَياة كريمة لهُم، انْطِلاقًا مِنْ أنَّ المُوَاطِن المِصْرِى هُو البَطَلُ الحَقِيقِى بِمَا تَحَمَّلَهُ خِلال عَمَليَّة الإصلاحات الاقتصاديَّة مِنْ أجْلِ مُوَاصَلَةِ مَسِيرَةِ التَنْمِيَةِ وَبِنَاء مُسْتَقْبَل أفْضَل لِشَعْبِنَا.
وأشار إلى أن الحُكُومَةُ المصرية قامت بِعِدَّةِ مُبَادَرَات لمواجهةِ تَحديَّات التشغيل، لَعَلَّ أبْرَزهَا مُبادرة البورصة الإلكترونية للتشغيل، والتي يَتِمُّ تنفيذها على مرحلتين: "المرحلةُ الأولى" من خلالِ إعداد برنامج التشغيل، والذي يشملُ التشغيل بالداخِل، والتشغيل بالخارِج، وتشغيل العمالة غير المنتظمة، وتشملُ "المرحلةُ الثانية" رَبْط برامج التشغيل ببرامِجِ الأجور والإنتاجيَّة وسوق العمل حَتَّى تتمكَّن هذه البرامِج من رصدِ معدلاتِ البطالة، وكذلكَ مُعَدَّلات الأجور طِبْقًا للمهنةِ وَسَنَوَات الخِبْرَة.
وكذلكَ تَحْدِيث التصنيف المهنى الوطنى الذى يَشْمَلُ تَوْصِيفًا شَامِلًا لكل مجموعةٍ مهنيَّة مع تحديدِ واجِبَات وَمَهَام كل مهنة، بِما يُتِيحُ التَعَرُّف على المِهَنِ الجَدِيدَة المَطْلُوبَة فى سُوقِ العَمَل وَتَوْفِير التدريب اللازِم لها، وبالتالى سد الفجوَة بَيْنَ العَرْضِ والطَلَب.
وأكد "سعفان" أنَّ خَلْق المزيد من فُرصِ العمل يَتَطَلَّبُ تَهيئَة مناخ جديد للاستثمار، ولهذا قامَت بلادي بإصدار قانون جديد للاستثمار، يهدفُ إلى القضاء على البيروقراطيَّة خاصًة فيما يخصُّ المشروعات الجديدة، كما أنَّهُ يُشَجِّعُ المستثمرينَ الذينَ يرغبونَ في إقامةِ مشروعاتٍ جديدةٍ في مصر في ظِلِّ برنامج الإصلاح الاقتصادي. بالإضافةِ إلى تشجيع ثقافة العمل الحُر وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصِغَر، ولِذَلِكَ أوْلَتْ الحُكُومَةُ المِصْرِيَّة اهتمام كبير لتشجيعِ رِيَادَة الأعمال وتنميَة ثقافة العمل الحُر بَيْنَ الشباب وتدريبهم على كيفية إنشاء وتمويل وإدارة المشروعات الخَاصَّة وَاخْتِرَاق الأسْوَاق وَتوْفِير القروض بتسهيلاتٍ ائتمانيَّة من خلالِ جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وكان الوزير قد توجه في بداية كلمتهبِالشُكرِ والتقدير لدولةِ البرتغال على استضافتِها للاجتِمَاعِ الوزاري الرابِع للعمالةِ والتشغيل في المتوسط، وعلى حُسنِ التنظيم وكرمِ الاستضافة، معربا عن امتنانيه لدعوته للمُشاركةِ في هذا الاجتِمَاع المُهم، مؤكدًا أهمية المُناقشات، والتعاون المُشْتَرَك والدائِم بين دُوَلِنَا للوصولِ إلى نتائِج فَعَّالَة ومُثمِرَة تدفعُ بدولِ المتوسط إلى التنميةِ المُشتَرَكة التي سَتَعُودُ بالنفعِ علينَا جميعًا.