نظمت دار الإفتاء المصرية، حفل تخريج الدفعة الأولى من البرنامج التدريبى لأئمة دول قارة أفريقيا، الذى عقد تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، والذى استمر من الفترة من 31 مارس حتى 10 إبريل الجارى.
وأكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، خلال فعاليات الحفل أن العلاقات بين مصر والقارة الأفريقية ضاربة فى القدم، وراسخة فى نفوس جميع الشعوب الأفريقية، الذين تجمعهم حضارات مشتركة ومتقاربة.
ووجه مفتى الجمهورية شكره للرئيس عبدالفتاح السيسى على اهتمامه البالغ بهذه القارة حتى قبل أن تترأس مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، وكذلك دعم جهود تجديد الخطاب الدينى الذى تقود مصر قاطرته محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
وعبَّر المفتى عن بالغ سعادته بهذه الدورة التى وصفها بالمميزة والمختلفة عن الدورات السابقة، من حيث المقررات التى تم تدريسها وكذلك كونها تضم نخبة متنوعة تمثل غالبية دول القارة السمراء.
وأضاف علام، أن دار الإفتاء المصرية حريصة أشد الحرص على مد يد العون إلى الدول الأفريقية الشقيقة حيث تمثل أفريقيا أمنًا قوميًّا لمصر، عبر نشر المنهج الوسطى الإسلامى الذى يعد حصنًا منيعًا أمام الفكر المتطرف الذى بات يهدد الجميع، مؤكدًا أن الدار والأمانة ستعملان بكل إمكانياتهما من أجل تفعيل التواصل واستمراره مع الخريجين ومؤسساتهم.
وأكد المفتى أن منهجية دار الإفتاء المصرية فى الفتوى تقوم على مراعاة الواقع وأحوال الناس وخصوصية المجتمعات، كما أنها تعتمد الآراء الفقهية المذهبية المعتبرة التى تحقق مقاصد الشريعة وتيسر على الناس حياتهم.
وأشار إلى أن الدار قد تَعاقب عليها الكثير من المفتين الذين أثروا الحياة الإفتائية والعلمية، ورسخوا المنهج الوسطى فى الفتوى، وفتحوا الآفاق العلمية بفتاواهم التى كان بعضها سابقًا لعصرها فكانوا علامة مميزة فى تاريخ الإفتاء.
وأوضح مفتى الجمهورية أنه قيامًا بواجب الوقت، سعت دار الإفتاء إلى إيجاد كيان دولى يجمع المفتين والهيئات والمؤسسات الإفتائية من مختلف دول العالم، فأنشأت عام 2015م "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم" من أجل التشاور فى القضايا التى تهم الأمة مع مراعاة خصوصية كل بلد، وتبادل الخبرات والتعاون فيما بينهم من أجل صالح الأمة، والإفادة من خبرة الدار فى تدريب الأئمة والمفتين على مهارات الإفتاء ومواجهة الفكر المتطرف، ومن بينها هذه الدورة التى خرَّجت 18 من أئمة أفريقيا.
من جانبه صرح الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بأن هذه الدورة المهمة تأتى استكمالًا لمجهودات الدار والأمانة فى نقل خبرتها فى مجال الإفتاء ومواجهة الفكر المتطرف، من أجل تأهيلهم ليعودوا إلى بلادهم حاملين شعلة العلم وناشرين صحيح الدين.
وأوضح نجم أن المشاركين فى البرنامج التدريبى هم 17 إمامًا من أئمة أفريقيا، وتم مراعاة تمثيلهم لجميع بلدان القارة السمراء، مثل: أوغندا وتنزانيا، وغانا، وأفريقيا الوسطى، وتشاد، وتوجو، والنيجر، وكوت ديفوار، وغينيا، وبوركينا فاسو، والسنغال، وجنوب أفريقيا، وكينيا، والكاميرون، وبنين، وأثيوبيا.
ولفت مستشار مفتى الجمهورية، إلى أن هذا التدريب لم يكن الأول لدول أفريقيا ولن يكون الأخير، وذلك إيمانًا من دار الإفتاء والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم بدورها القومى والإقليمى، حيث عملت على تقديم كافة أشكال الدعم العلمى والشرعى لدول القارة الأفريقية، خاصة فى مجال التدريب على الفتوى، حيث تولت تدريب عدد كبير من الطلبة من مختلف الدول الأفريقية على فنون ومهارات الإفتاء، عبر برامج تدريبها المختلفة التى تمتد إلى ثلاث سنوات، أو الدورات المختصرة التى يتم إعداد برامجها وفقًا لحاجة من يريدون التدريب على الإفتاء مع مراعات خصائص البلدان الأفريقية، عند إعداد المناهج التدريبية لهم.
فيما أكد الدكتور عمرو الوردانى مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية أن هذه الدورة جاءت بناء على رؤية دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة فى إطار ما يشهده العالم الإسلامى من تحديات وأوضاع غير مواتية، حيث شعرت الدار والأمانة أن من واجب الوقت عليهم أن يعملوا على تحسين "الأداء الإفتائي" لدى المتصدرين للفتوى؛ رجاء أن يعود هذا التحسين عليهم بمزيد من الوعى والإدراك لواقعهم وحاجات مجتمعاتهم، فيجتمع لهم ثمار أداء واجب الوقت المخرج للمسلم من ظلمة الواقع المرير إلى إشراق مستقبل حضارى قريب واعٍ وفعَّال وكفء.
وأضاف أنه فى سبيل ذلك كله تقدم دار الإفتاء والأمانة من آن لآخر برامج تهدف إلى ترسيخ قواعد الوسطية فى الفتوى وتعزيز التعاون مع سائر الهيئات والدور القائمة بالفتوى فى شتى دول العالم.
وأشار إلى أن البرنامج يهدف إلى تزويد المتدربين من دول قارة أفريقيا بالمهارات اللازمة ليكونوا قادرين على ممارسة الفتوى مع الالتزام بالمنهج الوسطى، والاستفادة من خبرة دار الإفتاء المصرية فى صناعة الإفتاء وإدارة شئونه، وكذلك القدرة على رصد وتحليل الأفكار المتطرفة، والقدرة على تفكيك هذه الأفكار وبيان ما تحمله من مخالفات شرعية.
وأضاف الوردانى أنه خلال التدريب قد لاحظ الاستجابة السريعة والتفاعل الإيجابى من المتدربين، وأرجع ذلك إلى دقة اختيار الأئمة المشاركين فى البرنامج وفق معايير علمية تضمن كمال الاستفادة من البرنامج وتطبيقه بشكل عملى جيد بعد عودة كل واحد منهم إلى وطنه.
وعبَّر الأئمة الأفارقة الخريجون -فى كلمتهم التى ألقاها نيابة عنهم الشيخ جدة عبدالقادر- عن سعادتهم بالمشاركة فى هذا البرنامج التدريبى، الذى جاء فى الوقت المناسب بهدف وحدة الأمة الإسلامية من خلال المحافظة على موروثها وثوابتها الدينية فى سبيل تحقيق الوسطية والاعتدال.
وأضاف: استفدنا منها استفادة تامة، ولمسنا من القائمين على التدريب مدى حرصهم على الدين ونشر الوسطية فى ربوع الأرض، كما أن الدورة لم تقتصر على العلوم الدينية فحسب، بل كان القائمون عليها حريصين كذلك على الإرشاد الفكرى السليم وتفسير حقائق الدين وفق تطور العقول والعلوم ليستمر فى إيجاد الحلول لكل أنماط الحياة البشرية.
وأشار إلى أن الدورة وضعت منهجية مهمة فى صناعة عقلية المفتى تنير طريقه لأداء دوره كمُفْتٍ فى المجتمع. كما قامت بتنقية وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة الشائعة الدخيلة على الإسلام وأفسدت عقلية بعض من يقومون بالإفتاء لكى نتجنبها.