أكد المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية أن موضوعات "فتاوى المرأة" تمثل (25%) من إجمالى موضوعات الفتاوى على مستوى العالم.
جاء ذلك فى إطار تحليل المؤشر لأكثر من (5 آلاف فتوى) خاصة بالمرأة على مستوى العالم بشكل عام، وفتاوى رمضان منها بشكل خاص.
وكشف مؤشر الفتوى أن مصر تصدرت فتاوى المرأة بنسبة (45%)؛ نظرًا لنشاط الهيئات الدينية الرسمية والرد على كل ما يهم المرأة المسلمة فى كافة مجالات الدين، بجانب تخصيص مفتيات من النساء وإتاحة أقسام بالمواقع المتخصصة والصحف للرد على القضايا الخاصة بالمرأة، ولفت المؤشر إلى أن الدول العربية والخليجية جاءت في المرتبة الثانية بنسبة (40%).
وأوضح مؤشر الإفتاء أن فتاوى المرأة في الدول الأجنبية جاءت في المرتبة الأخيرة بنسبة (15%)، لافتًا إلى أن طبيعة المجتمعات الأجنبية وقلة أعداد المفتين وعدم وجود مرجعية دينية كل هذه العوامل مثلت عائقًا أمام ارتفاع نسب الفتاوى الخاصة بالمرأة فى تلك المجتمعات.
فتاوى المرأة فى التنظيمات الإرهابية.. داعش يتصدر والقاعدة وحزب التحرير فى الصورة
وحلَّل المؤشر العالمى للفتوى فتاوى المرأة فى التنظيمات الإرهابية، مبينًا أن تنظيم "داعش" الإرهابى استحوذ على (50%) من جملة فتاوى التنظيمات المتشددة، وأرجع المؤشر ارتفاع تلك النسبة السابقة إلى تعدد أدوات وآليات نشر الفتاوى من جانب داعش، والتي تنوعت بين الإصدارات المرئية والمسموعة مثل: مجلتى "النبأ والأنفال" وإذاعة البيان التى تخصِّص جانبًا منها لفتاوى المرأة.
كما بيَّن مؤشر الفتوى أن تنظيم القاعدة جاء في المرتبة الثانية بنسبة (35%)، حيث خصص التنظيم بعض إصداراته للمرأة، ومن بينها مجلتا (بَيتُكِ) و(ابنة الإسلام) اللتان تنشران فتاوى المرأة. وحل حزب التحرير ثالثًا في إصدار فتاوى خاصة بالمرأة وذلك بنسبة (15%) عبر فتاوى أمير الحزب "عطاء بن خليل أبو الرشتة" وتليفزيون الواقية والمكاتب الإعلامية للحزب.
"داعش".. الهوس الجنسي يهيمن على فتاوى المرأة:
وأكد المؤشر أن فتاوى النكاح تصدرت فتاوى المرأة عند تنظيم داعش الإرهابي بنسبة (61%)، لافتًا إلى أن معظمها دار حول زواج القاصرات، وذلك مثل فتوى وردت عبر إذاعة البيان ردًّا على سؤال: "عمرها 14 عامًا ويرفض أهلها تزويجها بحجة عدم قدرتها على تحمل المسئولية وهي تريد الزواج، فهل يحق لأهلها الرفض؟"، وكان الجواب: "صِغَرُ السنِّ ليس مانعًا من الزواج وينبغي ألا يكون سببًا لرد الكُفْء، وقد حث الله ورسوله على تزويج من تحت أيديهم من الفتيات إذا تقدَّم إليهن الكفء صاحب الدين والخلق".
كما أورد مؤشر الفتوى أقوالًا لعائلات سورية عدة يشكون من تعرضهم لضغوط من قِبل تنظيم داعش الإرهابي للموافقة على تزويج بناتهم لمسلَّحي التنظيم.
وأضاف مؤشر الإفتاء أن فتاوى "اللباس الشرعى والزينة" حلت ثانيةً من جانب تنظيم داعش بنسبة (22%)، حيث أصدر التنظيم الإرهابي عدة فتاوى كانت أشبه بالقوانين في مناطق نفوذه وسيطرته عليها، من بينها وجوب تغطية كل جزء في جسد المرأة، بداية بالوجه ثم باقي الجسد وحتى اليدين اللتين يجب تغطيتهما بقفازات، والقدمين اللتين يجب أيضًا تغطيتهما بجورب، حتى انتهى الأمر بإصدار فتاوى بوجوب ارتداء النساء غطاءً رقيقًا من القماش الأسود فوق أعينهن.
وأوضح المؤشر أن فتاوى "جهاد المرأة" جاءت في المرتبة الثالثة بـ (17%) بين جملة فتاوى المرأة في داعش، حيث أصدر "أبو بكر البغدادي"، زعيم التنظيم، فتوى تجيز تدريب النساء على القتال للمشاركة مع أزواجهن في المعارك حال نقص أعداد المقاتلين.
الوضع المتردى لداعش يحول دون خروج فتاوى رمضانية:
وبيَّن مؤشر الفتوى أنه على الرغم من تصدر تنظيم داعش في إصدار فتاوى المرأة بين نظائره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، غير أنه لوحظ تراجع اهتمام التنظيم هذا العام عن إصدار فتاوى المرأة الخاصة برمضان، وذلك بسبب الوضع المتردي للتنظيم والهزائم المتكررة له على الأرض وعدم الاستقرار الذي يعانيه في الوقت الحالي، بخلاف العام الماضي، حيث كان يخصِّص أجزاءً كاملة للفتوى الرمضانية النسوية بمجلتي: "النبأ"، و"الأنفال".
تنظيم القاعدة: من يقول الحجاب عادة فهو كافر:
كما ألقى المؤشر العالمي للفتوى الضوء على فتاوى المرأة في تنظيم القاعدة، وأوضح أن هذا التنظيم يهتم برصد كافة ما يهم النساء من موضوعات، والتي تصدرتها فتاوى "التعامل مع الأبناء وتربيتهم وفقًا للشريعة" بنسبة (32%) ثم فتاوى "التعامل مع الزوج في ظل الصراع مع الكفار" بنسبة (27%).
ولفت المؤشر إلى أن فتاوى (التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في ظل الفتن المنتشرة) جاءت في المرتبة الثالثة بنسبة (26%)، وأخيرًا وبنسبة (15%) جاءت فتاوى (التنديد بمظلومية المرأة في أماكن الصراعات).
واستشهد المؤشر بفتاوى متشددة للتنظيم الإرهابي، من بينها فتوى لأحد أعضاء التنظيم تضمنت نصًّا: "من قال إن الحجاب عادة أو أنه من التقاليد كَفَرَ وخرج من ملة الإسلام"، وفتوى بمجلة "بيتك" جاء فيها: "لا يلزم الزوجة إعطاء الجوال أو جهاز الحاسوب أو غيرهما من المتعلقات الشخصية لزوجها ليفتش فيها، وكذلك جوال الأبناء".
وحول فتاوى المرأة في رمضان عند تنظيم القاعدة، أوضح المؤشر أن (55%) منها ارتبطت بأحكام الصيام وما يبيح إفطار المرأة، مثل الفتوى القائلة: "إذا خافت الحامل على الجنين، أو خافت المرضع على رضيعها قلة اللبن أو ضيعته ونحو ذلك بالصوم، فلا خلاف في أنه يجوز لهما الفطر"، وأشار إلى أن الفتاوى المرتبطة بأحكام المستجدات في الصيام وقضاء أيام رمضان والكفارة جاءت بنسبة (45%)، ومنها فتوى وردت بمجلة "ابنة الإسلام " تحت قسم "مشكاة الفتاوى أحكامك في رمضان" تضمنت: "عدم جواز استعمال حبوب في رمضان لمنع الحيض لما لها من رد فعل ضار على جسم المرأة".
فتاوى المرأة بحزب التحرير.. بين الملابس الشرعية والزواج والسفر دون محرم
وتفاعل مؤشر الإفتاء مع فتاوى المرأة الصادرة من "حزب التحرير"، مبينًا أنها دارت حول موضوعات عدة كان أولها الفتاوى المتعلقة باللباس الشرعي للمرأة وذلك بنسبة (35%)، مثل فتوى الحزب القائلة: "الشارع أوجب على المرأة أن يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها، فأوجب عليها أن تكون لها ملاءة أو ملحفة تلبسها فوق ثيابها، وإذا خرجت من غير ثوب تلبسه فوق ثيابها أثمت".
وجاءت فتاوى الزواج وأحكامه بنسبة (33%)، وفي هذا الإطار انتقد الحزب معارضي زواج الفتيات الصغيرات وقال على صفحته الرسمية بموقع فيس بوك: "المرأة في النموذج الديمقراطي هي سلعة تباع وتشترى في بيوت الدعارة وفي الشركات ودور الأزياء، وهي امرأة مضطهدة مغتصبة في أماكن العمل والمدارس والجامعات حتى من الأقربين".
وحلت فتاوى سفر المرأة دون مَحرم في الترتيب الثالث بنسبة (12%)، ومن ذلك فتوى للحزب ورد بها: "يحرم على المرأة أن تسافر وحدها دون محرم يوم كامل (24 ساعةً)، الليل والنهار. والمحرم هو رجل من محارم المرأة، أما النساء الثقات فبعض الفقهاء يقول به، وأما نحن فنرجِّح سفرها بمحرم رجل للمسافة المطلوبة". وفي فتوى ثالثة صادرة عن الحزب تضمنت: "لا يجوز للمرأة أن تعمل سفيرة لأنها وظيفة تتطلب وضعًا خاصًا، أي نوعًا من الخلوة لأن هناك مواضيع يكلف السفير بتوصيلها إلى رئيس الدولة دون إطلاع أحد". وأخيرًا جاءت فتاوى الاختلاط بين الجنسين وأحكام جراحات التجميل في المرتبة الأخيرة وذلك بنسبة (10%) لكل منها.
وحول فتاوى رمضان الخاصة بالمرأة والتي صدرت من إذاعة المكتب الإعلامي للحزب والمكاتب الأخرى التابعة له، فأوضح مؤشر الفتوى أن أبرز ما تناولته الموضوعات المتعلقة بأحكام صيام المرأة فتوى منتسبة للحزب جاء فيها: "الله سبحانه وضع الصيام عن الحائض والنفساء، والتساؤل: لماذا لم يساوِ رب العالمين بين الصلاة والصيام بخصوص الحائض والنفساء؟ فالجواب عليه هو أن الصلاة عبادة وكذلك الصيام، والعبادات لا تعلل ولا تلتمس لها علل".
وكذلك الواجب على الحامل والمرضع في الصيام، مثل فتوى الحزب القائلة: "الحامل والمرضع تفطران إذا خشين على أنفسهن أو أولادهن، أما إن عُدمت الخشيةُ من الحُبلى والمرضع فلا يصح لهما الإفطار".
3% نسبة الفتاوى الرمضانية الخاصة بالمرأة في الدول الأجنبية
وبيَّن المؤشر العالمي للفتوى فتاوى المرأة في الدول الأجنبية، مؤكدًا أن فتاوى رمضان مثَّلت ما نسبته (3%) من إجمالي الفتاوى في تلك الدول، وأوضح المؤشر أن (20%) من الفتاوى الخاصة بالمرأة خلال شهر رمضان بدا عليها التشدد وعدم التصريح بالحكم، وأن نحو (30 %) منها بدت متساهلة إلى حدٍّ بعيد.
وأرجع المؤشر ما سبق لعدة أسباب؛ لعلَّ أبرزها قِلة المفتين في تلك المجتمعات، وعدم وجود مظلة إفتائية معتدلة (كالأزهر الشريف) تجمع حولها الأقليات المسلمة في الغرب، وكذلك عدم وجود وتأهيل مفتيات للرد على قضايا المرأة المسلمة هناك، فضلًا عن انتشار منصات إعلامية وشبكات تواصل اجتماعي تابعة لجماعات وتنظيمات متشددة في تلك البلدان.
وأورد المؤشر نماذج لفتاوى رمضانية بدا عليها التشدد، مثل فتوى دار إفتاء برمنغهام بوجوب تغطية المرأة وجهها ويديها وقدميها أثناء الصلاة في رمضان، وكذلك فتوى دار العلوم ديوبند بالهند القائلة بأن صوت المرأة أثناء قراءة القرآن "عورة"، وفتواها الأخرى القاضية بعدم جواز تناول الرجال والنساء للإفطار أو السحور معًا في المناسبات العامة أو التجمعات بشكل عام؛ لأن هذا يؤدي إلى تدهور أخلاقي في المجتمعات.
كما أورد المؤشر فتوى منسوبة لدار الإفتاء الإقليمية بالفلبين أفادت بعدم جواز صيام المرأة الأيام الست من شوال قبل قضائها ما أفطرته من أيام بسبب الأعذار الشرعية خلال شهر رمضان.
التوصيات
وفي النهاية، أكدت وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء والقائمة على عمل المؤشر أن بعض الفتاوى غير المنضبطة تجعل المرأة آلة جنسية غير إنسانية وهي مجحفة بحق المرأة، كما أنها تشكِّل تحدِّيًا لسلطة الخالق عز وجل، مشيرة إلى أن من شأن ذلك انتشار الاغتصاب والتحرُّش بالمرأة وإخضاعها لفتاوى مغلوطة، ومنعها من الخروج للعمل وزيادة الإنتاج؛ وهو ما يساعد بدوره على انتشار الجهل والتخلُّف.
كما أوصت وحدة الدراسات بوجوب مواجهة فتاوى المرأة الصادرة لأغراض كثيرًا ما تكون شاذة وغريبة، مع ضرورة إعمال العقل لهدم خرافات دعاة الدين المتشددين التي ملئوا بها الدنيا وشغلوا بها الناس عن دينهم ودنياهم.