أكد السفير ناصر كامل أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط، أن مصر استطاعت تطبيق حزمة إصلاحات اقتصادية هيكلية فى زمن قياسى رغم الكلفة الاجتماعية و ذلك بفضل وعى و إدراك شعبها لأهمية المرحلة الراهنة التى تمر بها بلادهم، حيث سجلت معدلات نمو تتراوح ما بين %5.5 و %6، و هذا فى حد ذاته إنجاز يمكن أن ينقل مصر إلى مستوى أخر مختلف تماما فى سلم التطور لا سيما الاقتصادى و الاجتماعى .
وقال السفير ناصر كامل - فى حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط بمناسبة انطلاق النسخة الأولى لمنتدى اعمال الاتحاد من أجل المتوسط الثلاثاء بالقاهرة، إن مصر ( احدى دول جنوب المتوسط) لديها اليوم قصة نجاح تحكى عنها فى مجال التجارة الإلكترونية و المنصات الرقمية حيث ان بها عدد كبير من المنصات الالكترونية المنتجة مثل "اطلب" وغيرها، بالاضافة الى منصات اجتماعية للانتقال الآمن من مكان لمكان، لافتا ايضا الى ان مصر هى إحدى الدول التى استفادت من التجارب الآسيوية، حيث فكرت فى انتاج "تابليت" و "هاتف ذكى"، فضلا عن السعى لتوطين صناعة السيارات ومدخلاتها و تشجيع التجارة الإلكترونية.
ووصف الأمين العام للاتحاد العمليات المصرفية التى يمكن القيام بها اليوم فى مصر عبر الهاتف الذكى "بالنقلة النوعية" ذات التأثير الهام لاسيما فى إتاحة دخول جزء من الاقتصاد غير الرسمى داخل الاقتصاد الرسمي، و من ثم رفع معدلات النمو الى مستويات تصل الى %8 خلال عدد قليل من السنوات.
و عن سبب تركيز "منتدى القاهرة" على موضوعين وهما : النفاذ للأسواق والتجارة الإلكترونية، توقع السفير ناصر كامل ان يتجه العالم خلال السنوات القليلة القادمة الى ما يسمى "الثورة الصناعية الرابعة" حيث قال : " حين نتحدث اليوم عن التجارة فنحن نركز بشدة على فكرة التجارة الإلكترونية والرقمنة لأنهما مولدا الثروة الأسرع اليوم فى الاقتصاديات فى العالم"، مشيرا الى ارتفاع حجم الناتج القومى الاجمالى الذى تولده التجارة الالكترونية فى الاقتصاديات المتقدمة .
و تابع بان الأمثلة واضحة فى هذا الشأن حيث ان أغلى شركات فى العالم اليوم هى عبارة عن منصات الكترونية مثل "شركة اوبر" و "شركة أمازون" فهما اليوم أغلى شركتين حيث تفوقتا على شركات انتاج الملابس و السيارات وحتى السلاح ..
وشدد على ضرورة الا يفوت منطقة جنوب المتوسط قطار الثورة الصناعية الرابعة خاصة انه لم يفوتها بالفعل قطار البنية الاساسية الرقمية، قائلا : "أبناء شعوب منطقتنا لديهم نفاذ على وسائل التواصل الاجتماعى و الجيل الرابع، كما ان الجيل الخامس سيدخل فى نفس التوقيت فى كل مكان، اى سيدخل فى الجنوب و كذا فى أوروبا، وبالتالى نريد ان نحفز ونوعى مجتمعات الأعمال لاهمية هذا القطاع كقطاع خالق للنمو والوظائف".
وتابع قائلا " إن البعض يتحدث اليوم عن 20 % من الوظائف التى سنجدها بعد 10 سنوات وهى وظائف لم تبدأ بعد ولا نعرف تسميتها بعد وبالتالى نحن كاتحاد من اجل المتوسط نعمل على توعية مجتمع الأعمال و صغار المستثمرين بالدول و صانع القرار و منظمى السوق سواء على مستوى الدولة او على مستوى الاتحادات التجارية بأهمية هذا القطاع وحيويته والاستعداد من خلال البنية التشريعية و التنظيمية و التحفيزية" .
و رأى انه لكى نصل إلى مستويات الثراء والتنوع فى البنية الإنتاجية والخدمية وما إلى اخره فى عنصر زمنى قصير، فلابد من "حرق المراحل" و هو الانتقال سريعا من مرحلة لمرحلة اى لا نتحرك خطوة خطوة، بل نقفز ونصل الى الرقمنة والإلكترونيات، حيث ان هذا سيجعل دول كثير من جنوب المتوسط تصل الى مصاف الدول المتقدمة وذلك من أهم اهداف الاتحاد من اجل المتوسط".
واضاف ان الاتحاد يركز فى منتدى الاستثمار على " النفاذ للأسواق والتجارة الإلكترونية" لما لهما ايضا من أهمية فى تحرير التجارة ودعم التكامل الإقليمى فى منطقة حوض المتوسط، والتى لم تلحق بعد بركب التكامل الاقتصادى كغيرها من المناطق حول العالم.
وأكد السفير ناصر كامل ان ملف التجارة هو احد الملفات الهامة التى يتعامل معها الاتحاد من اجل المتوسط، حيث شهد فى العامين الماضيين طفرة نوعية وذلك نتيجة لإدراك الدول الأعضاء لاهمية تعزيز التكامل الإقليمى على الصعيد الاقتصادى بين دول الشمال والجنوب، فضلا عن تعزيز التكامل الإقليمى بين دول الجنوب بعضها البعض.
وعن الوضع الاقتصادى والتجارى فى دول جنوب المتوسط، اعتبر ان دول الجنوب تعانى فى الوقت الحالى من درجة متدنية من التجارة البينية فيما بينها، أى انها مِن اقل الدول اتصالا بالتجارة البينية بين "الجنوب والجنوب"، وبالتالى فان الاتحاد من اجل المتوسط يولى أهمية كبيرة لهذا الموضوع من هذه الزاوية ويحاول ان يؤدى دوره فى هذا الشأن الى جانب العمل على تحفيز مجتمع الاعمال و صانعى القرار فى الجنوب للعمل على تعزيز التجارة البينية بين "الجنوب والجنوب"، قائلا: "فاذا ما نظرنا الى دول الجنوب سنجد ان معظم تجارتها مع دول الشمال، فالتجارة البينية بين دول الجنوب محدودة للغاية" ؛ وأكد على ان دول جنوب المتوسط فى الوقت ذاته لم تسبق ولم تتأخر عن غيرها، مشيرا الى وجود بعض النماذج الواضحة والصارخة فى النجاح مثل النموذج المصري.
وكشف انه من أبرز التحديات التى تعوق التجارة بين "الجنوب والجنوب"، هو ان الاتحاد لم يلمس حتى الآن وجود إرادة سياسية لدى عدد من دول هذه المنطقة من اجل تعزير التجارة البينية، مشددا فى هذا الصدد على ان الاتحاد لن يدخر جهدا من اجل انشاء منطقة حرة اورومتوسطية، عبر تفعيل الاطر الموجودة بالفعل مثل "اتفاقية اغادير" والتى توسعت بعد انضمام السلطة الفلسطينة ولبنان لتصبح اليوم ست دول.
وفِى هذا السياق، كشف ناصر كامل ان "منتدى القاهرة" سيقدم الدعم الفنى والتقنى لدول مجموعة "اتفاقية اغادير" (مصر والأردن والمغرب وتونس وفلسطين وَلبنان)، مذكرا بانها اتفاقية سارية ومفعلة بالفعل بين عدد من الدول الا انها ليست مفعلة بين عدد اخر، ويسعى الاتحاد من اجل المتوسط الى دفعها عن طريق خلق وعى وادراك بأهميتها وذلك من اجل الوصول الى التكامل الإقليمي؛ (و اتفاقية اغادير، هى اتفاقية تجارية عربية هدفها تيسير الطريق أمام سوق عربية مشتركة و اقامة منطقة للتبادل الحر بين الدول العربية المطلة على البحر المتوسط، وكانت تعتبر خطوة على طريق التحضير لإقامة منطقة التبادل الحر الاوروـ متوسطية (وَتنص الاتفاقية على الإعفاء الجمركى لصادرات وواردات دول الاتفاقية من السيارات بشرط ألا تقل نسبة المكون المحلى عن 40 %).
وأضاف ان الاتحاد سيدعم "اتفاقية اغادير" بالذهاب الى مجتمع الأعمال و إبصاره بهذه الاتفاقية و تقديم التدريب العملى له فى هذا الشأن؛ و الذى يشمل تدريب السلطات الجمركية على كيفية احترام وتنفيذ الاتفاقية، وكذلك وزارات المالية المعنية بفرض الرسوم.
وتابع أن جزءا من هذا التدريب هو التوعية بفوائد هذه الاتفاقية على اقتصاد كل دولة على حدة وكذلك على الدول جميعا، و بانه اذا كانت هناك بعض الأضرار الوقتية لقطاعات بعينها فستعوض بطفرة فى أنشطة قطاعات اخرى، بعيدا عن "منطق الحمائية" الذى فى النهاية قد لا يكون فى مصلحة الاقتصاد القومى فى مجمله .
واختتم أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط حديثه لوكالة انباء الشرق الأوسط بالتأكيد على انه يشهد لمصر انها كانت إحدى الدول الملتزمة و المنخرطة بشكل إيجابى فى "اتفاقية اغادير"، كما وصف مصر بانها "نقطة مضيئة" فى منطقة المتوسط نتيجة لانفتاحها اقتصاديا على افريقيا وكذلك على دول مجلس التعاون الخليجي.
ويقوم أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط بافتتاح منتدى اعمال الاتحاد بالقاهرة فى نسخته الاولى ؛ كما انه كان قد شارك بجانب المفوضية الأوروبية مساء الاحد فى افتتاح المؤتمر الأورومتوسطى الخامس للتمويل "ميدا فينانس" حول ملف التمويل، و الذى عقد تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء .