تنظم المحكمة الدستورية العليا، خلال الفترة من 18 وحتى 22 أكتوبر المقبل، احتفالية كبرى بمناسبة "اليوبيل الذهبى" لإنشاء أول محكمة دستورية فى عام 1969 ومرور 50 عاما على نشأة القضاء الدستورى فى مصر.
وقال المستشار رجب سليم، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والمتحدث باسمها، أن الجمعية العامة للمحكمة فى حالة انعقاد مستمر منذ شهر مايو الماضى للوقوف على آخر الاستعدادات والتجهيزات اللازمة لاستقبال الوفود القضائية ورؤساء المحاكم العليا والدستورية على مستوى العالم المقرر أن يحضروا خلال الاحتفالية التى تنظمها المحكمة بمناسبة اليوبيل الذهبى لها.
وأوضح سليم، أن المحكمة أرسلت لجميع رؤساء المحاكم العليا والدستورية العليا فى العالم لدعوتهم لحضور الاحتفالية وتبادل الخبرات والتعاون الدستورى فيما بينهم، مشيرا إلى أن هناك 50 محكمة دستورية استجابة لدعوة المحكمة، متوقعا أن يصل عدد الحضور لأكثر من 100 رئيس محكمة.
وأثير أمر القضاء الدستورية لأول مرة فى مصر عام 1924 أمام محكمة جنايات الإسكندرية عند نظرها الطعن المقدم من الدفاع فى الدعوى المرفوعة من النيابة العامة ضد محمود حسن العرابى وأنطون مارون وآخرين لأنهم فى المدة ما بين 13 سبتمبر 1923 و2 مارس 1924 فى الإسكندرية وطنطا وغيرها من بلاد القطر المصرى قد نشروا أفكارًا ثورية حبذوا فيها تغير الأنظمة الأساسية للهيئة الاجتماعية.. ألخ حكمت المحكمة فى 16/10/1924 حضوريًا بالسجن ثلاث سنوات بمقتضى المادة 151 فقرة 2، 3 فطعن على هذا الحكم باعتبار المادة المذكورة مقيدة لحرية الرأى المكفولة بنص المادة 14 من الدستور.
فى أواخر عام 1925 قامت وزارة زيور باشا بتعديل قانون الانتخابات أثناء غيبة البرلمان، رفض بعض العمد استلام دفاتر الانتخاب وأضربوا عن العمل فقدمتهم النيابة إلى المحاكمة بتهمة مخالفتهم تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم من رؤسائهم طبقًا للائحة العمل، وقد جاء فى دفاع هؤلاء المتهمين أن هذا القانون غير دستورى، وعلى ذلك فامتناعهم عن عمل مشروع لا يصح معاقبتهم من أجله وقد قضت المحكمة بتاريخ 3/1/1926 بتغريم كل منهم عشرة جنيهات لمخالفتهم الأوامر الصادرة إليهم.
ويعد هذا الحكم هو أول الأحكام التى قررت صراحة حق القضاء فى رقابة دستورية القوانين حيث أوردت المحكمة فيما يتعلق بالدفع بعدم الدستورية قولها " اتفق علماء الدستورية أنه مع اعترافهم بحق المحاكم فى تقدير دستورية القوانين لا يخولونها حق إلغاء هذه القوانين غير الدستورية عملًا بنظرية فصل السلطات بل كل ما للمحاكم هو أن تمتنع عن تنفيذ قانون لعدم دستوريته وبدون أن يغير ذلك من قيام القانون المذكور واحتمال أن تحكم محاكم أخرى بدستوريته"
وفى أول مايو 1941 صدر حكم من محكمة مصر الأهلية والذى يعد أول الأحكام التى قررت فى صراحة ووضوح ومتانة وتأصيل فى الأسباب حق المحاكم فى الرقابة على دستورية القوانين واستندت المحكمة فى ذلك إلى عدة أسس منها، أن القاضى مختص بإيجاد الحل القانونى للمنازعات المطروحة عليه، فضلا عن الأخذ بمبدأ الرقابة يأتى كنتيجة حتمية لمبدأ أفضل السلطات إذ أن السلطة التشريعية إذا خرجت على الدستور فليس لها أن تجيز السلطة القضائية على الخروج منها.
لكن لم يظل هذا الحكم كثيرا حيث تم استئنافه أمام محكمة الاستئناف والتى قررت فى 30 مايو عام 1943 بأنه ليست للمحاكم الحق فى رقابة دستورية القوانين
ورغم محاولات المحاكم على اختلاف درجاتهم التوصل إلى حل للمشاكل الدستورية ظلت محكمة النقض المصرية مترددة فى موضوع الدستورية ولم تشأ أن تقطع فيه برأى إلى أن صدر هذا الحكم الذى امتنعت فيه المحكمة عن تطبيق نص فى قانون الإجراءات الجنائية نظرًا لخروجه على قاعدة عدم رجعية قوانين العقوبات المقررة فى دستور 1923، وحكمت محكمة النقض فى 7 فبراير 1957، هذا الحكم وإن لم تذكر المحكمة فيه صراحة أنها تراقب دستورية القانون إلا أنها استبعدت تطبيق القانون 178 لسنة 1951 أخذا بمبدأ عدم الرجعية.
وفى فبراير 1948 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكما فى القضية رقم 65 لسنة 1 ق والذى يعتبر هو العلاقة الفاصلة ونقطة التحول الحقيقى فى موقف المحاكم المصرية بالنسبة للرقابة على دستورية القوانين والذى –بصدوره- لم يعد بعدها شك فى أحقية القضاء فى رقابة دستورية القوانين.
وخلت الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور 1923 وحتى دستور 1964 المؤقت من نص ينظم مسألة الرقابة على دستورية القوانين سواء بتقريرها أو بمنعها.
وفى الفترة من 1969 وحتى 1979 صدر قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا، وكانت أول تجربة لإنشاء محكمة دستورية متخصصة يناط بها دون غيرها مهمة رقابة دستورية القوانين والتى تولت مهمة الرقابة بالفصل وباشرتها مدة تقترب من 10 سنوات، وفى 9 أكتوبر 1979 صدر قانون تشكيل المحكمة الدستورية العليا.