التقى وفد المجلس الوطنى الاتحادى بالإمارات برئاسة الدكتورة أمل عبدالله القبيسى رئيس المجلس، بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، اليوم السبت، 9 أبريل 2016، بمقر مشيخة الأزهر الشريف فى القاهرة.
حضر المقابلة وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية المشارك فى المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد البرلمانى العربى، كل من أحمد يوسف النعيمي، وعائشة راشد ليتيـــم، وأحمــد محمـد الحمودى، وخلفان عبد الله بن يوخه، وناعمة عبدالله الشرهان أعضاء المجلس، والدكتور محمد سالم المزروعى الأمين العام للمجلس.
كما حضر اللقاء الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، والسيد على الخاجه رئيس غرفة عمليات المكتب التنسيقى للمشاريع التنموية الإماراتية فى مصر.
وفى بداية اللقاء هنأ فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب الدكتورة أمل القبيسى على توليها منصب رئيسة البرلمان، مؤكدًا الدور الهام للمرأة فى المجتمع وخاصة فى السلطة البرلمانية المعنية بالتشريع، وأن الدين الإسلام يؤكد ضرورة تمكين المرأة وأن المرأة شريكة الرجل فى الحقوق والواجبات، وأوصانا النبى محمد صلى الله عليه وسلم على المرأة، وقال "النساء شقائق الرجال"، وقد استشار رسولنا الكريم المرأة فى أصعب الأوقات فى التاريخ الإسلامي.
وأكد الشيخ الطيب أهمية أن يفرق المجتمع بين ما هو موروث من عادات وتقاليد وبين تعاليم الدين الإسلامى السمحة التى منحت المرأة كافة حقوقها بما يضمن لها كرامتها ويعينها على أداء واجباتها الدينية والأسرية وتجاه المجتمع، مشيرا إلى أن تهميش المرأة فى العالم العربى ناتج عن قيود وطغيان العادات والتقاليد على التعاليم الصحيحة للدين، ونتج عن هذا الأمر خسارة كبيرة للمجتمع، حيث لم يتم الاستفادة من إمكانيات وأفكار وجهود المرأة وإشراكها فى جهود التنمية، مما كان سيؤدى إلى نتائج ايجابية فى بناء المجتمع وتقدمه، مؤكدًا أهمية دور البرلمانات فى ترسيخ مكانة وحقوق المرأة من خلال التشريعات.
بدورها أكدت القبيسى، أن الإسلام هو أول من مكن المرأة، وتمكين المرأة هو جزء من شريعتنا الإسلامية، وأنه لتمكين المجتمع لابد أن يكون هناك ثقة واحترام للمرأة، ونتيجة لهذا فقد حظيت المرأة الإماراتية بدعم كامل من قيادة دولة الإمارات منذ التأسيس، حيث آمن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، بفطنته ورؤيته الحكيمة بالدور المهم للمرأة فى البناء والتنمية، وفتح جميع الأبواب لها فى مجالات العلم و العمل وبطريقة متدرجة تتفق مع طبيعة المجتمع الإماراتى وتتوافق وتحترم عاداته وتقاليده وهويته الإسلامية، وساندته فى هذه الخطوات صاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئـيـسـة الاتحـاد النسـائى العـام، الرئيـس الأعـلى لمـؤسسة التـنـمية الأسـرية، رئيـسة المجـلس الأعـلى للأمـومـة والطـفـولة، وهى رؤية وفطنه وحكمته نظر أن بدون تمكين المرأة لن يكون هناك مجتمع متكامل ومتماسك ويعمل على تسيير عجلة التنمية.
من جانب آخر أكدت الدكتورة القبيسى خلال اللقاء على أهمية دور الأزهر الشريف كأهم مؤسسة دينية اسلامية تتولى نشر الفكر الصحيح للدين الإسلامى ونشر قيم التسامح والمحبة والسلام وروح الوسطية والاعتدال واحترام وتقبل الآخر والحوار بين الأديان، وتلعب دورًا هامًا فى تنوير المجتمع بأهمية دور المرأة واحترام إمكانياتها وقدراتها والدعوة إلى إشراكها ودمجها بصورة كاملة فى المجتمع.
وثمنت القبيسى دور الأزهر فى نشر العلم والثقافة الإسلامية فى مصر وامتداد رسالته لمحيطه الإقليمى والدولى، ومساهمته فى نشر رسالة الإسلام السمحة التى تحث على الاعتدال والوسطية والتسامح والسلام، مؤكدة أن منهجه الوسطى عمل على ترسيخ صورة الإسلام السمحة وساهم فى الحفاظ على تماسك المجتمع ووقوفه أمام الافكار المتشددة والمتطرفة.
وتطرقت القبيسى والطيب خلال اللقاء إلى أهمية تحصين الشباب والطلاب من الفكر الضال الذى اختطف الدين الاسلامى واختطف الأبناء من عقر دارهم، حيث يتم التغرير بهم عبر أساليب كثيرة ومنها التقنيات المنتشرة، مشيرين أن الأزهر منارة للفكر الإسلامى ولابد من تعزيز دوره وتقديم الدعم الكامل له، للتصدى للأجندات السياسية التى يعانى منها العالم العربى يذوق ويلاتها الشعب العربى ويدفع ثمنها الكبير والصغير.
وبحثت القبيسى وشيخ الأزهر التحديات التى تواجه العالم العربى، والتأكيد على أهمية التنسيق بين المؤسسات التعليمية والدينية بشأن المناهج الدراسية ونشر الفكر الوسطى الصحيح بعيدا عن التطرف والطائفية، من خلال ضرورة اتفاق المؤسسات التعليمية والدينية على العمل الموحد لمواجهة الفكر المتطرف، وأن هذا الأمر يبدأ من المناهج التعليمية، مشيرين أن الفكر يتكون لدى الفرد فى أول مرحلة من التعليم فى الحضانات والمراحل التى تسبق الابتدائية، ولا بد أن يتم تطويع المناهج الدراسية بأسلوب عصرى تقنى يستقطب الطلبة لتعريف النشء بالدين الإسلامى وتعاليمه الصحيحة والسمحة، ونشر الفكر المعتدل والوسطى والتسامح والحوار، والتى تكون بمثابة حاجز وحصن منيع أمام الأفكار المتطرفة والخاطئة التى يدفع ثمنها الفرد والمجتمع معا.
وتم التأكيد أيضًا على أهمية مراقبة التعليم والتأكد من قيام المعلم بنقل المنهج الفكرى الصحيح كما هو وارد فى المناهج الدراسية، مقترحين بأن يتم العمل على تبنى أسس شبه موحدة ومتفقة فى تعليم أسس الدين الإسلامى لنشر الوسطية والاعتدال ومحاربة الإرهاب والتطرف ومنع الطائفية والفتن فى المجتمع.
وشددت القبيسى والطيب، على أهمية تصحيح وتوضيح الصورة الحقيقة للإسلام فى المجتمعات الغربية، والتى عملت التنظيمات الإرهابية على تشويهها عن طريق مشاهد القتل الترويع باسم الدين الإسلامى، مشددين أن الأعمال التى تعمد التنظيمات الإرهابية على ممارستها لا تمثل الإسلام أبدا، وتناقض تعاليمه السمحة.
كما تم بحث آلية تعزيز الدور بين البرلمانات والأزهر الشريف فى نشر الفكر الوسطى ومحاربة التطرف والإرهاب وإرساء دعائم السلام فى المنطقة، حيث دعا فضيلة الشيخ الطيب المجلس الوطنى الاتحادى إلى تبنى مبادرة دعوة البرلمانات العربية إلى العمل كفريق واحد مشترك لوضع أسس متوافقة يمكن مراعاتها فى التشريعات لمحاربة الارهاب والفكر الضال.
وفى هذا الإطار وجهت القبيسى دعوة لشيخ الأزهر الشريف لزيارة دولة الإمارات والمجلس الوطنى الاتحادى للتشاور وبحث أنجع الطرق لمكافحة الارهاب والتطرف والطائفية من الجانب البرلمانى، باعتبار أن البرلمانات هى صوت الشعوب ويمكنها نشر الفكر الصحيح بين الشعوب، كما يمكنها أن تعمل وفق اختصاصاتها فى جميع المجالات على التصدى للمفاهيم المغلوطة التى تشوه حقيقة الدين، من خلال تصحيح الأفكار الخاطئة المنافية لسماحة الدين الإسلامى.
وأشاد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بموقف دولة الأمارات الأخوى الصادق والداعم لجمهورية مصر العربية بشكل عام والأزهر الشريف على وجه الخصوص فى أكثر الظروف حرجا، انطلاقا من العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، حيث لم تتوان دولة الإمارات فى مد يد العون لمصر وللأزهر لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين.
وأشار فضيلة الإمام إن الأزهر الشريف يقوم بمواجهة الفكر المتطرف من خلال عدد من المبادرات، أبرزها إنشاء مرصد يتولى رصد أفكار التنظيمات الإرهابية وتحليلها والرد عليها بتسع لغات، وسيقوم بخطة جدية تتمثل بنشر عدد الف رسالة يومية لمواجهة هذا الفكر، إضافة إلى قيامه بقوافل دعوية لكافة المحافظات المصر بهدف تحصين الشباب مِن الفكر المتطرف، والعمل بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لترسيخ ثقافة السلام.
يذكر أن دولة الإمارات قامت بتنفيذ عدد من المشاريع التنموية فى مصر لصالح الأزهر شملت إنشاء أربعة مبانى لإسكان طالبات جامعة الأزهر، وبناء مكتبة جديدة ومتطورة تكنولوجيا تسهم فى ربط الأزهر الشريف إلكترونيا بالعالم، وإنشاء معهد الشعبة الإسلامية بالتجمع الأول بالقاهرة الجديدة.