أنهت القافلة الدعوية الـ18 المشتركة بين علماء الأزهر ووزارة الأوقاف، إلى محافظة القاهرة إدارة أوقاف القاهرة الجديدة ، عملها تحت عنوان: "حماية الشأن العام والمصلحة العامة"، لتصحيح المفاهيم الخاطئة , ونشر الفكر الوسطي المستنير ، وبيان يسر وسماحة الإسلام.
من جانبه أكد الدكتور عطا عبد العاطي السنباطي، عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر، أن الإسلام قد بنى دولة حقيقية ، أرسى قواعدها ، وجعل لها مقوماتها ، وحث على الحفاظ عليها ، والذود عنها ، وجعل حماية شأنها العام والاهتمام به مسئولية مشتركة بين جميع أفرادها ، وكلما زاد الوعي بين أبناء المجتمع بقيمة الشأن العام وخطورته ، زاد التعاون والتكاتف والترابط من أجل الحفاظ عليه ، فتتحقق للمجتمع قوة البنيان الواحد ، وشعور الجسد الواحد الذي حث عليه نبينا (صلى الله عليه وسلم).
و أكد د. صلاح السيد محمد ، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن المصلحة العامة تشمل كل ما يحقق إقامة الحياة للمجتمع بأسره من أمور مادية ، ومعنوية ، تجلب الخير والنفع للناس، وتدفع عنهم الشرور والمفاسد ، وتحقق حماية الوطن ، واستقراره ، وسلامة أراضيه ، ولا شك أن تحقيق صلاح الأمة وعموم المجتمع هو ما يقتضيه فقه الأولويات ، ولقد أكد القرآن الكريم أن الحفاظ على المصلحة العامة ، وتقديمها على المصالح الخاصة هو منهاج الرسل والأنبياء جميعًا ، فلم يرسل الله (عز وجل) نبيًّا ولا رسولًا إلا لإسعاد قومه ، وتحقيق الخير لهم ، دون مقابل مادي ، أو منفعة دنيوية.
و أكد الشيخ سيد ذكري حسن حسين ، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الشرع الحنيف جاء بما يتوافق مع العقل ، ويتناسب معه ، فرغب في أمور من شأنها أن تحقق المصلحة العامة لجميع أبناء الوطن ، منها تلبية حاجات المجتمع الضرورية ، ومراعاة فقه الواقع ، فإن كانت حاجة المجتمع إلى بناء المستشفيات ، وتجهيزها لعلاج الفقراء ورعايتهم ، فالأولوية لذلك ، وإن كانت حاجة المجتمع لبناء المدارس والمعاهد ، وصيانتها ، وتجهيزها ، والإنفاق على طلاب العلم، ورعايتهم ، فالأولوية لذلك ، وإن كانت الحاجة ماسة لتيسير زواج المعسرين ، وسداد الدَّين عن المدينين ، وتفريج كَرب الغارمين ، فالأولوية لذلك ، فقضاء حوائج الناس والقيام بمتطلبات حياتهم من الواجبات الشرعية والوطنية.
و أكد د. محمد عبد العزيز الصفتي ، بالديوان العام للوزارة ، أن حرمة المال العام أشد من حرمة المال الخاص ؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به ، وتعدد الذمم المالكة له ، ولذلك حذر الإسلام من إتلافه ، أو سرقته ، أو الإضرار به ، قال تعالى :”وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفي كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ” ، فالمال العام مِلْكٌ للناس جميعًا ، وليس مِلْكًا لفِئَة معيَّنة منهم ، والقائمون عليه إنَّما هم أُمَناء في حِفْظه ، وتحصيله ، وصَرْفه لأهْله ، فلا يحلُّ لأحدٍ أن يعتديَ عليه ، أو يأخُذَ منه ما لا يستحقُّ ، لأن ذلك يعد خيانة وظُلمًا ؛ وأكلًا لأموال الناس بالباطل .
وأكد د. بدري مرسي نور محمد ، بالديوان العام، أن الإسلام قد أمر بالحفاظ على المرافق العامة ، كدور العبادة ، والمدارس ، والمستشفيات ، والحدائق ، وغيرها ، حيث إنها ملك للجميع ، ونفعها يعود على الجميع ، وحذَّر أشد التحذير من الاعتداء عليها ، أو تضييعها ، أو إفسادها بأي صورة من الصور ، يقول الحق سبحانه : {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} ؛ حتى لا يتوهم بعض الناس أنه يجوز له أن يستغل المِلك العام بالطريقة التي يريد ، وكيفما شاء ، بدعوى أن له حقا شائعا فيه ، وهذا فهم خاطئ ، فالواجب علينا المحافظة على المرافق العامة ، وحمايتها والقيام على تنميتها وتطويرها ؛ لأنها ليست لفرد دون فرد ، ولا لجماعة في زمن معين ؛ بل هي لنا جميعًا ، وللأجيال القادمة .
و أكد د. عادل إبراهيم المعصراني ، بالديوان العام، أن مفهوم الشأن العام يتجاوز اهتمامات الفرد المحدودة إلى اهتمامات جموع الأفراد ، ومن أجل ذلك فأمره ليس مشاعًا لأفراد الناس ؛ وإنما يقوم عليه متخصصون ، يدركون قيمة ما أسند إليهم من مهام تتعلق بالأمن القومي ، وحياة الناس ، ومصالحهم ، ومقدرات الأوطان ، ووضعها الإقليمي والدولي ، وشئونها السياسية والاجتماعية ، والأمنية ، والعلمية ، وغير ذلك ، وأهل العلم على أن المجتهد أهل الاجتهاد والنظر ، إذا اجتهد في مجال اختصاصه فأخطأ فله أجر ، وإن اجتهد فأصاب فله أجران ، ومفهوم المخالفة يقتضي أن من اجتهد من غير أهل العلم والاختصاص في غير اختصاصه ، وفيما لا علم له به ، فإن اجتهد فأصاب فعليه وزر لجرأته على الحديث والفتوى فيما لا علم له به ، وإن اجتهد فأخطأ ، فعليه وزران، وزر لخطئه ، وآخر لجرأته على الفتوى بدون علم ؛ وذلك لحرص الإسلام على احترام أهل العلم والاختصاص.