أنهت القافلة الدعويةرقم 20 المشتركة بين علماء الأزهر ووزارة الأوقاف إلى محافظة القاهرةعملها منذ قليل تحت عنوان : ”من سنن الله تعالى الكونية إجراء المسببات على الأسباب” ، وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة , ونشر الفكر الوسطي المستنير.
أكد د. حسين سيد مجاهد حسن الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الله (عز وجل) جعل للكون سننا وقوانين تحكمه ، وقواعد تسيّر حركته ، فلا يتقدم لاحق على سابق ، ولا يتأخر سابق عن لاحق ، قال تعالى : {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، وقال تعالى : {فلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} ، ولقد جعل الله (عز وجل) هذه السنن ميزانًا يضبط قواعد الحياة ، ويتحقق به إعمار الأرض ، والحفاظ عليها الذي هو غاية من غايات الخلق.
و أكد الشيخ محمد سعد موسى ، عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الأمر بالسعي في الأرض والعمل فريضة دينية ، وواجب شرعي ووطنيّ ، حيثُ يقول سبحانه : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } ، ويقول سبحانه : {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، فهذا مفهوم الدين الإسلامي للسعي والجد والعمل والاجتهاد ، وإعمار الأرض ، فلا حجة لنا حين نتخلف ، تحت أي دعاوى لا تمت للدين بأي صلة ؛ إنما هي دعاوى الخمول ، والكسل ، والتخلف عن ركب الحضارة .
و أكد د. صلاح السيد محمد ، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن المتأمل في سيرة الأنبياء والصالحين يجد أنهم اجتهدوا في الأخذ بالأسباب في كل شئون حياتهم ، فهذا سيدنا نوح (عليه السلام) كان نجارًا ، وبعد عمر طويل في دعوة قومه أمره الله سبحانه أن يصنع السفينة ، قال تعالى : {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ}.
وأشار الشيخ محمد جابر صادق ، بديوان عام الوزارة إلى أنه في قصة نبي الله يوسف ( عليه السلام ) كان الأخذ بالأسباب والتخطيط المحكم سببًا لنجاة البلاد والعباد من مجاعة مهلكة ، وخطر محدق ، فقد أخذ نبي الله يوسف (عليه السلام) بالأسباب وأعدَّ خطة طويلة مدروسة لإنقاذ البلاد من مجاعة أحاطت بالعالم كله ، فتحقق لبلاده الرخاء والازدهار ، والحماية ، والقوة الاقتصادية ، وجاءه الناس من كل فج عميق لينالوا من خيرات مصر ، وقد ذكر لنا القرآن الكريم ذلك على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام).
وأوضح الشيخ سمير فوزي عبدالله سلامة ، بديوان عام الوزارة، أن نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) ضرب لنا أروع الأمثلة في الأخذ بالأسباب في رحلة الهجرة المباركة ، حيث علّم النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) أمته أن التخطيط المحكم ، والترتيب الدقيق ضرورة من ضرورات النجاح ، وتخطي الأزمات، فقد جهز النبي (صلى الله عليه وسلم) راحلتين ، واختار الصاحب الأمين ، وحدد الوقت والمكان المناسب للخروج والانطلاق.
وأوضح الشيخ حاتم أحمد محمد إسماعيل ، بديوان عام الوزارة أن الأخذ بالأسباب لا يتعارض ولا يتنافى مع التوكل على الله (عز وجل) ، فإن من علم حقيقة التوكل اجتهد في الأخذ بالأسباب ، فالمتوكل الحقيقي يأخذ بالأسباب ، ويبذل طاقته وجهده ، ويرد الأمر كله لله صاحب التوفيق والفضل والعون.