أكد الدكتور محمد المحرصاوى، رئيس جامعة الأزهر، أن التسامح من أسمى ما دعت إليه الأديان، وأوصى به المرسلون، ونزلت به الكتب السماوية، متوجها بخالص الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وحكومة وشعبا على ما يبذلونه من جهود عظيمة فى إقرار التعايش والتسامح حتى أصبحت "دار زايد" نموذجا فريدا من نوعه تتطلع الأمم إلى السير على منواله.
وأوضح بيان المركز الاعلامى للجامعة أن رئيس جامعة الأزهر –في بداية كلمته خلال مشاركته في فعاليات الملتقى السادس لتعزيز السلم فى المجتمعات المسلمه والذى يقام بدولة الإمارات العربية المتحدة، برعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات نقل تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، للشيخ عبد الله بن زايد، وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة الراعي للمؤتمر، وللسادة الحضور، ودعاءه للمؤتمر والقائمين عليه بالتوفيق والسداد، وأن يؤتي هذا المؤتمر ثماره المرجوة بإذن الله بقيادة فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه - رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم.
وأكد رئيس الجامعة أن الله قد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحنيفية السمحة، الذي قال عنه: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، مضيفا بقوله: "وأوصت الشريعة الإسلامية بالتسامح وحثت عليه، بل جعل الله سبحانه وتعالى خُلق التسامح من أجل الفضائل التي يجب أن يتحلى الإنسان بها، حيث قرنه بعفوه وغفرانه، حيث قال: "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم، والله غفور رحيم".
موضحا أن الله تعالى أمر الله نبيه بالتسامح في قوله تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"، وأوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتسامح وجعله أكرم أخلاق الدنيا والآخرة فقال: "ألا أدلكم على أكرم أخلاق الدنيا والآخرة؟ أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك"، وعن التسامح في المعاملات، قال صلى الله عليه وسلم: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى.
وعن التسامح مع أهل الملل الأخرى قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين"، لافتا إلى أن الدين الإسلامي قد رسخ قيم التسامح حتى في الحروب علي المعتدين، عالجه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ولا تقتلوا شيخا فانيا ، ولا طفلا صغيرا ، ولا امرأة. ونهى عن استهداف دور العبادة.
واستشهد رئيس الجامعة بقول البطريرك عيشويابه الذي عاش في القرن السابع الهجري: إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية، بل يمتدحون ملتنا، ويوقرون قديسينا وقسيسينا، ويمدون يد العون إلى كنائسنا وأديرتنا، مشيرا إلى إن التاريخ الإسلامي بحر ذاخر بنفائس المواقف التي تدل على أن الدين الإسلامي دين العفو والصفح، دين المحبة والأخوة الإنسانية والتعايش والسلام.
ولفت رئيس الجامعة إلى الحدث التاريخي الجلل الذي وقع في مطلع هذا العام وعلى أرض التسامح، والذي شهدته العاصمة الإماراتية "أبو ظبي"، وجسد التسامح بين أتباع الأديان، ألا وهو توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بين فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا فرنسيس .
مؤكدا أن هذه الوثيقة بما تحمله من معان إنسانية نبيلة تعد نموذجا للتسامح بين قادة الأديان وأتباعها، وتؤكد على أن الأديان ليست بريدا للحرب، بل هي دعوة للتسامح والأخوة الإنسانية والسلام، مضيفا أن أول مبادرة لتنفيذ أهداف الوثيقة على أرض الواقع، كانت "مبادرة البيت الإبراهيمي" برعاية دولة الإمارات أيضا.
وأوضح في نهاية كلمته أن هذه الجهود المباركة التي يقوم بها منتدى تعزيز السلم تدل على وعي وإدراك هذه المؤسسة المهمة بما تتطلبه المرحلة الراهنة من تاريخ عالمنا المعاصر، فهي تعمل في تناغم وانسجام مع الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين من أجل تحقيق الأخوة الإنسانية ونشر التسامح في أرجاء المعمورة.