نشر موقع الدويتشه فيليه الألمانى تقريرا يرصد فيه أبرز حالات الاختفاء القسرى فى مصر، وذلك على خلفية مقتل الطالب الايطالي ريجيني، حيث أثار الحادث صدى مدويا في أوروبا.
أشار التقرير إلى أن مقتل ريجينى كان بمثابة القشة التي فجرت قضايا الاختفاء القسري في مصر وانعكاس لمسار تقليص الحريات العامة في البلاد، حيث اختفى طالب الدكتوراه بجامعة كامبريدج جوليو ريجيني والذي كان يبلغ من العمر 28 عاما يوم 25 يناير الذي يوافق ذكرى الثورة المصرية، مما دفع أصدقائه وعائلته إلى الترجيح بأنه محتجز لدى السلطات االمصرية، ليتم الكشف عن جثته بعد أيام وعليها آثار تعذيب.
بعد تضارب الروايات الحكومية وفشل الوفد المصري الذي كان قد سافر إلى إيطاليا الأسبوع الفائت لإقناع الجانب الإيطالي بمسار التحقيقات في مقتل طالب الدكتوراة، جاء رد فعل إيطاليا بإستدعاء سفيرها من مصر للتشاور بهذا الأمر. وعلى نطاق أوسع أثيرت القضية بالبرلمان الأوربي الذي أصدر بيانا مطالبا فيه بإصدار قرار حول حقوق الإنسان في مصر، كما أشار البيان إلى حالات الإختفاء القسري في مصر.
وأوضح التقرير أن مقتل ريجيني فتح الباب لسرد العديد من القصص المتغاضى عنها وإلى احتمال إعادة التحقيق في عدة حوادث مشابهة فقد نشرت لوموند الفرنسية مؤخرا أن الحكومة الفرنسية تود الضغط على مصر لإعادة التحقيق في مقتل مواطن فرنسي أثناء إحتجازه بأحد أقسام الشرطة عام 2013 بحجة إختراقه لحظر التجوال المفروض آنذاك.
وأكد أشار التقرير إلى ما نشرته مجلة كوريير الايطالية ووضعت فيه صورة ريجيني كمثال لـ 735 من المواطنين المصريين الذين اختفوا منذ يناير عام 2015 حتى الآن وأوضحت المجلة أن بعضهم عاد إلى الظهور مجددا في حين لم يتضح مصير العديد منهم، والحديث عن مئات الحالات .
تحدثت ياسمين حسام الدين المحامية و عضوة حركتي "أوقفوا الإختفاء القسري" و "الحرية للجدعان" مع DW وقالت "أعمل على كثير من بلاغات الإختفاء القسري التي أصبحت تأتيني بشكل شبه يومي " وذكرت أن هناك حالات إختفاء قسري قبل الثورة أيضا لكنها ازدادت الآن وتشكل ظاهرة أمنية خطيرة، حسب قولها.
وأضافت " كل من دافعت عنهم بعد إختفائهم تعرضون للتعذيب الممنهج من خلال إستخدام الكهرباء ومواد أخرى لإجبارهم على الإعتراف. وقد اعترف بعضهم بأشياء لم يفعلها لينقذ نفسه من الموت الأكيد بسبب التعذيب ، ولا تستبعد أن تكون اجهزة أمنية وراء تعذيب جوليو ريجيني.
تؤكد حسام الدين ان حالات الاختطاف والقتل أيضا أصبحت شيئا معتادا خارجا عن نطاق القانون ، و ترجع سبب ذلك إلي قانون الإرهاب الجديد وإلى عدم متابعة ضباط الشرطة. في حديثها عن مقتل ريجيني تضيف قائلة " أي محام حقوقي يعمل على قضايا الإختفاء والتعذيب سيعرف أن الطريقة التي تم تعذيبه بها هى طريقة ممنهجة من سلطات الأمن المصرية". وعن أماكن التعذيب تقول " يتم تعذيبهم في أماكن غير تابعة رسميا للأمن الوطنى لكنها تعج بالمسجونين الذين يتم تعذيبهم يوميا"
وعلى غرار ريجيني تعرضت الباحثة فاني اوييه طالبة الماجيستير في كلية دراسات العلوم الاجتماعية المتقدمة EHESSالفرنسية إلى مضايقات بعد قيامها ببحث يتعلق بالنشاط السياسي للشباب في مصر، ثم تم ترحيلها من مصر.
من جهته اعتبر محمد عبد السلام مسؤول ملف الحريات الأكاديمية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير في لقاء مع DW وقال: "الباحثون الأجانب يتعرضون لمضايقات وملاحقات بداية من محاولة الحصول على فيزا للدراسة أو البحث العلمي ومن الصعب جدا الحصول عليها في مصر، خاصة إذا أعلن الباحث عن موضوع بحثه. واذا تعلق الأمر بالسياسة فيضطر الباحثون نهاية الأمر إلى إستخدام الفيزا السياحية والتي تسهل تنصل سفاراتهم منهم في حالة وقوعهم في مشكلات مثلما حدث مع أوييه"
ويضيف عبد السلام أن معلومات كثيرة وردت عن مضايقات لأوروبين في مصر، غير أنه لا يستطيع الإفصاح عن جنسياتهم، حفاظا على سرية مصادره و أمن الآشخاص. ويضيف: " ما يحدث للمصريين من مضايقات يحدث أيضا للأجانب بل إنهم في خطر مضاعف بسبب نظرية المؤامرة التي تضعهم دائما في خانة الجاسوس ".