ينظر إليه الناس بامتعاض واستياء شديدين، ويبتعدون عنه بسبب الرائحة التى تفوح من ملابسه التى اتسخت بسبب تنظيفه المياه الراكدة فى بالوعات الصرف الصحى، والتى من الممكن أن تكون ناتجة من أحد الساخرين أو المستاءين منه.
عبد النبى محمد، عامل بالصرف الصحى، يبلغ من العمر 47 عامًا، توارث المهنة من والده وأحبها بعد أن كانت تثير استياءه من قبل، مثله كمثل الساخرين من المهنة حاليًا، حسبما يروى لكاميرا “فيديو 7″.
يبدأ عمل عبد النبى فى حدود الساعة السادسة صباحاً، حينما يتجه من منزله فى منطقة المرج إلى عمله بمنطقة الزيتون بالموتوسيكل الخاص به حاملًا معدات “التسليك” لتطهير أى بالوعة قد تكون مسدودة فى طريقه، بعد أن يعرف خط سيره من مديريه بالشركة.
يبدأ عبد النبى رحلته فى مجاراة المخاطر وشم الروائح الكريهة، والغازات السامة، التى قد تعرض حياته للهلاك، وليس هذا كل شىء، فقد يتعرض أيضا للتلوث والمخاطر الأخرى التى يتسبب فيها المواطن الذى لا يعلم مدى خطورة إلقائه المخلفات الصلبة بمجرى الصرف الصحى.
اشتهر عامل الصرف الصحى، حسبما يقول عبد النبى بـ”غطاس المجارى، بسبب نزوله داخل بعض البيارات مربوطا بحبال قوية بينما يساعده بعض زملائه للنزول داخلها لتطهيرها من القاذورات، التى تمتلئ بالأشياء الغريبة مثل “الأمواس ـ الملابس الرجالى ـ الملابس الحريمى، إضافة إلى الكثير من الأشياء الغريبة”.
يتعرض عبد النبى كباقى زملائه، للعديد من المخاطر خلال عمله كل يوم والتى قد تكلفه حياته كاملة أو على أقل تقدير تصيبه بالفيروسات الخطيرة والمزمنة، مثل: التهاب الكبد الوبائى وفيروس “سى”، وأمراض الصدر بسبب الغازات المندفعة من فتح البالوعات والتى تتكون نتيجة إلقاء العقاقير والأدوية منتهية الصلاحية داخل مجرى الصرف الصحى.
بالرغم من كل المخاطر التى يتعرض لها، من سخرية أو محاولات للاعتداء من قبل البعض بسبب تعطيلهم مصالح الناس من وجهة نظرهم، إلا أنه لم يتمن يوما سوى أن ينظر إليه المجتمع نظرة احترام، قائلًا: “نفسى الناس ما تتقرفش مننا زى ما إحنا ما بنتقرفش من قرفهم”.
وعن أولاده رفض أن يسلك أحدهم المهنة نفسها، وأكد ذلك فى ختام حديثه لكاميرا “فيديو 7″ بقوله: “مش عايز ولادى يشتغلوا الشغلانة دى كفاية لحد كدة”، كما طالب بأن يكون هناك تأمين صحى أفضل لعمال الصرف الصحى وخاصة أنهم يتعرضون لمخاطر عديدة بسبب عملهم مع الملوثات.