ما حكم زكاة الحلى؟، سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، وجاء رد المركز كالآتى: "لا خلافَ بين الفقهاء أنَّ حُلِى المرأة مِنْ غير الذهب والفضَّة لا تجب فيه الزكاةُ، مثل: اللؤلؤ والمرجان والياقوت ونحوِها مِنَ الأحجار النفيسة، وإنما وقع الخلاف فى حُلى الذهب والفضة للنساء".
وأضاف المركز، فى رده المنشور عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، "فقد ذهب السادة الأحناف إلى وجوب الزكاة فيه مُطلَقًا سواء كان معدًّا للاستعمال أم للتجارة، إذا بَلَغ النِّصابَ وحَالَ عليه الحولُ الهجريُّ؛ وذلك لعموم الأدلة الواردة فى الذهب والفضة، ولأحاديث خاصة بالحُليِّ"، منها:
1- أن امرأتين جاءتا لرسول الله _صلى الله عليه وسلم _ وفى أيديهما سُوَارَان من ذَهَب، فقال لهما: "أتُحِبَّان أن يُسوِّركما الله يوم القيامة أساور من نار"؟ قالتا: لا، قال: "فأَدِّيَا حق هذا الذى فى أيديكما" [رواه الترمذي].
2- وعن أسماء بنت يزيد قالت: دخلت أنا وخالتى على النبى _صلى الله عليه وسلم _، وعلينا أَسْوِرَة من ذهب، فقال لنا: "أتُعْطِيَان زكاتَه"؟ قالت: فقلنا: لا، قال: "أما تخافان أن يُسوِّركما الله أَسْوِرَة من نار؟ أَدِّيَا زكاته " [رواه أحمد].
3- وعن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت: دخل على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرأى فى يدى فتْخات من وَرِق ـ خواتم كبارًا من فضة ـ فقال لى "ما هذا يا عائشة"؟ فقلت: صنعْتُهن أتزيَّن لك يا رسول الله، فقال "أتؤدِّين زَكاتهن" ؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال "هى حسْبك منَ النَّار" [رواه أبو داود]، والمعنى: لو لم تُعذَّبى فى النَّار إلا من أجل عدم زكاته لَكَفَى.
وقال الإمام الكاسانى الحنفى: [.. وَلِأَنَّ الْحُلِى مَالٌ فَاضِلٌ عَنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ إذْ الْإِعْدَادُ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّزَيُّنِ دَلِيلُ الْفَضْلِ عَنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَكَانَ نِعْمَةً لِحُصُولِ التَّنَعُّمِ بِهِ فَيَلْزَمُهُ شُكْرُهَا بِإِخْرَاجِ جُزْءٍ مِنْهَا لِلْفُقَرَاءِ... وَسَوَاءٌ كَانَ يُمْسِكُهَا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ لِلنَّفَقَةِ، أَوْ لِلتَّجَمُّلِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا]. [(بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع) (2/17، ط/2، دار الكتب العلمية)].
كما ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم وجوب الزكاة فيه؛ على شرط أن يكون مُعدًّا للاستعمال والزينة، وأن يكون فى حد المعقول الذى لا إسراف فيه؛ ولهم أدلة على ذلك، منها:
- ما رواه البيهقى أن جابر بن عبد الله سُئل عن الحُليِّ: أفيه زكاة ؟ قال: لا، فقيل: وإن كان يبلُغ ألف دينار؟ فقال جابر: أكثر.
- وما رواه البيهقى أيضًا أن أسماء بنت أبى بكر كانت تُحلِّى بناتها بالذَّهب ولا تُزكِّيه، نحوًا من خمسين ألفًا، وروى مالك فى الموطأ أن عائشة كانت تَلِى بنات أخيها اليتامى فى حِجْرها، لهن الحلى فلا تُخرج من حُليهن الزكاة.
وقال ابن قدامة: (ولَيسَ فِى حُلِى الْمَرْأَةِ زَكَاةٌ إذَا كَانَ مِمَّا تَلْبَسُهُ أَوْ تُعِيرُهُ) هَذَا ظَاهِرُ المَذهَب. وَرُوِى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَسْمَاءَ -رَضِى اللَّهُ عَنهُم- وَبِهِ قَالَ القَاسِمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَمْرَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَورٍ..[ المغنى (3/41)، مكتبة القاهرة[.
وأضاف "وبناءً عليه: فالحُلى الُمتخذ للاستعمال الشخصى أى للزينة لا تجب فيه الزكاة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وهو المختار للفتوى، ومن أخذ برأى الأحناف فلا حرج عليه؛ فالخروج من الخلاف مستحب.. والله تعالى أعلى وأعلم".