رحل الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء ووزير الأوقاف الأسبق، عن عالمنا عن عمر يناهز الـ89 عاما، بعد صراع مع المرض تلقى العلاج خلاله فى مصر وألمانيا، ضمن كتابه رحلة حياة بأجزائه الثلاثة إلا المشهد الأخير فى أخر فصول حياته، وهو مشهد رحيله اليوم.
وللدكتور زقزوق قصة حياة استحقت أن يخلدها كتاب بخط يده لما له من تاريخ فلسفى وعلمى فى مواجهة الرجعيين والمتزمتين والملحدين أنتمى خلالها إلى مدرسة التجديد التى انتجها الأزهر على يد العلامة محمد عبده، توجت بجلوسه على مقعد وزير الأوقاف بعد لقاء تلفزيونى ناقش خلاله قضايا فكرية رشحته بقوة إلى منصب الوزير فيما يزيد عن عقد ونصف من الزمان وحتى عام 2011.
والدكتور زقزوق حالة خاصة من عدة أبعاد حيث درس للإمام الأكبر أحمد الطيب الفلسفة الإسلامية فى مرحلة الدراسات العليا، ثم غادر ليعلمها للباحثين فى ألمانيا التى تزوج منها زوجته المسلمة وأنجب منها ابنته الوحيدة وهى طبيبة، حيث يحكى نجل أخته سعيد الأتربى أن زوجته الألمانية أكثر إيمانا من أى حد، حيث تصوم كل الأيام حال سفر زوجها للعلاج حتى يعود إليها سالما وتظل تدعو الله لتعلقها به.
وينسب للدكتور زقزوق اطلاق قضايا التجديد وموسوعاات الفكر الإسلامى، وتربية جيل من نجوم الدعاة الشبان الذين شغلوا الساحة الإسلامية والإعلامية.
وكان زقزوق يرفض الحصول على بدل التمثيل فى الرحلات الخارجية والحج ويرفض تناول حتى مشروباته على نفقة الوزارية ويقضى حوائجه عبر نجل أخته سعيد الأتربى الذى يتخطى سن الستين.
ويعبر زقزوق عن جيل الكبار والمتفلسفين، حيث يعرف بالوزير الفيلسوف، من الراسخين فى علوم الفكر ويمتاز بالرد العقلى على مناهضى الاسلام والمغالين فيه، وكانت تجمعه علاقة طيبة بمفكرى الغرب وعلمائه بالداخل مثل الشعراوى ومحمد سيد طنطاوى، والإمام الطيب الذى خرج لاستقباله يوم ولى مشيخة الأزهر على الباب، وقال استقبل أستاذى زقزوق حيث عمل الأخير بتعاون شديد تحت رئاسة تلميذه.
والدكتور محمود حمدى زقزوق عين مدرسا للفلسفة الإسلامية بكلية أصول الدين جامعة الأزهر - عام 1969، كما عمل أستاذ مساعد - عام 1974، وعمل أستاذ - عام 1979، ثم وكيلاً لكلية أصول الدين بالقاهرة ورئيس قسم الفلسفة والعقيدة (1978- 1980).
كما عين زقزوق، عميداً لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في الفترة من عام (1987وحتى 1989)، ومن عام (1991حتى 1995)، ثم نائبًا لرئيس جامعة الأزهر - عام 1995، إلى أن تم تعينه وزيرًا للأوقاف عام 1996.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، كرم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الدكتور محمود حمدي زقزوق، المفكر الإسلامي، ووزير الأوقاف الأسبق، في نهاية يناير الماضي، بمؤتمر تجديد الفكر الديني الذي عقده الأزهر الشريف، تقديرًا لجهوده في تجديد الفكر الإسلامي، وتعزيز السِّلم، ونشر سماحة الإسلام. وأكد سعيد الاتربى نجل اخته ان الاسرة لا تتحرك فيما يخص الراحل الا بعد مشورة الامام الاكبر، مؤكدا أنه من المقرر أن تقام صلاة الجنازة والعزاء في مقابر العائلة بالمقطم.
وتوجه وفد من أئمة وعلماء الأوقاف للمشاركة في تشييع جنازة الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
وقال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الاوقاف، " إنا لله وإنا لله راجعون " باسمي وباسم جميع العاملين بالأوقاف ننعى بخالص الأسى والحزن الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق ، ونتقدم لأسرته بخالص العزاء، سائلين الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته جزاء ما قدم في خدمة الإسلام والمسلمين ، مؤكدين أن الأمة قد فقدت عالما ومفكرا كبيرا مستنيرا ، سائلين الله عز وجل أن يتقبل صالح أعماله و أن يغمره بعميم رحمته ، وأن يلهم آله وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان.
ومن كافة دول العالم بدأت برقيات التعازى تفد الى الازهر الشريف تتلقى العزاء وتقدمه بقلوب مؤمنة بقضاء الله، وراضية بحكمه. وفى البداية تقدم الدكتور علي النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، والأمين العام الدكتور محمد بشاري، وكل أعضاء المجلس ببالغ الحزن والأسى لنعي المرحوم - بإذن الله – عضو هيئة كبار العلماء، وزير الأوقاف الأسبق د. محمود حمدي زقزوق سائلين المولى عز وجل، أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وأن يلهمنا جميعاً جميل الصبر والسلوان متقدمين بخالص العزاء لأسرته، وللعالم الإسلامي بأكمله لفقدان علم من أعلامها، كرس حياته العلمية والأكاديمية والسياسية في خدمة المسلمين، ونشر الوعي وصون اللحمة الوطنية المصرية.