اعتمد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الإثنين 6/ 4/ 2020م النسخة النهائية لكتاب: "خطورة التكفير والفتوى بدون علم "، وهو خلاصة نخبة من الأبحاث العلمية المتميزة المقدمة للمؤتمرين الدوليين: الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذى عقد بالقاهرة تحت عنوان: (خطورة الفكر التكفيري والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية) ، والرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي عقد بالقاهرة تحت عنوان : (عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه: طريق التصحيح) .
وتضمن الكتاب أهم توصيات المؤتمرين والعديد من الأبحاث الهامة في موضوع خطورة التكفير والفتوى بدون علم وبيان وسطية الإسلام. قال الدكتور محمد مختار جمعة فى مقدمة الكتاب، "إلى كل محبي السلام في العالم نبعث من أرض مصر الكنانة بهذه الرسالة رسالة التسامح والسلام، الرافضة لكل ألوان التشدد والتطرف، حيث يعاني العالم بأسره من موجات التشدد باسم الدين، واقتحام غير المتخصصين لساحات الدعوة والفتوى، وتوظيف الدين لأغراض سياسية، مما جعلنا نقرر وبقوة النأي بالدعوة والفتوى معًا عن أي توظيف سياسي أو صراعات حزبية أو مذهبية تتاجر باسم الدين أو تستغل عاطفة التدين لتحقيق مصالح خاصة، حتى لو كان ذلك على حساب الدين وسائر القيم الأخلاقية والإنسانية.
وقال الوزير:" الذى لا شك فيه أن أي موجات للتشدد أو العنف أوالإرهاب أو الإسراع في التكفير إنما تنعكس سلبًا على قضايا الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا من جهة، وعلى علاقاته الدولية من جهة أخرى، حيث يصبح الخوف من انتقال عدوى التشدد هاجسًا كبيرًا لدى الأوطان والدول الآمنة المستقرة، في وقت صار العالم فيه قرية واحدة، ما يحدث في شماله يؤثر في جنوبه، وما يكون في شرقه تجد صداه في غربه، بل إن تأثير الجهات الأربع يتداخل ويتوازى ويتقاطع بشدة في ظل معطيات التواصل العصري عبر شبكات التواصل المتعددة التي لم يعد بوسع أحد تفادي أصدائها وتأثيراتها.
ولفت الوزير، إلى تحذير العلماء من خطورة إطلاق التكفير دون دليل قاطع، فقال الإمام الشوكاني (رحمه الله): إن الحكم علىالرجل المسلم بخروجه من دينه ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضحَ من شمس النهار. وفي التأكيد على خطورة التكفير والتحذير من إطلاقه بدون حق لفت الوزير الى قول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "أَيُّمَا امْرِئٍقَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَوَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ"(أخرجه البخاري ومسلم).
وأشار الوزير، إلى أن روح التسامح والوعي بمقتضيات فقه التعايش من خلال المشتركات الإنسانية والتواصل الحضاري في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب من جهة، وبين أبناء المجتمع الواحد من جهة أخرى، إنما تنعكس إيجابًا على المصالح العليا للوطن منحيث الأمن والاستقرار، والتقدم والرخاء، بما يؤدي إلىمستقبل أفضل ، والرقي إلى مصاف الأمم المتقدمة ؛فأكثر الدول إيمانًا بالتنوع هي أكثرها أمنًا وأمانًا واستقرارًا ورقيًّا وازدهارًا، أما الدول التي وقعت فيفوضى الاحتراب والاقتتال الديني أو العرقي أو المذهبي دخلت في دوائر مرعبة من الفوضى والدمار.
وأكد الوزير، أن اقتحام غير المتخصصين لعالم الدعوة، وتصدرهم بغير حق لمجال الفتوى أدى إلى كثير من الضلال والإضلال والانحراف، وصدق نبينا (صلى الله عليه وسلم) ؛ إذ يقول :"إِنَّ الله لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًايَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حتى إذا لم يجدالناس عالمًا اتخذوا رُءُوسًا جُهَّالا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍفَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" (صحيح البخاري).
قال الوزير، لهذا كله كان اختيارنا لقضية :"خطورة الفكر التكفيري والفتوى بدون علم وأثره على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية " موضوعًا للمؤتمر الدولي الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة، قصدَ تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى كثير من الشباب والجماعات المتطرفة التي اتخذت من تكفير الآخر أوتخوينه أو اتهامه في دينه أو وطنيته وسيلة لاستباحة الدماء والأموال ، والاعتداء على الآمنين أو حراس الوطن وحماته، والإفساد في الأرض: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ "(البقرة:205) ، كما اخترنا عنوان: "عظمة الإسلاموأخطاء بعض المنتسبين إليه" عنوانًا للمؤتمر الدولي الرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، قصد بيان بعض أوجه العظمة في ديننا الحنيف، وما نالهجرَّاء أخطاء بعض المنتسبين إليه، وحتمية العمل الجادعلى تصويب هذه الأخطاء.
وقالت وزارة الأوقاف أن الكتاب من تأليف نخبة مختارة منأبحاث هذين المؤتمرين، قدمنا لها بأهم توصياتهما، آملينأن نقدم ذلك حلولًا منطقية وإسهامًا جادًّا فى القضاء على الفكر التكفيرى، ونبذ كل ألوان العنف والتشدد وفوضى الفتاوى بغير علم أو اختصاص، كما نؤمل أنيسهم ذلك – أيضًا – فى تعزيز روح التسامح الدينيوالإنسانى، وأن يؤسس لاعتماد صوت الحكمة والعقل والسماحة والتيسير منهجًا للدعوة والفتوى، وأن يشكلهذا وإضافة حقيقية للمكتبة الدينية والفكرية والإنسانية فى موضوع خطورة التكفير والفتوى بدون علم.