قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن ديننا دين مكارم الأخلاق، ورسالة نبينا مبنية على حسن الخلق، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ " (مسند البزار)، وفى رواية: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ حُسْنَ الأَخْلاَقِ" (موطأ مالك)، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِى صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ "(صحيح مسلم) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَى وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا" (سنن الترمذي)، ولما سئل (صلى الله عليه وسلم): ما أكثر ما يدخل الجنة ؟ قال (صلى الله عليه وسلم): "أَكْثَر مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ تَقْوَى الله وَحُسْنُ الْخُلُقِ" (مسند أحمد).
وتابع جمعة فى مقال له اليوم: "وشهر رمضان خاصة هو شهر مكارم الأخلاق يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :"الصيامُ جُنة، وإذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّه ُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ" (رواه مسلم) ، ومعنى (جُنة) أى وقاية يقى صاحبه من الزلل فى الدنيا ومن عذاب الله يوم القيامة ، فإذا لم يكن وقاية لصاحبه فى الدنيا من الوقوع فى المعاصى ، فصاحبه على خطر أن يقع فى دائرة قول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ"(رواه النسائي)".
وأضاف جمعة: "وبعض العامة قد يُستفزُّ فى رمضان ، فيقول آخر دعه فإنه صائم وأخلاقه ضائقه، وكأن الصوم ُيضيِّق الأخلاق لا يوسعها مع أن الأمر على العكس من ذلك ، حيث يؤكد الحديث الشريف على ضبط الصائم لسلوكه وألفاظه ، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إنى صائم، وقد وردت كلمة "سابَّه " وكلمة "قاتله" بصيغة المفاعلة للتأكيد على رباطة جأش الصائم ، ومهما حاول أحد أن يستفزه بالمساببة أو المشاتمة استمسك بما يمليه عليه صيامه فقال "إنى صائم ، إنى صائم" فالعبادات تهذب السلوك والأخلاق ، وتقومها وتنهى صاحبها عن الفحشاء، والمنكر".
وتابع جمعة: "ونؤكد أن حسن الأخلاق وحسن التعامل مع الخلق دليل على صحة العلاقة وصدق النية مع الخالق (عز وجل) ، أما سوء الأدب مع الخلق فهو أيضًا سوء أدب مع الخالق ، لأن الخالق هو من أمرنا بمكارم الأخلاق، ورمضان هو شهر الصبر ، وشهر الحكمة ، وشهر الصدق ، وشهر العفو ، وشهر الصفح، وشهر الكرم ، وشهر الأدب ، وشهر القرآن الذى هو مناط مكارم الأخلاق ، وقد سُئلت السيدة عائشة (رضى الله عنها) عن أخلاقه (صلى الله عليه وسلم) فقالت : "كان خلقه القرآن"، ولما عاد نبينا (صلى الله عليه وسلم) إلى السيدة خديجة (رضى الله عنها) عند بدء نزول الوحى عليه يقول "زملونى زملوني" قالت : كلَّا! والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق".
واختتم وزير الأوقاف مقاله: "هذه هى أخلاق ديننا وأخلاق نبينا (صلى الله عليه وسلم) : إكرام الضيف ، وصلة الرحم ، وإعانة المحتاج، وإغاثة الملهوف، وسائر مكارم الأخلاق ،وإذا كانت هذه هى أخلاق الإسلام بصفة عامة، فإن الاستمساك بها فى هذا الشهر العظيم أولى ، فقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس ، غير أنه كان أجود ما يكون فى رمضان، لما فى هذا الشهر العظيم من الخير والبركات ومضاعفة الحسنات".