آخر ما قاله قبل وفاته "اللهم إنك تعلم أنني لم أجر في حكم بين اثنين واجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك
بعد مجيء الإسلام، وبعد أن مكن الله لهذا الدين، كان لازما وحتما أن يكون لهذا الدين نظام اجتماعي عادل يحتكم إليه المجتمع، ويحتمى به من بطش الظالمين والمعتدين، فكان ثمرة الإسلام غلغل العدل في نفوسهم فأظهروه في أحكامهم، وفقهوا واقع الناس وملابسات الحوادث فأسهموا في إعادة الحقوق إلى أصحابها في أقرب وقت، فهم نماذج مضيئة لقضاة اليوم من أبناء الإسلام في أي مكان، وعليهم الأخذ بسننهم والاقتداء بأحكامهم، ليتحقق العدل على أيديهم، ويسود الأمن والأمان للناس في وجودهم، وتسعد الدنيا بهم.
من هؤلاء القضاة:أبو يوسف يعقوب تلميذ الإمام أبى حنيفة النعمان
أحد تلاميذ الإمام أبى حنيفة النعمان، ولد في عام (113 هـ-182 هـ/ 731 798 م) في مدينة الكوفة، هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، لقب بــ"القاضي أبو يوسف الإمام المجتهد العلامة المحدث قاضي القضاة، توفي في عصر هارون الرشيد سنة 182 هـ.
ولد القاضي "أبو يوسف" لأسرة فقيرة في مدينة الكوفة، له حانوت ضعيف، فكان أبو حنيفة يتعاهد أبا يوسف بالدراهم مائة بعد مائة، روى علي بن حرملة التيمي عنه قال "كنت أطلب العلم وأنا مقل فجاء أبي فقال، يا بني لا تمدن رجلك مع أبي حنيفة فأنت محتاج فآثرت طاعة أبي فأعطاني أبو حنيفة مائة درهم وقال، الزم الحلقة، فإذا نفذت هذه؛ فأعلمني، ثم بعد أيام أعطاني مائة، ويقال إنه ربي يتيما، فأسلمته أمه قصارا.
توفى أبو يوسف وهو يقول "اللهم إنك تعلم أنني لم أجر في حكم حكمت فيه بين اثنين من عبادك تعمدًا، وقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك، وكلما أشكل علي أمر جعلت أبا حنيفة بيني وبينك".
ويقول بشر بن الوليد توفي أبو يوسف الخميس من ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومئة، ومات الفقيه أبو يوسف، فحزن عليه الناس جميعًا، وقال صديقه أبو يعقوب الحريمي "اليوم مات الفقيه".
أشهر مؤلفاته:
كان أبو يوسف أول من ألف الكتب في مذهب أبو حنيفة، وله عدة مصنفات منها:الخراج، الرد على سير الأوزاعي، اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، الآثار.